ماذا نحن فاعلون في هؤلاء؟

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بعد المرور السريع لمشروع قانون الصحافة من مجلس النواب في جلسة استثنائية، كان يجب أن نتوقف لنلتقط أنفاسنا من هذه السرعة ونقرأ المواد بهدوء وتفكير عميق بعيداً عن المؤثرات المحيطة بتمرير القانون.

وللأمانة فإن مشروع القانون فيه من الإيجابيات الكثيرة ما لا يمكنني أن أتحدث عنها في هذه المساحة البسيطة، ولكنه إجمالاً «يحاول جاهداً» مواكبة تطور الإعلام المتسارع في هذه الفترة الزمنية، حيث تضج هواتف البشر بشتى أنواع تطبيقات وسائل التواصل التي تقدّم المعلومة والخبر والتقرير والتحليل والإعلان وكل ما يتبادر إلى ذهنك أو لا يخطر على بالك.

والحقيقة هي أن مشروع القانون يُعتبر قد جاء متأخراً، في مرحلة خطيرة لم تعد السيطرة عليها أمراً واقعياً، وأتذكر في زمن الكتب والمجلات القديمة، حين كان العائدون من دول أخرى يحملون كتباً وصحفاً ومجلات لا تصل إلينا وفيها من الأخبار ما لا يُمكن نشره في بلدنا، ولذلك كانت تحظى بترحيب.. وتهريب أحياناً.

اليوم وفي عالم مفتوح على مصراعيه، أتساءل مثل نسبة كبيرة من الناس، كيف سيحكم هذا القانون فوضى السوشيال ميديا، وبأية وسيلة سيتمّ إغلاق حساب «إنستغرام أو تيك توك أو غيرها»، وماذا بشأن الحسابات التي تعمل من الخارج ولا يُعرف من خلفها؟ هذه الأمور لم أجد لها في قراءة أولية للقانون أي أدوات تستطيع التعامل معها، مع العلم أن نسبة كبيرة من تلك الحسابات تحظى بمتابعة لا بأس بها، كما أن أصحاب وسائل التواصل مثل مارك زوكربيرغ وإيلون ماسك ومسؤولي تلك الوسائل، لن يستجيبوا لطلبات الدول بحجب حساب بعينه أو منعه من الظهور في منطقة والسماح له في مناطق أخرى، فماذا نحن فاعلون؟

المشكلة التي أراها في هذا القانون أنه يبقى ردّ فعل على فعل مستقبلي قد نعرف بعض تفاصيله اليوم، وقد يظهر بأنماط وأشكال أخرى في المستقبل، فالقانون يحاول السيطرة على مرتكب الجريمة بفرض رقابة، وفي حال المخالفة يتمّ معاقبته، بينما لم يوجِد حلاً مبتكراً للتعامل مع هذه الحسابات التي تضرّ فعلاً بالوطن والمواطن، مثلها مثل التدخين وشرب الخمر وتعاطي المخدرات.

هناك دول في المنطقة استطاعت أن توجِد حلولاً معقولة لمكافحة جريمة غسل العقول وبث الفتنة بين أبناء الوطن، وأنشأت جيوشاً إلكترونية تعمل على مدار الساعة في الردّ والتحشيد وإعادة توجيه الرأي العام إلى الحقيقة، واستخدمت في ذلك وسائل فاعلة سواء بالردّ على المرجفين بالحجة والبرهان، أو بتغيير الترند إلى موضوعات أخرى، أو حتى بالإبلاغ الإلكتروني عن تلك الحسابات ومنشوراتها لتغلق بالفعل.

لا يمكن اليوم أن نسيطر سيطرة كاملة على الفضاء الإلكتروني، ومن يعتقد أنه فاعل فهو لا يعيش على أرض الواقع، ولذلك كان من الواجب أن تتمّ مناقشة إنشاء جيش إلكتروني وطني مثقف وواعٍ يستطيع دخول هذه الحرب بأسلحة غير تقليدية، تتمثّل في الثقافة والحصافة والقدرة على الردّ، ولا أعتقد أن يكون عيباً إنشاء مثل هذه الجيوش، فهي موجودة بالفعل دون الإعلان عنها، فلِمَ لا نبادر نحن أيضاً ونستخدم نفس الأسلحة بإمكانياتنا من الكوادر الوطنية والتمويل المناسب، لأنها حرب تحتاج إلى تمويل حقيقي -غير هزيل- ثم نعود بعد ذلك ونُعيد قراءة مشروع القانون.. وللحديث بقية.

قبطان - رئيس تحرير جريدة «ديلي تربيون» الإنجليزية

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق