أطلقت وزارة الصحة مشروع "نظام الترصد القائم على الحدث"، والاحتفال بتخريج الدفعتين الثالثة والرابعة من الكفاءات الوطنية ضمن برنامج التمكين في الصحة العامة في مجال الوبائيات التطبيقية الأساسية والبالغ عددهم 55 خريجا، جاء المشروع بدعم وشراكة إستراتيجية مع مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها والشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية.
أقيم الحفل بفندق الشيراتون، تحت رعاية سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي -وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية- وبحضور عدد من أصحاب السعادة والمسؤولين بالوزارة والمختصين.
وخلال كلمتها أكدت الدكتورة أمل بنت سيف المعنية -المديرة العامة لمركز مراقبة الأمراض والوقاية منها بوزارة الصحة- أن المشروع يأتي في إطار التوجه الوطني الرامي إلى تعزيز منظومة الإنذار المبكر والاستجابة السريعة للأحداث الصحية، بما يتماشى مع "رؤية عمان 2040"، التي تضع صحة الإنسان وسلامته في صميم أولوياتها.
وقالت: الترصد القائم على الحدث لا يُعد مجرد نظام، بل يمثل نقلة نوعية نحو التحول الذكي والمبكر في اكتشاف الإشارات الصحية غير التقليدية بالتكامل بين القطاعات الصحية والبيئية والحيوانية، وتفعيل مبدأ الصحة الواحدة.
وأضافت: "نفخر بتخريج كوكبة متميزة من القدرات العُمانية التي أتمت بنجاح برنامج التمكين، واكتسبت مهارات علمية وميدانية تعزز من قدرتنا على التصدي للمخاطر الصحية، وبناء نظام صحي مرن ومتكامل".
الاستخبارات الوبائية
من جانبها عبرت الدكتورة هيذر بيرك -المديرة الإقليمية لمنظمة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة الأمريكية- عن فخرها بتُطبيق النظام في جميع محافظات سلطنة عُمان، لدعم نظام الترصد القائم على المؤشرات الراسخ أساسا. مشيدة بدوره في تعزيز مكانة سلطنة عُمان كونها نموذجا في نظام الإنذار المبكر والاستجابة، مما يعزز الاستخبارات الوبائية في البلاد".
وأضافت: أن تخريج الدفعتين الثالثة والرابعة من برنامج الوبائيات التطبيقية، جاء في وقت حاسم لدعم النظام الجديد للترصد القائم على الحدث. مؤكدة أن تصميم نظام الترصد القائم على الحدث، وبرنامج التمكين في الصحة العامة قد جاءا لخدمة نهج (الصحة الواحدة) الذي تتبناه سلطنة عُمان.
شراكة استراتيجية
وقال الدكتور يوسف صالح خضر -مدير مركز التميز لعلم الوبائيات التطبيقي (امغنت): إن برنامج الوبائيات التطبيقية في سلطنة عُمان أتى بشراكة استراتيجية لبناء القدرات الوطنية في الصحة العامة، حيث يُعد برنامج الوبائيات التطبيقية أحد النماذج الرائدة في تطوير القدرات الوطنية في مجال الصحة العامة، ويجسّد مثالًا ناجحًا على الشراكة المثمرة بين وزارة الصحة في سلطنة عُمان ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، بدعم فني من الشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية.
وأضاف: انطلق البرنامج بهدف إعداد كوادر وطنية متمكنة في علم الأوبئة والصحة العامة الميدانية، من خلال تدريب عملي ونظري عالي المستوى، يركز على تعزيز منظومة الترصد، الاستجابة السريعة للفاشيات، وتحليل البيانات الوبائية لدعم اتخاذ القرار. وساهم البرنامج في تخريج عشرات من الكفاءات الوطنية التي باتت تتولى أدوارًا محورية في مراكز الترصد، وإدارة الفاشيات، وتحليل البيانات الصحية في مختلف المحافظات. كما يتكامل البرنامج مع مشاريع وطنية كبرى، أبرزها مشروع الترصد القائم على الحدث، ويعزز النهج التكاملي للصحة المبني على مفهوم الصحة الواحدة.
منظومة متكاملة
كما أوضح الدكتور عادل بن سعيد الوهيبي -مدير دائرة الترصد الوبائي بمركز مراقبة الأمراض والوقاية منها بوزارة الصحة- أن الحاجة أظهرت أهمية وجود نظام أكثر ديناميكية، وعليه تم تطوير نظام "الترصد القائم على الحدث" في إطار بناء منظومة متكاملة للإنذار المبكر والاستجابة السريعة للأوبئة وتعزيز جاهزية النظام الصحي.
وأشار الدكتور إلى أن مشروع برنامج الترصد القائم الحدث أتى لإكمال منظومة الترصد الوبائي في سلطنة عُمان التي لا تعتمد على الترصد التقليدي، وإنما تعتمد على جمع الإشارات من مصادر متعددة كالمجتمع والمؤسسات الصحية، حيث يعمل هذا البرنامج كنظام إنذار مبكر في البلد، بحيث يرصد الأوبئة قبل أن تنتشر في المجتمع.
وأكد الدكتور على جهود سلطنة عُمان لتطوير هذا النظام، بتأسيس منصة إلكترونية وطنية، وإعداد الأدلة التشغيلية والنماذج الموحدة، وتنفيذ دراسة تجريبية في محافظتي شمال الشرقية والداخلية، وتدريب الكوادر بالتعاون مع مراكز السيطرة على الأمراض وبنهج الصحة الواحدة لضمان التكامل بين الصحة العامة والبيئية والحيوانية.
موضحا أن نجاح النظام يتطلب تعزيز الدعم الإداري والتشغيلي على مستوى المحافظات، مع التأكيد على الالتزام الفوري بالإبلاغ، ومتابعة الأداء بمؤشرات واضحة تُسهم في التقييم المستمر والتحسين المستدام.
وكشف الدكتور أن المشروع أسهم في الكشف السريع عن عدة فاشيات منها فيروس بارفوB في ولاية نزوى، وكذلك تسمم غذائي حصل في ولاية سمائل، ومرض نوروفيروس في ولاية بهلا، وتفشي انفلونزاA في ولاية سناو، وتدهور مفاجئ في أسرة واحدة نتيجة التهاب رئوي في ولاية جعلان بني بوعلي، بالإضافة إلى زيادة طلبات فحص أعراض شبيهة بالأنفلونزاB في ولاية خصب.
وأضاف: إن تخريج أربع دفعات من برنامج التمكين في الصحة العامة الذي بدأ قبل ثلاث سنوات ساهم في تخريج 103 خريجين ضمن برنامج التمكين في الصحة العامة لتطوير الموارد البشرية بالنسبة للصحة العامة وخلق كفاءات مختلفة في الصحة العامة، حيث إن هذا البرنامج مهم ليغطي النقص في كوادر الصحة العامة في معظم محافظات السلطنة مع التركيز على تغطية المحافظات التي فيها نقص مثل محافظة ظفار ومحافظة مسندم وغيرها من المحافظات وأيضا ركزنا في دفعات مختلفة بإشراك الصحة الواحدة بالتعاون مع جهات مختصة أخرى كالبلديات ووزارة الثروة الزراعة والسمكية وموارد المياه وأيضا مركز سلامة الغذاء والمياه.
جاهزية الكوادر
وفي السياق ذاته أكد الدكتور عبدالله بن بشير المنجي -اختصاصي وبائيات بمركز مراقبة الأمراض والوقاية منها- أن البرنامج يعد منصة تعليمية تطبيقية تجمع بين الجانبين النظري والميداني، وقد أثمر هذا البرنامج عن تخريج أربع دفعات من الكفاءات الوطنية حتى الآن، تمثل نموذجا ناجحا في رفع الجاهزية الوطنية لمجابهة التحديات الصحية.
أما النظرة المستقبلية للبرنامج؛ فأوضح بأنها تشير إلى آفاق واعدة، من حيث توسيع نطاقه وتعزيز شراكاته، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات المحتملة مثل الاستدامة، وتنوع المهارات المطلوبة، والتكامل بين القطاعات؛ التي تمثل أيضا فرصا لتطوير البرنامج باستمرار بما يخدم "رؤية عمان 2040 " في بناء نظام صحي مرن ومستدام.
وشددت رقية الشحية -رئيسة قسم الترصد المتكامل للأمراض والإصابات بدائرة الترصد الوبائي- على أن مشروع "الترصد القائم على الحدث" يمثل نقلة نوعية في نظام الترصد الوبائي في سلطنة عُمان. ويهدف هذا المشروع إلى تعزيز الاكتشاف المبكر للمخاطر الصحية، مما يدعم "رؤية عمان 2040" في مجال الأمن الصحي. وتضيف الشحية أن التكامل بين القطاعات المختلفة، والتوعية المجتمعية، والتقنيات الحديثة، هي الركائز الأساسية لحماية صحة المواطنين العمانيين.
في ختام الحفل كرّم سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي -وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية- راعي المناسبة، الفريق الفني المشترك لمشروعي الترصد القائم على الحدث وبرنامج التمكين في الصحة العامة، والفريق الفني لمشروع الترصد القائم على الحدث، والفريق الفني لبرنامج التمكين في الصحة العامة، كما كرم سعادته الشركاء الداعمين الرئيسيين للمشروعين والقائمين عليهما.
0 تعليق