آندي هوم*
شهد قطاع معادن البطاريات عاماً صعباً للغاية، حيث انهارت أسعار الليثيوم والنيكل والكوبالت في عام 2023، واستمرت في الانخفاض تدريجياً طوال عام 2024. وتحول القطاع الذي كان يوماً في سباق لبناء إمدادات جديدة إلى إغلاق المناجم وتأجيل المشاريع بسبب تأثير الأسعار المنخفضة على التكاليف.
وتحولت التوقعات بشأن مستقبل السيارات الكهربائية إلى مسار أكثر وعورة مما كان متوقعاً. ولم يرقَ الطلب من قطاع السيارات الكهربائية إلى التوقعات، وتزامن ذلك مع وفرة ضخمة في العرض نتيجة إدخال طاقات إنتاجية جديدة في الوقت الخطأ تماماً.
وأصبح الانضباط في الإمداد أو غيابه هو العامل الحاسم في تحديد ما إذا كان هناك أي تعافٍ في الأسعار خلال عام 2025.
ولا يزال سوق السيارات الكهربائية العالمي في نمو مستمر، حيث شهد نوفمبر 2024 بيع 1.8 مليون وحدة، وهو رقم قياسي وفقاً لاستشارات شركة «رو موشن». وبلغ نمو المبيعات العالمية في الأشهر الـ11 الأولى من العام نسبة 25% مقارنةً بعام 2023.
ولكن وراء هذه العناوين الإيجابية تكمن حقيقتان غير مرحبتين لقطاع معادن البطاريات، ففي حين حققت مبيعات الصين رقماً قياسياً شهرياً جديداً في نوفمبر، فإن المبيعات في الولايات المتحدة وكندا ارتفعت بنسبة 10% فقط مقارنة بالعام السابق، بينما كانت المبيعات في أوروبا أقل.
كما أن الكثير من مشتري السيارات الكهربائية، خاصة في الصين، يفضلون السيارات الهجينة أو السيارات الهجينة القابلة للشحن بدلاً من السيارات الكهربائية بالكامل، ما يؤدي إلى انخفاض الطلب على معادن البطاريات، حيث تحتاج السيارات الهجينة إلى بطاريات أصغر حجماً، ما يعني انخفاض الطلب على الكاثودات المعدنية.
ويأتي بعض الدعم لطلب الليثيوم من الزيادة في استخدام بطاريات فوسفات الحديد الليثيوم في الصين. وفقاً للوكالة الدولية للطاقة، شكلت البطاريات ثلثي مبيعات السيارات الكهربائية في الصين العام الماضي. وهذه البطاريات أرخص من البطاريات الغنية بالنيكل، وقد حسنت الشركات المصنعة الصينية أداءها إلى درجة أن النموذج الجديد «Shenxing Plus» من شركة «CATL» يمكن أن يقطع أكثر من 1000 كيلومتر بشحنة واحدة.
لكن بالنسبة لأسواق النيكل والكوبالت والمنغنيز، فإن هذه البطاريات ليست خبراً ساراً. ففي أكتوبر، تم نشر ما يقرب من 48 ألف طن متري من الليثيوم في مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة، بزيادة 28% عن العام السابق. وفي المقابل، زادت كميات النيكل والمنغنيز والكوبالت المنتشرة بنسبة 10% و4% و2% فقط على التوالي، وهو انعكاس للتحول نحو السيارات الهجينة والتغيرات في كيمياء البطاريات.
وتشكل الصين لاعباً مهيمناً في جميع أسواق الليثيوم والنيكل والكوبالت، لكنها تواجه تصاعداً في التوترات التجارية مع الولايات المتحدة. واتهمت مجموعة السياسة المعنية بالمعادن الحيوية، وهي جزء من لجنة العلاقات الأمريكية الصينية، الشركات الصينية بإغراق السوق وخفض الأسعار عبر ممارسات مثل الإفراط في الإنتاج.
ووفقاً لتقرير اللجنة، «تستخدم الصين سياسات التحكم في الأسعار والتكامل الرأسي وحواجز الدخول الكبيرة لمنع المنافسة».
في حين قد يختلف الرئيسان جو بايدن ودونالد ترامب في سياسات السيارات الكهربائية، فإن هناك إجماعاً كبيراً بين الحزبين على ضرورة تعزيز قدرة الولايات المتحدة على إنتاج معادن البطاريات وتقليل هيمنة الصين على سلسلة التوريد العالمية.
يواجه قطاع معادن البطاريات العديد من التحديات الهيكلية، من تزايد العرض العالمي إلى الطلب غير المتوقع من قطاع السيارات الكهربائية، ما يترك المنتجين في موقف ضعيف.
وإذا تم فرض رسوم جمركية أعلى من قبل الولايات المتحدة، فقد يؤدي ذلك إلى انقسام السوق العالمي إلى قسمين: نظام تسعير أمريكي ونظام تسعير صيني، وهو سيناريو قد يعيد رسم خريطة التجارة العالمية لمعدن البطاريات في المستقبل القريب.
سيكون عام 2025 حاسماً بالنسبة لمعادن البطاريات، حيث سيحدد التوازن بين العرض والطلب ما إذا كانت الأسعار ستتعافى أم ستستمر في الانخفاض، ما يحول الحلم الكهربائي إلى كابوس مرير للقطاع.
0 تعليق