بلدة مقنيات .. عبق التاريخ وجمال الطبيعة

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تُعدُّ بلدة «مقنيات» واحدة من الجواهر المخفية في سلطنة عُمان، حيث يتداخل عبق التاريخ مع لمسات الحاضر المتلألئة. تقع هذه البلدة العريقة في ولاية عبري، محاطة بجبال متعددة الألوان وتاريخ حافل، لتستقبل زوارها بكرم أهلها ودفء ضيافتهم. في جعبتها قصصٌ عن شجرة المانجو التي غزت أراضيها، وأفلاجها التي تروي الأرض، ومعالمها التاريخية التي تروي حكايات الأجداد. تعالوا نغوص في تفاصيل هذه البلدة الساحرة، ونكتشف معًا مقوماتها السياحية وأحلام أهلها في مستقبلٍ مشرق.

تبعد بلدة «مقنيات» بولاية عبري عن مركز مدينة عبري حوالي 50 كيلومترا والطريق المؤدي إليها سالك وممهد والشخص الراغب في زيارتها عليه أن يسلك طريق عبري - الرستاق إلى أن يصل إلى دوار هجيرمات سيجد لافتة مكتوبا عليها «مقنيات»، فينعطف بسيارته إلى جهة اليمين وبعد مسافة تقدر بحوالي 15 كيلو مترا سيصل إلى البلدة العريقة.

منجزات

يقول محمد بن سعيد الكلباني: «عند زيارة بلدة «مقنيات» العريقة، التي تُعرف قديما وحديثا وتزخر بالمنجزات عبر العصور، لا يمكن للزائر أن يمر عليها مرور الكرام، بل تأخذه مخيلته إلى تاريخها وحصنها الأسود وقلاعها وأبراجها، بالإضافة إلى مناظرها الطبيعية الخلابة من جبال ووديان ومياه وأشجار. هذه المعالم تؤثر في النفس وتشجع الزائر على السير نحو بلدة «مقنيات»، المحبوبة من قبل أهلها. ويضيف: «الزائر سيلاحظ الإنجازات المحققة على أرض الواقع، التي تحكي قصة النهضة المستدامة في سلطنة عُمان، فالشواهد واضحة والعمران يمتد على جانبي الطريق، والمنطقة الصناعية في بلدة الحومانية، التي تُعتبر واعدة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، شهدت جهودا حكومية لإنشاء شوارع داخلية وتوفير خدمات الكهرباء، وهي في انتظار لوائح إرشادية على الشوارع العامة لتسهيل وصول المستثمرين ورجال الأعمال. وهي المنطقة الصناعية الوحيدة من ولاية الرستاق حتى بلدة «مقنيات»، بمسافة تقارب 70 كيلومترا.

ويتابع: «بلدة «مقنيات» تشتهر بأفلاجها، مثل فلج القرواني والمدق وفلج العين والبدعة والمحيدث، كانت في السابق منطقة زراعية تُعرف باسم القري، التي تبعد حوالي 14 كيلومترا، حيث كان الأهالي يزرعون القمح والشعير باستخدام مياه الأفلاج. ومع العصر الزاهر، برزت «مقنيات» بحلة جديدة، حيث ازدهرت بالشوارع والمدارس والمساجد والبيوت التي تمتد لأكثر من 14 كيلومترا من البلدة إلى بلدة الحومانية ثم بلدة هجيرمات.

وأوضح الكلباني أن الزائر الذي يدخل بساتين بلدة «مقنيات» سيجد أنواعا متعددة من النخيل، مثل النغال والفرض والخنيزي والخصاب، بالإضافة إلى أشجار الموز والليمون والمانجو. وشجرة المانجو، التي تذكرها الكتب وتغني بها السفن في رحلاتها من الهند إلى «مقنيات» أيام دولة النباهنة. كما سيشاهد الزائر حصن الأسود شامخا في البلدة، ولكنه بحاجة إلى الترميم والتجديد ليظل أثرا خالدا يروي قصة بلدة «مقنيات» وعراقتها في سلطنة عُمان».

القنوات المائية

وأما ذبيان بن صالح الجابري فيقول: لقد سميت بلدة «مقنيات» العريقة بولاية عبري بهذا الاسم وذلك على حسب أشهر الأقوال لكثرة القنوات المائية التي توجد فيها وهذا القول تؤيده الكثير من الشواهد والأدلة، ومن أهمها ما يتميز به وادي مقنيات من وفرة كثيرة للمياه وخاصة وقت الأمطار والخصب منذ بدايته وحتى منتهاه في أطراف البلدة تتعدد فيه الأحواض المائية والغيول المتدفقة بغزارة مياهها العذبة، بالإضافة إلى ذلك تعدد الأفلاج والعيون في البلدة وبذلك يكون الاسم الذي اشتق لها مطابقا لواقعها الإستراتيجي والحضاري، وتعتبر بلدة «مقنيات» من القرى المهمة والكبيرة التابعة لولاية عبري بمحافظة الظاهرة وهي تقع في جانب الشمال الشرقي من مركز مدينة عبري وتبعد عنها حوالي 45 كيلو مترا، وتحيط بها العديد من القرى والبلدات ومن أهمها: قرية بلاد الشهوم والبليدة وحيل بني غريب وشميت والرسة، وتتنوع الأعمال التي يعمل فيها أهل البلدة، فهناك فئة لا بأس بها تعمل في حرفة الزراعة وحرفة التجارة وتربية الماشية، وهذا يتناسب مع الطبيعة الجغرافية التي تتميز بها بلدة «مقنيات»، وفئة أخرى من أهل البلدة تعمل في بعض الوظائف الفنية والإدارية في القطاعين العام والخاص، وكان بعض الأجداد والآباء يمتهنون بعض الحرف التقليدية التي تأخذ الطابع اليدوي في صناعتها مثل صناعة بعض المنتوجات من جذور وسعف النخيل وكذلك من جلود الحيوانات وغيرها».

ويتابع قائلا: إن بلدة «مقنيات» تشتهر بالعديد من المعالم الحضارية تحكي تراثا عريقا خلفه الأجداد ومن تلك المعالم الحضارية حصنها المسمى بالحصن الأسود الذي يبرز مهارة العمارة العمانية في الماضي، فالحصن يتميز بالعديد من المميزات في هندسة العمارة من حيث اختيار موقعه الاستراتيجي وتخطيطه الهيكلي والأهداف التي يحققها للبلدة وساكنيه، ومن المواقع الحضارية أيضا الحارات القديمة التي تبرز أساليب الحياة التي كان يعيشها أجدادنا والمهارة الفائقة في تشييد تلك المساكن ذات المنظر الرائع والتخطيط الحكيم في بنائها واستخدامها، وأيضا من المعالم الحضارية السلسلة الجبلية التي تحيط بالبلدة والتي تعطيها منظرا جماليا خلابا وموقعا استراتيجيا مهما للساكنين فيها والسائحين ومحبي المغامرة.

وأوضح أن البلدة حظيت بمركز صحي متكامل يقدم الخدمات الصحية الأولية للمحتاجين لها وعمت أيضا خطوط الكهرباء والهاتف جميع الأحياء السكنية بالبلدة مع رصف الطريق الرئيسي الذي يربط البلدة بالشارع العام الذي يربطها بمركز مدينة عبري، وفي الفترة الأخيرة أنشئ مركز الوفاء لتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة «بمقنيات» ويستقطب ذوي الإعاقة لتلقي الرعاية اللازمة.

طموحات ومتطلبات

عبر أهالي «مقنيات» عن طموحاتهم، منها أنهم يأملون في إعطائها الأولوية في التنفيذ في قادم الأيام وتتمثل في أهمية ترميم حصن الأسود الذي يعتبر معلما تراثيا وحضاريا مهما، فإن ما أصابه من التلف في مختلف أبنيته الشيء الكثير وقد أصبح مقلقاً لأهالي البلدة، والترميم سيعود بمنافع اقتصادية وتنموية كبيرة لسكان البلدة وسيستقطب سائحين بأعداد كبيرة، إضافة إلى أهمية عمل جسر أو عبارات صندوقية للطريق الذي يقطعه الوادي في منتصف البلدة بين خطوتي الحاجر والجناة، فالوضع الحالي وعند جريان الوادي يشكل صعوبة وعائقا كبيرا لمستخدميه من داخل البلدة والمناطق المتصلة بها وكذلك يعيق الاستفادة من خدمات المركز الصحي بالإضافة إلى تأثر السيارات بكثرة الأعطال الفنية من عدم استواء الطريق عند هبوط الوادي بغزارة، وأهمية إعطاء المخططات السكنية في البلدة الأولوية في رصف الطرق الداخلية، فأغلب الطرق الحالية التي توصل وتحيط بالمساكن ترابية وتؤثر على حركة السيارات وصحة الناس لتطاير الأتربة، وإصلاح الطريق الرئيسي الموصل لخطوة الحاجر، ففي وضعه الحالي يشكل خطورة من خلال وجود حفر عميقة على جنبات الطريق، مما يعرض السيارات للسقوط في تلك الحفر وقد حصلت حوادث عديدة بسبب الحفر، كما تجب إنارة الشارع العام الرابط بين البلدة والشارع العام المؤدي لمركز ولاية عبري، بالإضافة إلى إنشاء سد لوادي البلدة، وقد سبق للمواطنين رفع موضوع السد للجهة المختصة، وذلك لأن السد مهم جدا لأنه سيساعد في حل مشكلة الجفاف التي تعاني منها البلدة عند انقطاع المطر، خاصة أن كمية المياه التي تنزل في الوادي كبيرة جدا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق