loading ad...
يعد التنمر في بيئة العمل من الظواهر السلبية التي تؤثر بشكل كبير على الأفراد والمنظمات على حد سواء، فهو لا يقتصر على الإيذاء الجسدي، بل يشمل أشكالا متعددة من السلوكيات العدوانية التي تمارس بشكل متكرر ومتعمد، ما يؤدي إلى بيئة عمل سامة تؤثر على الصحة النفسية والإنتاجية.اضافة اعلان
التنمر في المنظمات Workplace Bullying هو سلوك عدواني متعمد ومتكرر يمارس من قبل فرد أو مجموعة تجاه فرد آخر في بيئة العمل، بهدف الإيذاء النفسي أو التقليل من شأنه أو عزله، ويتميز هذا السلوك بعدم التكافؤ في القوة بين الطرفين، حيث يكون المتنمر في موقع قوة أو سلطة أعلى.
ويأخذ التنمر في بيئة العمل اشكالا عدة منها: الإهانة اللفظية (مثل السخرية، التهكم، أو استخدام ألفاظ جارحة)، والعزلة الاجتماعية (تجاهل الموظف أو استبعاده من الاجتماعات والأنشطة الاجتماعية)، والتقليل من القدرات (التشكيك المستمر في كفاءة الموظف أو التقليل من إنجازاته)، التهديدات (التهديد بالفصل أو النقل أو تقليل الراتب دون مبرر)، والتحرش الإلكتروني (استخدام وسائل الاتصال الحديثة لإرسال رسائل مسيئة أو مضايقة).
ومن اهم أسباب التنمر في المنظمات هو وجود ثقافة منظمية او بيئة عمل متساهلة مع السلوكيات السلبية أو تفتقر إلى سياسات واضحة لمكافحتها، ثم الادارة السيئة، أي المديرين الذين يستخدمون السلطة بشكل تعسفي أو يفتقرون إلى المهارات القيادية، كذلك الضغط الوظيفي المرتفع، الذي قد يدفع بعض الموظفين للتنفيس عن توترهم من خلال التنمر على الآخرين، وأخيرا الغيرة المهنية، أي الشعور بالتهديد من نجاح الآخرين والذي قد يؤدي إلى سلوكيات تنمرية.
من آثار التنمر على الأفراد هي ضعف الصحة النفسية، بمعنى زيادة معدلات القلق والاكتئاب واضطرابات النوم، وانخفاض مستوى الانناجية وزيادة الأخطاء في العمل، كذلك العزلة وفقدان الثقة بالنفس، وزيادة معدلات الغياب والاستقالات الطوعية، اما على مستوى المنظمات فيتراجع مستوى الأداء العام لها، وتزيد تكاليف التوظيف والتدريب نتيجة لمعدل دوران الموظفين المتزايد، إضافة الى خلق سمعة سلبية للمنظمة في السوق، واحتمالية تعرضها لدعاوى قانونية وربما تعويضات مالية.
أسوأ أنواع التنمر في رأينا (وهي الأكثر انتشارا في عالمنا العربي) هي تنمر المدير العام او مدير دائرة على موظفيه، حيث يستخدم سلطته وصلاحياته بشكل تعسفي لتحويل حياة الموظف المهنية الى جحيم حقيقي خلال ساعات العمل اليومية، وبشكل متكرر، ونحن على اطلاع على ان بعضا من هؤلاء الموظفين يضطرون لجلب وثائق العمل والمستندات الي البيت والعمل أيام العطل الرسمية كي يتمكنوا من انهاء العمل المكلفين به ضمن جدول زمني ضيق (عن قصد) كي يتخلصوا من تنمر المسؤول المباشر عنهم ولو لساعات معدودة قبل العودة لدورة جديدة من التنمر المقصود، انها مأساة حقيقية يستفرد بها المسؤول المباشر بالموظف المسالم او الهادئ كي يشد عليه الخناق دون رقابة إدارية ومهنية.
تشير الإحصاءات في أميركا مثلا ان 32.3 % من البالغين الأميركيين يتعرضون للتنمر في مكان العمل، وان 75 % من حوادث التنمر لا يتم الإبلاغ عنها بسبب الخوف من الانتقام أو عدم الثقة في استجابة الإدارة، وان 70 % من ضحايا التنمر يفقدون وظائفهم نتيجة لذلك. وتم تقدير تكلفة التنمر في بيئة العمل هناك بحوالي 300 مليار دولار سنويا.
هذه الإحصاءات تبدو مثيرة ومكلفة في دولة مثل أميركا، ولو كانت هناك جهات تقوم بإعداد إحصاءات محلية او عربية عن آثار التنمر في بلداننا لكان الوضع كارثيا بمعنى الكلمة.
فهل هناك قانون واضح في قانون العمل يسمح للعامل برفع دعوى قضائية تحت عنوان التنمر لدى الجهات المعنية، غير مادة 28 من قانون العمل مثلا، والاجابة انه لا يوجد حتى الآن قانون صريح يجرم التنمر في أماكن العمل بشكل مباشر، ومع ذلك، فإن بعض الأفعال المرتبطة بالتنمر، مثل الضرب، التحقير، أو الاعتداء الجنسي، تُعاقب عليها التشريعات القائمة، وفي حال تعرض العامل لمثل هذه الأفعال، فإن الحلول المتاحة له قد تكون محدودة، مثل ترك العمل، دون وجود آليات واضحة لمعالجة الشكاوى أثناء استمرار العلاقة العمالية، وذلك بالطبع لا يحل مشكلة التنمر او يحد منها.
مشروع قانون العمل الجديد، الذي ناقشه مجلس النواب مؤخرا، يتضمن حظرا صريحا للتحرش والتنمر وممارسة أي عنف لفظي أو جسدي أو نفسي على العامل أو العاملة، ويهدف هذا التعديل إلى تماشي التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية وخلق بيئة عمل آمنة تتوافر فيها شروط وظروف العمل اللائق.
افاد اكثر من 700 موظف حالي وسابق في اشهر مطاعم الوجبات السريعة في المملكة المتحدة تعرضهم للتحرش الجنسي والتنمر من قبل مدراء في أكثر من 450 فرعا، شملت الانتهاكات، واهانات جنسية، لمس غير لائق، وطلبات جنسية مقابل نوبات العمل، وتخضع هذه المطاعم حاليا لتحقيقات قانونية واسعة. وتحكي الموظفة “أ.ج” عن تعرضها لتنمر من قبل مديرتها في إحدى الهيئات الحكومية، حيث تم التقليل من أهمية عملها، وتكليفها بمهام لا تتناسب مع خبرتها، ما أثر سلبًا على صحتها النفسية.
لكن من هو الشخص المتنمر وكيف يختار ضحيته في بيئة العمل ويمارس عليه ضغوطات نفسية وعملية وينجح في ذلك المتنمرون ليسوا نمطا واحدا، لكن توجد سمات مشتركة بينهم، منها: الحاجة للسيطرة، والعدوانية المبررة، والتسلط والنرجسية، ويشعر انه محور للكون ، ويقلل من شأن الآخرين ليعزز مكانته، إضافة الى انعدام التعاطف مع آلام الآخرين، بل يستمتع برؤيتهم يتألمون. انه شخص مريض بحاجة ماسة الى رعاية صحية.
تشير الوقائع العملية انه لا يمكن تغيير السلوك العدواني للمتنمرين، ما لم تتوافر الصفات التالية فيهم، وهي: الرغبة بالتغيير، والعلاج النفسي والسلوكي المتخصص (لأن بعضا من هذا السلوك يعود الى اضطرابات نرجسية وعدوانية مرضية)، أيضا وجود بيئة عمل قادرة على دمج المتنمرين في برامج تطوير المهارات الاجتماعية او القيادية اذا ابدوا اعترافا واستعدادا للتغيير.
لكن في كل الأحوال يمكن اعداد سياسات وإجراءات داخلية للمنظمة للحد من هذه الظاهرة، منها: تطوير اخلاقيات ولوائح واضحة Code of Ethics تقاوم وتحد من هذه الظاهرة المتزايدة، مدعومة بقنوات للابلاغ لدى الإدارة العليا او إدارة الموارد البشرية او جهة اعلى، إضافة الى تعزيز ثقافة منظمية إيجابية تحارب هذه السلوكيات، وتشجع على الاحترام المتبادل والتعاون بين الزملاء والموظفين من جهة وبين الإدارة من جهة أخرى.
والسؤال المهم هو: كيف يختار المتنمر ضحاياه في المنظمات؟ وللاجابة على على التساؤل لا بد من التأكيد ان المتنمر عادة شخص قادر على التمييز بين أنماط وشخصيات زملائه او موظفيه نفسيا واجتماعيا، فالموظف الذي يبدو ضعيفا غير واثق من نفسه او غير قادر عن الدفاع عن نفسه يعتبر ضحية محتملة، هذا يعني ان المتنمر يتجنب التنمر على الموظفين الأقوياء الواثقين من انفسهم، ويرى المتنمر بالموظف المنطوي والمنعزل اجتماعيا فريسة سهلة، فالعزلة تعني له غياب الشهود على سلوكه العدواني. من جانب اخر بعض المتنمرين يزعجهم الشخص الذي يظهر انضباطا أخلاقيا او مثاليا؛ فيحاولون كسر صورته أو إحراجه أمام الآخرين، اما في البيئات العمل السامة فالشخص الناجح الذي يحقق أداء متميزا يعتبر هدفا للمتنمرين، فهو يثير الغيرة والحسد، ويدعوهم لتشويه صورته او التشكيك في جودة أدائه.
يبدأ المتنمر عادة باتباع استراتيجية تدريجية ضد التنمر عليه، فمن المضايقات الخفية مثل السخرية والتعليق السلبي بهدف اختبار ردة فعله، الى التصعيد التدريجي، مرورا بتشويه سمعة الضحية، مستغلا سلطاته ونفوذه، حيث يتعمد سلب الضحية مصداقيته وصلاحياته، من خلال التهديد والمزيد من العقوبات والاعباء الإدارية.
وبشكل عام المتنمر لا يستهدف الأقوياء، بل الضعفاء الذين لا يقاومون، ويستمر في تنمره ما لم يجد رادعا إداريا او قانونيا، لذلك يعد التنمر من أخطر أشكال الإساءة في بيئة العمل، لما له من تأثير مباشر على الصحة النفسية والإنتاجية، وقد يؤدي إلى ترك الموظفين لوظائفهم أو حتى إلى أزمات صحية خطيرة.
التنمر في المنظمات Workplace Bullying هو سلوك عدواني متعمد ومتكرر يمارس من قبل فرد أو مجموعة تجاه فرد آخر في بيئة العمل، بهدف الإيذاء النفسي أو التقليل من شأنه أو عزله، ويتميز هذا السلوك بعدم التكافؤ في القوة بين الطرفين، حيث يكون المتنمر في موقع قوة أو سلطة أعلى.
ويأخذ التنمر في بيئة العمل اشكالا عدة منها: الإهانة اللفظية (مثل السخرية، التهكم، أو استخدام ألفاظ جارحة)، والعزلة الاجتماعية (تجاهل الموظف أو استبعاده من الاجتماعات والأنشطة الاجتماعية)، والتقليل من القدرات (التشكيك المستمر في كفاءة الموظف أو التقليل من إنجازاته)، التهديدات (التهديد بالفصل أو النقل أو تقليل الراتب دون مبرر)، والتحرش الإلكتروني (استخدام وسائل الاتصال الحديثة لإرسال رسائل مسيئة أو مضايقة).
ومن اهم أسباب التنمر في المنظمات هو وجود ثقافة منظمية او بيئة عمل متساهلة مع السلوكيات السلبية أو تفتقر إلى سياسات واضحة لمكافحتها، ثم الادارة السيئة، أي المديرين الذين يستخدمون السلطة بشكل تعسفي أو يفتقرون إلى المهارات القيادية، كذلك الضغط الوظيفي المرتفع، الذي قد يدفع بعض الموظفين للتنفيس عن توترهم من خلال التنمر على الآخرين، وأخيرا الغيرة المهنية، أي الشعور بالتهديد من نجاح الآخرين والذي قد يؤدي إلى سلوكيات تنمرية.
من آثار التنمر على الأفراد هي ضعف الصحة النفسية، بمعنى زيادة معدلات القلق والاكتئاب واضطرابات النوم، وانخفاض مستوى الانناجية وزيادة الأخطاء في العمل، كذلك العزلة وفقدان الثقة بالنفس، وزيادة معدلات الغياب والاستقالات الطوعية، اما على مستوى المنظمات فيتراجع مستوى الأداء العام لها، وتزيد تكاليف التوظيف والتدريب نتيجة لمعدل دوران الموظفين المتزايد، إضافة الى خلق سمعة سلبية للمنظمة في السوق، واحتمالية تعرضها لدعاوى قانونية وربما تعويضات مالية.
أسوأ أنواع التنمر في رأينا (وهي الأكثر انتشارا في عالمنا العربي) هي تنمر المدير العام او مدير دائرة على موظفيه، حيث يستخدم سلطته وصلاحياته بشكل تعسفي لتحويل حياة الموظف المهنية الى جحيم حقيقي خلال ساعات العمل اليومية، وبشكل متكرر، ونحن على اطلاع على ان بعضا من هؤلاء الموظفين يضطرون لجلب وثائق العمل والمستندات الي البيت والعمل أيام العطل الرسمية كي يتمكنوا من انهاء العمل المكلفين به ضمن جدول زمني ضيق (عن قصد) كي يتخلصوا من تنمر المسؤول المباشر عنهم ولو لساعات معدودة قبل العودة لدورة جديدة من التنمر المقصود، انها مأساة حقيقية يستفرد بها المسؤول المباشر بالموظف المسالم او الهادئ كي يشد عليه الخناق دون رقابة إدارية ومهنية.
تشير الإحصاءات في أميركا مثلا ان 32.3 % من البالغين الأميركيين يتعرضون للتنمر في مكان العمل، وان 75 % من حوادث التنمر لا يتم الإبلاغ عنها بسبب الخوف من الانتقام أو عدم الثقة في استجابة الإدارة، وان 70 % من ضحايا التنمر يفقدون وظائفهم نتيجة لذلك. وتم تقدير تكلفة التنمر في بيئة العمل هناك بحوالي 300 مليار دولار سنويا.
هذه الإحصاءات تبدو مثيرة ومكلفة في دولة مثل أميركا، ولو كانت هناك جهات تقوم بإعداد إحصاءات محلية او عربية عن آثار التنمر في بلداننا لكان الوضع كارثيا بمعنى الكلمة.
فهل هناك قانون واضح في قانون العمل يسمح للعامل برفع دعوى قضائية تحت عنوان التنمر لدى الجهات المعنية، غير مادة 28 من قانون العمل مثلا، والاجابة انه لا يوجد حتى الآن قانون صريح يجرم التنمر في أماكن العمل بشكل مباشر، ومع ذلك، فإن بعض الأفعال المرتبطة بالتنمر، مثل الضرب، التحقير، أو الاعتداء الجنسي، تُعاقب عليها التشريعات القائمة، وفي حال تعرض العامل لمثل هذه الأفعال، فإن الحلول المتاحة له قد تكون محدودة، مثل ترك العمل، دون وجود آليات واضحة لمعالجة الشكاوى أثناء استمرار العلاقة العمالية، وذلك بالطبع لا يحل مشكلة التنمر او يحد منها.
مشروع قانون العمل الجديد، الذي ناقشه مجلس النواب مؤخرا، يتضمن حظرا صريحا للتحرش والتنمر وممارسة أي عنف لفظي أو جسدي أو نفسي على العامل أو العاملة، ويهدف هذا التعديل إلى تماشي التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية وخلق بيئة عمل آمنة تتوافر فيها شروط وظروف العمل اللائق.
افاد اكثر من 700 موظف حالي وسابق في اشهر مطاعم الوجبات السريعة في المملكة المتحدة تعرضهم للتحرش الجنسي والتنمر من قبل مدراء في أكثر من 450 فرعا، شملت الانتهاكات، واهانات جنسية، لمس غير لائق، وطلبات جنسية مقابل نوبات العمل، وتخضع هذه المطاعم حاليا لتحقيقات قانونية واسعة. وتحكي الموظفة “أ.ج” عن تعرضها لتنمر من قبل مديرتها في إحدى الهيئات الحكومية، حيث تم التقليل من أهمية عملها، وتكليفها بمهام لا تتناسب مع خبرتها، ما أثر سلبًا على صحتها النفسية.
لكن من هو الشخص المتنمر وكيف يختار ضحيته في بيئة العمل ويمارس عليه ضغوطات نفسية وعملية وينجح في ذلك المتنمرون ليسوا نمطا واحدا، لكن توجد سمات مشتركة بينهم، منها: الحاجة للسيطرة، والعدوانية المبررة، والتسلط والنرجسية، ويشعر انه محور للكون ، ويقلل من شأن الآخرين ليعزز مكانته، إضافة الى انعدام التعاطف مع آلام الآخرين، بل يستمتع برؤيتهم يتألمون. انه شخص مريض بحاجة ماسة الى رعاية صحية.
تشير الوقائع العملية انه لا يمكن تغيير السلوك العدواني للمتنمرين، ما لم تتوافر الصفات التالية فيهم، وهي: الرغبة بالتغيير، والعلاج النفسي والسلوكي المتخصص (لأن بعضا من هذا السلوك يعود الى اضطرابات نرجسية وعدوانية مرضية)، أيضا وجود بيئة عمل قادرة على دمج المتنمرين في برامج تطوير المهارات الاجتماعية او القيادية اذا ابدوا اعترافا واستعدادا للتغيير.
لكن في كل الأحوال يمكن اعداد سياسات وإجراءات داخلية للمنظمة للحد من هذه الظاهرة، منها: تطوير اخلاقيات ولوائح واضحة Code of Ethics تقاوم وتحد من هذه الظاهرة المتزايدة، مدعومة بقنوات للابلاغ لدى الإدارة العليا او إدارة الموارد البشرية او جهة اعلى، إضافة الى تعزيز ثقافة منظمية إيجابية تحارب هذه السلوكيات، وتشجع على الاحترام المتبادل والتعاون بين الزملاء والموظفين من جهة وبين الإدارة من جهة أخرى.
والسؤال المهم هو: كيف يختار المتنمر ضحاياه في المنظمات؟ وللاجابة على على التساؤل لا بد من التأكيد ان المتنمر عادة شخص قادر على التمييز بين أنماط وشخصيات زملائه او موظفيه نفسيا واجتماعيا، فالموظف الذي يبدو ضعيفا غير واثق من نفسه او غير قادر عن الدفاع عن نفسه يعتبر ضحية محتملة، هذا يعني ان المتنمر يتجنب التنمر على الموظفين الأقوياء الواثقين من انفسهم، ويرى المتنمر بالموظف المنطوي والمنعزل اجتماعيا فريسة سهلة، فالعزلة تعني له غياب الشهود على سلوكه العدواني. من جانب اخر بعض المتنمرين يزعجهم الشخص الذي يظهر انضباطا أخلاقيا او مثاليا؛ فيحاولون كسر صورته أو إحراجه أمام الآخرين، اما في البيئات العمل السامة فالشخص الناجح الذي يحقق أداء متميزا يعتبر هدفا للمتنمرين، فهو يثير الغيرة والحسد، ويدعوهم لتشويه صورته او التشكيك في جودة أدائه.
يبدأ المتنمر عادة باتباع استراتيجية تدريجية ضد التنمر عليه، فمن المضايقات الخفية مثل السخرية والتعليق السلبي بهدف اختبار ردة فعله، الى التصعيد التدريجي، مرورا بتشويه سمعة الضحية، مستغلا سلطاته ونفوذه، حيث يتعمد سلب الضحية مصداقيته وصلاحياته، من خلال التهديد والمزيد من العقوبات والاعباء الإدارية.
وبشكل عام المتنمر لا يستهدف الأقوياء، بل الضعفاء الذين لا يقاومون، ويستمر في تنمره ما لم يجد رادعا إداريا او قانونيا، لذلك يعد التنمر من أخطر أشكال الإساءة في بيئة العمل، لما له من تأثير مباشر على الصحة النفسية والإنتاجية، وقد يؤدي إلى ترك الموظفين لوظائفهم أو حتى إلى أزمات صحية خطيرة.
* دكتوراه إدارة اعمال اكاديمي ومتخصص في إدارة تطوير الموارد البشرية
0 تعليق