رأي.. عمر حرقوص يكتب: زيارة ترامب.. جائزة "العبور" إلى طهران - الأول نيوز

cnn 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هذا المقال بقلم الصحفي والكاتب اللبناني عمر حرقوص*، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

دونالد ترامب، في الشرق الأوسط، جعبته فيها الكثير من الوعود والمشاريع السياسية والأمنية والاقتصادية، والحلول "التاريخية"، رجل المرحلة الذي قلب العالم في الأيام المائة الأولى لحكمه، والعامل على تغيير كوني يسجل له وحده، ليس له إلا حلم صغير، وهو ربح أكبر الجوائز التي لم يحصل عليها كثر من القادة الأمريكيين، أي جائزة نوبل للسلام.

في عهدته الثانية يطالب الهند وباكستان بوقف الحرب بلا أي مقدمات فيصمت قادة الجارين اللدودين، ويدفع أوكرانيا إلى مفاوضة روسيا بدون خطة سلام تعيد لكييف سيطرتها على مناطقها، وفي اليمن يوقف النار مع الحوثيين غير آبه بالصواريخ البالستية إذا استمرت بمهاجمة مطار بن غوريون في إسرائيل. وفي غزة يفاوض "حماس" مباشرة أو عبر وسطاء لإطلاق المخطوفين الذين يحملون الجنسية الأمريكية، غير آبه بحلفه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي من أجله قام سابقاً بما لم يقم به رئيس أمريكي قبله حين أهداه عام 2017 الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبعدها عام 2019 الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان.

كما يبدو حتى الآن، فإن ترامب مختلف قليلاً في العهدة الثانية، فالتسريبات عن لقائه مع نتنياهو في واشنطن توحي أن الجلسة كانت سيئة وكاد فيها أن يفتح نقاشاً غير "مؤدب" مع نتنياهو ليتحول إلى ما صار عليه سابقاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي خلال زيارته للبيت الأبيض، أسباب ترامب كثيرة للانزعاج من حليفه "السابق"، منها عدم وقف إسرائيل للنار في القطاع وعدم الإسراع لتنفيذ اتفاقات إبراهيم مع الدول العربية وخصوصاً السعودية، والمفاجأة التي تلقاها الضيف الإسرائيلي أتت من العيار الثقيل حين أبلغه أمام وسائل الإعلام أن المحادثات النووية مع طهران ستبدأ بعد أيام قليلة في سلطنة عُمان، فيما كان نتنياهو يمني النفس بالاتفاق على موعد الضربات للمواقع النووية الإيرانية.

قبل أعوام، في عهدته الرئاسية الأولى، وخلال زيارة إلى كوريا الجنوبية، قرر ترامب أن يعبر الحدود ويلتقي الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، هكذا وبلا مقدمات، دخل المنطقة المحايدة نحو الحدود الشمالية ليجلس مع "غريمه" الذي يحمل صفات كثيرة يمكن أن يحلم بها ترامب، ليس أقلها "الرجل الأوحد والحاكم المطلق" و"الأب المحبوب من أبناء شعبه" وهي صفات بالعادة يحملها الديكتاتوريون حول العالم.

أزاح بزيارته هذه عام 2019 كل الصراعات السياسية، ومعها ذكريات الحرب الكورية التي وقعت في خمسينات القرن الماضي، ليصبح أول رئيس أمريكي، لا يزال في منصبه، يعبر الحدود إلى كوريا الشمالية، في المنطقة منزوعة السلاح، رغم أن الصراع لم ينته بعدها، فيما لم تتوقف بيونغ يانغ عن تجاربها الصاروخية، وتهديد جيرانها في كوريا الجنوبية واليابان الذين هم للمناسبة "حلفاء" واشنطن.

يأتي هذه المرة إلى الشرق الأوسط، حاملا اتفاقات مع الدول الثلاث، السعودية، الإمارات وقطر، من السلاح إلى المشاريع الاقتصادية، والسياحة والتنمية، وحتى التخصيب النووي للمسائل السلمية، مقابل استثمارات بآلاف مليارات الدولارات في الاقتصاد الأمريكي، في خطوة يريد أن تجعله الرئيس الذي خطا فوق رمال الصحراء فحوّل الدولار ذهباً.

ولكن هذه الزيارة لا يمكن أن تغفل عينه عن الملف الإيراني، فالرجل يحب المفاجآت، وما أكثرها منذ ترئيسه للمرة الثانية، يتحرك كأنه يمثل فيلماً تعرضه صالات هوليوود، يفوز البطل بنهايته على الأشرار، ويحصل الممثل فيه على جائزة "الأوسكار". هو وكما يبدو يريد الجائزة، ليس مهما إن كانت "الأوسكار" أو "نوبل"، يريدها بقوة حتى ولو كانت بالعبور إلى أراضي إيران سيراً على الأقدام أو في البحر، أو على الأقل دعوة زعيمها علي خامنئي للقاء لاحق، فيحقق الإيراد الأعلى في تاريخ الزيارات الأمريكية حول العالم.

 

* عمر حرقوص، صحفي، رئيس تحرير في قناة "الحرة" في دبي قبل إغلاقها، عمل في قناة "العربية" وتلفزيون "المستقبل" اللبناني، وفي عدة صحف ومواقع ودور نشر.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق