المرافق الرياضية.. طموحات كبيرة تقابلها فجوات في البنية والفرص

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

رغم ما تحقق من مشاريع رياضية في بعض المحافظات في سلطنة عُمان خلال السنوات الأخيرة، إلا أن صورة الواقع لا تزال تحمل تفاوتًا واضحًا في مستوى البنية الرياضية من محافظة إلى أخرى، فبينما تحظى بعض الولايات بمجمعات رياضية مجهزة، وملاعب صالحة للاستعمال، ما زالت ولايات أخرى تفتقر إلى الحد الأدنى من المرافق، أو تعاني من ضعف التنوع وسوء التوزيع الجغرافي، وهذا التفاوت لا يقتصر فقط على الجانبين العمراني أو الإنشائي، بل يطال البرامج، والفعاليات، والاهتمام بالمواهب الرياضية، مما يؤدي إلى فجوة في عدالة الوصول إلى الرياضة كممارسة، وحق، وأداة لبناء نمط حياة صحي ومنتج.

في هذا الاستطلاع، نقترب من ملامح هذا الواقع من خلال تجارب عدد من الرياضيين والمواطنين الفاعلين في الميدان، وننقل آراءهم حول ما هو موجود، وما ينبغي أن يكون، وما الذي يمكن تغييره إذا ما أُخذت أصواتهم على محمل الجد.

البنية الأساسية

يرى اللاعب الدولي السابق محمد البطاشي أن البنية الأساسية الرياضية في سلطنة عُمان شهدت تطورًا تدريجيًا، خصوصًا في المحافظات الكبرى التي حظيت بإنشاء مجمعات رياضية ومنشآت حديثة، ويصف هذا التطور بأنه مؤشر إيجابي على الاهتمام المتزايد بالقطاع الرياضي، لكنه يعتقد أن التحدي الحقيقي يكمن في جاهزية هذه المرافق ومدى قدرتها على تلبية احتياجات الرياضيين على اختلاف أعمارهم ومراحلهم.

ويشير البطاشي إلى أن المرافق الحالية، رغم تطورها، لا تزال دون مستوى تطلعات الشباب، خصوصًا فيما يتعلق بتنوع الرياضات وسهولة الوصول إليها، ويضرب مثالًا ببعض مقار الأندية والمجمعات التي لا تزال تفتقر إلى البنية التشغيلية المناسبة والكادر الفني المؤهل، ويضيف إن هناك شريحة كبيرة من الشباب تبحث عن بيئة رياضية متكاملة، تشمل التجهيزات المناسبة، والمدربين، والإدارة المنظمة، وهو ما لا يتوفر دائمًا، خاصة خارج المحافظات الكبرى.

وعند الحديث عن الفوارق الجغرافية، يوضح البطاشي أن المحافظات الريفية تعاني من نقص حاد في الإمكانيات والتجهيزات، ما يضطر الشباب إلى الاعتماد على حلول بديلة وغير رسمية، قد تكون غير آمنة، وتؤثر على تطورهم الرياضي سلبًا، ويرى أن هذا التفاوت لا يجب أن يستمر، ويشدد على ضرورة التدخل لتوفير تكافؤ الفرص في ممارسة الرياضة واكتشاف المواهب.

ويضيف: إن غياب البنية المتكاملة يؤدي إلى خسارة مواهب وطنية لم تجد البيئة المناسبة للنمو، سواء من حيث التدريب أو المتابعة الفنية، ويقول: إن كثيرًا من الطاقات الواعدة تنطفئ قبل أن تُكتشف، فقط لأنها لم تجد ملعبًا أو مدربًا أو فرصة للمشاركة، ويختم حديثه مؤكدًا أهمية توفير منشآت رياضية مؤهلة، وتأهيل الكوادر الفنية، ووضع برامج منهجية لاكتشاف وتطوير المواهب، إلى جانب تشجيع القطاع الخاص على دخول المجال الرياضي بشراكات استراتيجية طويلة المدى.

واقع رياضي ناقص

في محافظة الوسطى، يُعبّر سهيل الحرسوسي، أحد سفراء التحول الرقمي، عن واقع رياضي يصفه بالناقص وغير الكافي، ويقول: إن المرافق المتوفرة لا تلبي احتياجات جميع فئات المجتمع، مما يحد من ممارسة الرياضة بشكل منتظم ويضعف فرص الاستفادة منها كنمط حياة، ويضيف إنه يمارس تنس المضرب، وهي رياضة لا تتوفر لها ملاعب في المحافظة، معتبرًا أن غياب البنية الأساسية يحرم الشباب من اكتشاف ميولهم، ويكبت المواهب التي قد تكون قادرة على تمثيل سلطنة عُمان.

ويرى الحرسوسي أن المسألة لا تتعلق فقط بعدم وجود مرافق، بل بعدم وجود مبادرات رياضية منتظمة تستقطب فئات المجتمع، وتعيد تعريف الرياضة كقيمة صحية واجتماعية، ويشير إلى أن محافظة الوسطى تفتقر إلى هذا النوع من المبادرات، وأن الغياب يؤدي إلى فجوة في الوعي بأهمية الرياضة وتداعياتها على الصحة العامة والبنية الاجتماعية والبنية الاقتصادية مستقبلًا.

ويؤكد أن وجود المرافق الرياضية يشجع الشباب على تبني نمط حياة صحي، بينما يؤدي غيابها إلى خمول بدني ومجتمعي عام، يجعل من الرياضة نشاطًا نخبويًا أو موسميًا، ويأمل الحرسوسي أن يرى في منطقته مرافق رياضية متكاملة تهتم باحتضان المواهب منذ الصغر، وتنظم برامج وفعاليات للأشبال، مؤكدًا تطلعه لأن يرى أحد أبناء المحافظة يرتدي قميص المنتخب الوطني في المستقبل القريب.

الحاجة إلى المزيد من التنوع

أما من محافظة ظفار، فيتحدث عبدالله الشحري، معلم رياضة مدرسية، عن واقع يرى أنه بحاجة إلى تطوير جذري في نوعية المرافق وتوزيعها، ويقول: إن المرافق الرياضية في المحافظة متوفرة، لكنها غير متنوعة، ومحصورة في أماكن معينة لا تراعي الفئات العمرية المختلفة، ما يقلل من فرص الاستفادة الشاملة.

ويضيف: إنه يمارس رياضتي الريشة الطائرة والسباحة، لكنه يواجه صعوبات متكررة في ممارستهما، فالريشة الطائرة تحتاج إلى بيئة هادئة وشخص يشاركك، وهو أمر نادر، أما المسابح فهي قليلة، ومقيدة بشروط تنظيمية صارمة تحد من إمكانية الاستفادة منها.

ويشير الشحري إلى أن مراكز الرياضة الموجودة خارج مدينة صلالة، في ولايات أخرى من المحافظة، غالبًا ما تقتصر على كرة القدم، وتفتقر إلى الألعاب الفردية، أو المرافق المتخصصة، مما يجعل ممارسة الرياضة خيارًا محدودًا، ويرى أن من المهم تخصيص أماكن عامة مهيأة للمشي وممارسة الرياضة، مثل الشواطئ والمناطق المفتوحة، بحيث تخدم العائلات والأفراد معًا، ويختم حديثه بالدعوة إلى إنشاء صالات رياضية متعددة الاستخدامات تُدار من جهات مختصة، وتوفّر أنشطة متنوعة، كما يرى أهمية استثمار هذه المرافق لتعزيز دخل المجتمع من خلال تخصيص أيام للوافدين، مع الحفاظ على أوقات مخصصة لأبناء المنطقة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق