مبادرات تطوعية تدعم الخطط والمشاريع الحكومية بنزوى

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تتضافر الجهود الأهلية التطوعية بولاية نزوى لتساند الجهود الحكومية في تنفيذ مشاريع متنوّعة تُسهم في التنمية الحضارية والتنموية، حيث قدّمت بعض الفرق الرياضية والفرق الخيرية والأهالي ملحمة من التعاضد والتعاون دون انتظار المشاريع الحكومية، إذ حفلت بعض القرى بمجموعة من المشاريع المتنوّعة كمشاريع إنارة الأحياء، ومشاريع تبليط الطرقات والممرات بين المساكن بالطابوق المتشابك «الإنترلوك»، وكذلك تهيئة بعض المماشي بين بساتين النخيل لممارسة رياضة المشي بأريحية، وخاصة للنساء وكبار السن.

وفي التقرير التالي نستعرض جملة من التجارب التي سطّرها أبناء الولاية، حيث نبدأ من قرية السويق التي شهدت إحياء للحارة القديمة من خلال تشكيل لجنة من الأهالي، وبجهودهم الذاتية لتطوير وتجميل الحارة القديمة، التي تتضمن الكثير من البيوت القديمة والمباني الأثرية والأبراج الدفاعية التي تحيط بالحارة، وذلك حفاظًا على تاريخها التليد ودورها الذي لعبته طوال الفترات الفائتة من التاريخ العُماني. إذ لاحت فكرة لأهالي الحارة بأهمية الحفاظ على ما تبقّى من بيوت ومآثر قبل أن تصل إلى مرحلة الاندثار، خاصة وأن الحارة تتميّز بطابع معماري فريد. وقد تم تشكيل فريق لدراسة مقترحات التطوير، وفق ما يوضّح سعيد بن حمد بن سليمان الكندي، المشرف على المشروع، حيث تم أخذ المقترحات ودراستها، ثم البدء بالبحث عن مصادر التمويل، وتضافرت الجهود لإخراج المشروع إلى حيّز الوجود.

تم تنظيف الحارة في البداية، ثم البدء بمرحلة تغطية الطرق الداخلية بالطابوق المتشابك «الإنترلوك» ذي الألوان الجاذبة، للحفاظ على هذه الطرق في حالة الحاجة لأي تطوير مستقبلي، حيث أتاح ذلك إضفاء لمسة جمالية للطرقات، بعد أن كانت هذه الطرق ممتلئة بالأتربة والمخلّفات. كما تم تنظيف البيوت القديمة غير المأهولة من المخلّفات، والتنسيق مع أصحابها لوضع حماية للآبار بهذه المنازل، وإزالة الأشجار الميّتة، حيث أصبحت الحارة بعد هذه الأعمال مزارًا ومقصدًا للكثيرين من محبي التاريخ والآثار.

كما تم تمديد الكابلات الكهربائية من أجل مشروع الإنارة، الذي شمل أيضًا المنازل الحديثة، حيث غطّت الإنارة أرجاء المحلة بكاملها من خلال تركيب قرابة 100 عمود إنارة بالتعاون مع بلدية الداخلية، وتركيب أجهزة التحكم في توقيت الإشغال والإطفاء، الأمر الذي أضفى الجانب الجمالي لكامل المحلة خلال الفترة المسائية، وأتاح للسكان سهولة الحركة وممارسة رياضة المشي خلال فترة الليل، وقد تجاوزت التكلفة الإجمالية لهذا المشروع حاجز الـ80 ألف ريال عماني.

مشاريع فريق «درب العطاء»

أما فريق درب العطاء للأعمال التطوعية، الذي تأسس قبل عشرة أشهر بعضوية شباب من الولاية، فقد وضع خطة طموحة، رؤيتها أن يكون الفريق نموذجا رياديا في تحسين البنية الأساسية المجتمعية من خلال العمل التطوعي، والمساهمة في توفير طرق آمنة ومريحة، وتعزيز ثقافة المشاركة المجتمعية في تطوير المدن والقرى، ويخدم الفريق قرى متعددة تبدأ من ضوت مرورًا بالغنتق وما جاورها، وصولا إلى منطقة غاف الشيخ المترامية.

يقول سعود بن سالم الفرقاني، المشرف على الفريق: إن رؤية «درب العطاء» هي رسالة مجتمعية هدفها تقديم جهود تطوعية مستدامة تهدف إلى صيانة الطرق وتوسيعها، وإنشاء المماشي، مما يسهم في تحسين جودة الحياة، وتسهيل التنقل، وتعزيز سلامة المشاة، وذلك من خلال التعاون مع الجهات الرسمية والمجتمع المحلي.

وقال: «مع تشكيل الفريق، وضعنا جملة من الأهداف لتعضيد دور الجهات الحكومية، وعدم انتظار مشاريع هذه الجهات. ومن أهم أهدافنا: صيانة وتحسين الطرق لضمان سلامة المركبات والمشاة وتقليل المخاطر المرورية، إضافة إلى توسعة الطرق الحيوية لتخفيف الازدحام وتحسين انسيابية الحركة المرورية، وكذلك إنشاء ممرات للمشاة لتعزيز السلامة وتشجيع نمط حياة صحي، وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على البنية الأساسية والمشاركة في تطويرها، كما نسعى للتعاون مع الجهات المختصة لضمان تنفيذ المشاريع وفق المعايير الهندسية المعتمدة، وتشجيع العمل التطوعي، وتعزيز روح المسؤولية الاجتماعية بين أفراد المجتمع، ونشدد على أهمية استخدام المواد المستدامة والصديقة للبيئة في تنفيذ المشاريع لضمان استدامتها».

وأضاف الفرقاني: «نؤمن بأن العمل التطوعي هو قوة تغيير إيجابية، ونسعى جاهدين إلى جعل مدننا وقرانا أكثر تطورا وأمانا من خلال الجهود الجماعية والتعاون المستمر، حيث تنوعت مشاريع الأهالي بين توسعة الطرق في الأزقة الضيقة، وتبليط الطرق والمماشي، وتسوير المقابر، وإنارة الطرق، وشق قنوات لتصريف مياه الأفلاج الزائدة عن الحاجة، حيث بلغت جملة تكلفة المشاريع التي تم تنفيذها حتى الآن قرابة 80 ألف ريال عماني، بمشاركة الأهالي وعدد من الداعمين الأساسيين، مع تعاون بعض الشركات كمجموعة الداخلية للمنتجات الإسمنتية، وقبس للمجوهرات، وحلوى الغضيب، وحلوى السيفي، ومؤسسة محمد بن راشد الحوقاني التجارية».

الطاقة الشمسية تنير ردّة البوسعيد

وننتقل إلى مشروع مميز آخر، وهو مشروع الإنارة بالطاقة الشمسية، حيث يصفه المهندس أحمد بن زايد البوسعيدي بأنه «نور يربط الماضي بالحاضر وسط بساتين النخيل»، إذ جاء المشروع في خطوة تنموية تهدف إلى تعزيز البنية الأساسية وتحسين جودة الحياة في المناطق الزراعية، ويُقام المشروع في وسط أراضٍ زراعية كثيفة بأشجار النخيل، مما يمنحه بُعدًا جماليًا وإنسانيًا في آنٍ واحد، وذلك ضمن جهود التنمية المحلية المستدامة.

وقال البوسعيدي: إن من أهداف المشروع الاستجابة لحاجة الأهالي إلى بيئة أكثر أمانًا وسهولة في التنقل ليلًا، خصوصًا أن المنطقة تُعد مسارًا مهمًا للمزارعين وسكان التجمعات الريفية المجاورة، كما يهدف المشروع إلى دعم النشاط الزراعي والسياحي والصحي، من خلال توفير بيئة جاذبة وآمنة للزوار والمستثمرين، وتشجيع كبار السن على المشي والاستمتاع بأجواء المنطقة ليلًا بثقة وطمأنينة، وتحفيز الأطفال على مساعدة ذويهم أثناء السقي والحصاد في الفترات المسائية، وتعزيز النشاط الصحي والبدني للأهالي، وخاصة كبار السن والنساء والأطفال، عبر توفير مسارات آمنة ومضيئة للمشي والحركة.

وقال: «تم تنفيذ المشروع بتكاتف مشترك بين فريق الاتحاد الجنوبي التابع لنادي نزوى ولجنة المشاريع والمعسكرات بالبلد، عبر جهود تطوعية وتنظيمية مخلصة أثمرت إنجازًا نوعيًا في وقت قياسي، وقد جاء التمويل بدعم كريم من أهالي ردة البوسعيد من أصحاب الأيادي البيضاء، الذين جسّدوا روح التكاتف المجتمعي والإيمان العميق بأهمية النهوض بالخدمات المحلية».

الفوائد والمردود الجمالي

وقال: من المتوقع أن يُحدث المشروع نقلة جمالية في المنطقة، بفضل استخدام أعمدة إنارة ذات تصميم عصري يتناغم مع البيئة الزراعية المحيطة، وستوفر الإضاءة أجواء أكثر أمانًا، وبالتالي ستساعد على تحفيز الأهالي على المشي في جو مسائي بين المزارع الخضراء، كما ستفتح المجال لإقامة فعاليات اجتماعية وثقافية في الهواء الطلق، وقد بلغت التكلفة الإجمالية للمشروع حوالي (2600 ريال عماني) كمرحلة أولى، وشمل تركيب أعمدة إنارة تعتمد على الطاقة الشمسية، وقد رُوعي أثناء التنفيذ الحفاظ على الأشجار والمزروعات، باستخدام معدات صديقة للبيئة وضمانات تشغيل عالية الجودة.

وفي الختام قال: يُجسّد مشروع إنارة ردة البوسعيد قصة نجاح حقيقية، حيث تضافرت الجهود التطوعية والمجتمعية لإضاءة دروب أهالي المنطقة، إنّه نموذج يُحتذى به في التعاون بين الفرق الشبابية والمؤسسات المحلية، ليبقى النور شاهدًا على ما يمكن أن تصنعه الأيادي المتكاتفة، وقد ساهم نجاح هذا المسار المُضاء بالطاقة الشمسية في تشجيع سكان المناطق المجاورة على طلب تنفيذ مشاريع إنارة مماثلة في مسارات أخرى، مما يعكس وعي المجتمع بأهمية تحسين بيئته المحلية واستدامة مشاريعه التنموية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق