مكنت التشاركية بين الجهات الرسمية والمجتمع من تحويل الأفكار والطموحات إلى إنجازات ملموسة تعود بالنفع على الجميع، وتمثل ولاية وادي المعاول اليوم نموذجًا لهذه الشراكة التي استطاعت الوصول إلى منجزات عديدة، منها إحياء سوق بلدة مسلمات بعد انقطاع دام ثلاثين عامًا، وإنجاز مشروع ممشى حجرة الشيخ الذي يعد اليوم مزارًا سياحيًا في الولاية، كما يتم العمل على إنشاء ممشى بساتين في بلدة مسلمات الذي من المرتقب بدء العمل فيه قريبًا، وتدل هذه المشاريع الخدمية والسياحية على أهمية الشراكة المجتمعية التي تمكّن المواطن أن يكون جزءًا فاعلًا من مسيرة التنمية لا مجرد مستفيد منها.
تحويل الأفكار لمنجزات
وقال المهندس بدر بن محمد بن سعيد المعولي، عضو المجلس البلدي بمحافظة جنوب الباطنة ممثل ولاية وادي المعاول: تعد المشاركة المجتمعية حجر الأساس في تحقيق التنمية المستدامة، إذ تسهم في تعزيز الإحساس بالانتماء والمسؤولية لدى أفراد المجتمع، وتمكّن من تنفيذ مشاريع خدمية تلبي احتياجات السكان بطريقة أكثر كفاءة وفاعلية، ومن خلال تضافر جهود المواطنين مع الجهات الحكومية، تتحول الأفكار والطموحات إلى إنجازات ملموسة تعود بالنفع على الجميع، وتجسد ولاية وادي المعاول نموذجًا رائدًا في هذا الإطار، حيث أثمرت المشاركة المجتمعية عن مشاريع تنموية بارزة، تتماشى مع مستهدفات ومؤشرات «رؤية عُمان 2040».
سوق مسلمات
وأشار إلى أن سوق مسلمات بولاية وادي المعاول يعد من أبرز الأمثلة على نجاح المشاركة المجتمعية، حيث يعد من الأسواق الرائدة في محافظة جنوب الباطنة، إذ يرتاده المواطنون من داخل الولاية وخارجها، نظرًا لما يتمتع به من شهرة واسعة، ويعد السوق منفذًا حيويًا لبيع المنتجات الزراعية المحلية، والسلع التقليدية، والمواشي، مما يعزز من دور القطاع الزراعي والقطاع الحرفي في تنمية الاقتصاد المحلي، كما يمثل السوق أحد أبرز الأسواق الشعبية التي تشتهر بها محافظة جنوب الباطنة، وقد جاء إحياؤه بعد انقطاع استمر أكثر من ثلاثين عامًا كثمرة للتعاون المجتمعي والبلدي، ليكون مثالًا ناجحًا على الشراكة الفاعلة بين الأهالي والجهات الحكومية، مشيرًا إلى أن السوق يعد اليوم مركزًا حيويًا للنشاط التجاري، ورافدًا اقتصاديًا مهمًا يعزز من مكانة الولاية ويخدم سكانها وزوارها، كما أسهمت عودة السوق في تشجيع المزارعين على الاهتمام بزراعة أراضيهم، بعد أن وجدوا فيه منفذًا مستقرًا ومضمونًا لتسويق منتجاتهم الزراعية، وهو ما يتماشى مع توجهات الدولة ومؤشرات وأهداف «رؤية عُمان 2040» التي تركز على تحقيق الأمن الغذائي، وتنمية القطاعات الإنتاجية، ودعم المجتمعات المحلية، فمن خلال توفير منفذ دائم لتسويق المنتجات الزراعية المحلية، يسهم السوق في تعزيز استدامة القطاع الزراعي وربط المزارعين بأراضيهم، مما يُحفز الإنتاج المحلي ويُقلل الاعتماد على الواردات الخارجية.
ممشى حجرة الشيخ
وأكد بروز مشاريع نوعية في ولاية وادي المعاول، ومنها مشروع ممشى حجرة الشيخ السياحي، الذي أُنشئ بجهود مشتركة بين المجتمع المحلي والجهات الرسمية، ويمتاز هذا الممشى بطابعه الطبيعي والتاريخي الفريد، حيث يمر بثلاثة مواقع أثرية وتاريخية مهمة، تتمثل في حجرة الشيخ، وقلعة السفالة، وبيت الغشام، وقد جعل هذا المسار من الممشى وجهة مفضلة لعشاق السياحة الداخلية ومحبي التنزه والاستكشاف، حيث يجمع بين جمال الطبيعة وأصالة التاريخ، وقد أسهم المشروع في تحفيز الحركة السياحية بالمنطقة، وتوفير متنفس ترفيهي وثقافي لسكان الولاية وزوارها، مما يعزز من مكانة وادي المعاول كوجهة سياحية واعدة في محافظة جنوب الباطنة.
ممشى بساتين ببلدة مسلمات
وأوضح أن مسيرة التعاون المجتمعي في ولاية وادي المعاول تتواصل من خلال مشروع ممشى بساتين وادي المعاول ببلدة مسلمات، الذي يتم العمل على إنشائه حاليًا، ويُجسد هذا المشروع روح التكاتف بين أبناء المجتمع المحلي، وبلدية جنوب الباطنة، ودائرة البلدية بوادي المعاول، حيث تسهم هذه الشراكة في اختيار الموقع، وإعداد التصميمات، وتنفيذ الأعمال الميدانية، ومن المتوقع أن يُشكّل الممشى إضافة نوعية للبنية السياحية والبنية البيئية في الولاية، بما يتماشى مع تطلعات السكان ويعزز من جودة الحياة، ومن المخطط أن يبدأ العمل عليه في القريب العاجل ليكون وجهة جديدة للتنزه والاستمتاع بجمال الطبيعة في ولاية وادي المعاول.
المشاركة المجتمعية
وبين أن المشاريع الخدمية والمجتمعية تُعد انعكاسًا حيًا لمؤشرات وأولويات «رؤية عُمان 2040»، التي تركز على تمكين المجتمعات المحلية، وتعزيز اللامركزية، وتحفيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، وتُسهم هذه المبادرات في تحقيق عدة أهداف استراتيجية للرؤية، من أبرزها تعزيز جودة الحياة من خلال إنشاء مرافق خدمية وسياحية تلبي احتياجات السكان وتثري نمط حياتهم، وتمكين المجتمعات المحلية لتكون شريكًا فاعلًا ومؤثرًا في رسم وتنفيذ مشاريع التنمية، بالإضافة إلى تحقيق تنمية عمرانية متوازنة تأخذ في الاعتبار خصوصية كل ولاية ومقوماتها المحلية، وتحفيز الاقتصاد المحلي ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبر مشروعات مستدامة مثل الأسواق الشعبية وممرات السياحة الطبيعية.
إنجازات خدمية وسياحية
وذكر أن ما تحقق في ولاية وادي المعاول من إنجازات خدمية وسياحية بفضل المشاركة المجتمعية، يعكس نموذجًا يُحتذى به في بقية الولايات، فحينما يُمنح المجتمع دورًا فاعلًا في التخطيط والتنفيذ، تتجلى قدرته على تحقيق إنجازات مستدامة ومتكاملة، تضع الإنسان في صميم التنمية، تمامًا كما تطمح إليه «رؤية عُمان 2040»، كما أن هذه الشراكة المجتمعية تعبر عن تطلعات المواطن، الذي يريد أن يكون جزءًا فاعلًا من مسيرة التنمية، لا مجرد مستفيد منها، مسهمًا في بناء مستقبل أكثر إشراقًا واستدامة لوطنه.
عبق الماضي وأصالة الحاضر
وقال عيسى بن خميس السريري: بعد انقطاع دام أكثر من 30 عامًا، عاد سوق مسلمات لينبض بالحياة من جديد، حاملًا معه عبق الماضي وأصالة الحاضر، وكان هذا السوق العريق لسنوات طويلة وجهة رئيسية لأهالي المنطقة والمناطق المجاورة، حيث كان مركزًا حيويًا لبيع المواشي والأغنام والمنتجات الزراعية المحلية، وبإعادة افتتاحه، استعاد السوق دوره التاريخي كحلقة وصل بين المزارعين، والمربين، والحرفيين المحليين الذين وجدوا فيه منصة مثالية لعرض منتجاتهم وتبادل الخبرات.
وأكد أن السوق اليوم يعرض أنواعًا متعددة من المواشي، إضافة إلى خيرات الأرض من الخضروات والفواكه، والعسل البلدي، والتمور، وغيرها من المنتجات التي تُعبّر عن هوية المجتمع وارتباطه الوثيق بالأرض، ولم يكن سوق مسلمات مجرد مكان للتجارة، بل كان ولا يزال مساحة للتواصل الاجتماعي وبناء العلاقات الإنسانية بين أبناء المجتمع، وإعادة إحيائه اليوم خطوة مهمة نحو تعزيز الاقتصاد المحلي، والحفاظ على الموروث الشعبي الذي يحمل في طياته قصص الأجداد، وقيم التعاون والإنتاج، ويستمر سوق مسلمات في استقبال زواره أسبوعيًا وسط أجواء مفعمة بالحيوية والفرح، مؤكدًا أن الأصالة لا تموت، بل تعود أقوى كلما تمسك بها أبناؤها.
تسويق المنتجات الزراعية
وقال أحمد بن حمد المعولي: يمثل سوق مسلمات بوادي المعاول منفذًا لتسويق المنتجات الزراعية التي يحضرها المزارعون من قرى ولايتي وادي المعاول ونخل، وإحياء سوق مسلمات وعودة الحركة التجارية فيه قبل عام من الآن كان دافعًا ليعود المزارع لاستغلال أرضه والعناية بالمحاصيل الزراعية التي أصبحت تدر دخلًا أسبوعيًا جيدًا له، وبلا شك فإن ذلك سيرفد الحركة الاقتصادية داخل البلد ويوفر وظائف إضافية ستكون مصدر رزق للمواطن.
0 تعليق