إسرائيل هيوم
من يوآف ليمور
9/12/2024
من الصعب على المرء ألا يدهش بسقوط نظام بشار الأسد: فليس في كل يوم نحظى برؤية النهاية العادلة لطاغية كان مسؤولا عن أسوأ الجرائم التي ارتكبت في القرن الحالي.اضافة اعلان
السرعة التي حصل فيها هذا وحقيقة أن في الطريق كاد لا يكون قتالا، تزيد الدهشة فقط. كل أجهزة الاستخبارات في الغرب (وعلى ما يبدو في الشرق أيضا) اُمسك بها غير جاهزة في ضوء تفكك جيش الأسد الذي أدى إلى انهيار النظام. للاستخبارات الإسرائيلية هذه دعوة صحوة واجبة: هو ما كان ملزما بأن يعرف كل التفاصيل عن استعدادات الثوار لكنه كان ملزما بأن يستعد على نحو أفضل لضعف النظام السوري. خيرًا يفعل الآن الخبراء في شعبة الاستخبارات "أمان" وفي الموساد إذا ما حشدوا أفضل العقول والقوى كي لا يتفاجأوا مرة أخرى في ساحات تقلق إسرائيل على نحو خاص.
ثمة غير قليل من مثل هذه الساحات. في سورية مثلا ستكون موجات صدى ليس فقط في سورية ذاتها بل في كل ارجاء الشرق الأوسط وما وراءه. فانهيار النظام وصعود قوة سُنية يوفران فرصا لإسرائيل وحلفائها لكنهما ينطويان أيضا على مخاطر لا بأس بها.
القلق الفوري هو في هضبة الجولان. فقد دخل الجيش الإسرائيلي أول من امس الى المنطقة المجردة من السلاح واستولى على مواقع في جبل الشيخ السوري أيضا كي يحسّن الموضع للمستقبل. هذا استمرار لعملية تحسين التحصينات في جبهة توجد منذ بضعة اشهر لاجل منع تسلم في نمط 7 تشرين الأول (أكتوبر) يستند في أساسه الى سيارات التندر. لهذا الغرض حفرت قنوات عميقة من المعقول الآن أن تكثف بقوات وبوسائل أخرى وكذا بوجود دائم في الجولان السوري – على الأقل الى أن يستقر الوضع في سورية ويتضح من هو رب البيت وما هي نواياه.
ظاهرا، ليس للتنظيم الذي سيطر على سورية، هيئة تحرير الشام، مصلحة في إسرائيل، ولديه اوجاع رأس اكبر قبل أن يتفرغ للقتال ضد القوة الأكبر في المنطقة. لكن الـ 14 شهرا الأخيرة علمت إسرائيل بانه محظور عليها أخذ المخاطر: ولهذا فقد هوجمت أيضا ليلة أول من أمس أهداف مختلفة في سورية، كان تخوف من أن تقع محتوياتها في أيدي الثوار بما في ذلك مخزونات سلاح ومصانع لإنتاج السلاح. لمن نسي، فان سورية كانت تحوز في الماضي مخزون السلاح الكيماوي الأكبر في العالم، الذي وان كان معظمه اخرج من نطاقها لكن العلم والخبراء بقوا في سورية ومشكوك أن يكون أحد ما يعرف أن يتنبأ كيف سيتصرف الحكم الجديد اذا كانت في جعبته قدرة غير تقليدية. متابعة هذه القدرات وتدميرها عند الحاجة يجب أن تكون هدفا اعلى لإسرائيل، والى جانب التأكد من الا ينتج الثوار سلاحا إضافيا من شأنه أن يتحدى إسرائيل في المستقبل.
استمرارا لذلك معقول أن تكون الأنظمة السُنية الأخرى في المنطقة خائفة الان – من مصر التي ترى كيف يرفع الاخوان المسلمون الرأس في اعقاب انتصار اردوغان – سيد الثوار في سورية – وحتى السعودية والامارات. فلو كان يخيل قبل أسبوع فقط بان التحدي الأكبر الذي بانتظار هذا المحور هو ايران، فان بانتظاره الان تحديا إضافيا من جانب السُنة المتطرفة التي تشكل تهديدا هاما لأول مرة منذ عقد.
إضافة الى ذلك، ليس واضحا اذا ما ثارت الان الجهود للتوحيد بين سورية والعراق (اسم التنظيم، الشام، يلمح بذلك) وماذا سيكون على جماهير المؤيدين الصامتين للجهاد العالمي الذين ضربوا قبل عقد في الشرق الأوسط وفي ارجاء العالم. هل أوروبا والعالم يقفان امام موجة جديدة من الإرهاب يستوجب منهم العودة للقتال في الشرق الأوسط بخلاف مخططاتهم المعلنة (بما في ذلك أول من امس) لترك الأمور في سورية تجري بذاتها؟
معقول ان يسعى الحاكم الجديد لسورية أبو محمد الجولاني (الذي اصل عائلته من الجولان: سبب آخر للقلق) قبل كل شيء أن يثبت سيطرته في سورية. على الطريق ستكون له تحديات عديدة لان الدولة تتمزق الان بين جملة قوى – سُنة، علويين، دروز واكراد. هذا الانقسام جيد لإسرائيل، التي ستبحث بالتأكيد عن حلفاء من بينهم. بعضهم طبيعيون مثل الاكراد والدروز وان كانت المنظمات السنية أيضا اثبتت قبل عقد ممارسات عديدة حين عرفت كيف تتعاون بشكل خفي مع إسرائيل للمنفعة المتبادلة.
الى جانب أوجاع الرأس هذه، يوجد في المستوى الحالي أيضا غير قليل من الفرص، أساسها هي كسر طوق النار الذي فرضته ايران حول إسرائيل والذي كانت سورية حجره الأساس. الإيرانيون نقلوا السلاح عبر سورية في الجو، في البر وفي البحر، استخدموا منشآتها لانتاج وتخزين السلاح وعمليا فعلوا فيها ما يشاءون – مقابل انقاذهم نظام الأسد في العقد الماضي. والان فقدوا ليس فقط معقلا مركزيا بل وأيضا محور التعزيز الأساس لحزب الله الذي على أي حال يوجد في الدرك الأسفل الأصعب في تاريخه. اذا عرفت إسرائيل كيف تصون الاتفاق الذي تحقق قبل أسبوعين وتمنع نزول حزب الله الى جنوب لبنان وتعاظم قوة الحزب يحتمل أن نكون نوجد في بداية عصر جديد في لبنان أيضا.
لكن في دحر ايران الى الزاوية يكمن خطر أيضا: فهي كفيلة بأن تغرى للاقتحام نحو النووي. على أساس الكمية الكبيرة من اليورانيوم المخصب الذي جمعته (التي تكفي حسب الخبراء لنحو 10.5 قنابل). على إسرائيل أن تتعاون مع الولايات المتحدة كي تتأكد من ألا يحصل هذا، وعند الحاجة أن تعمل عسكريا كي تردع ايران أكثر فأكثر. الأميركيون سينتظرون بالتأكيد تبادل الحكم في 20 كانون الثاني، لكن الإدارة المنصرفة هي الأخرى سترغب في تنفيذ تعهدها الا تسمح لإيران بالتحول النووي في ورديتها.
ان انهيار المحور الإيراني واساسا امتناع ايران عن مد اليد للاسد، كان إشارة الى أنه عند الضائقة تهجر اصدقائها. تصرفت روسيا مثلها على خلفية حربها في أوكرانيا، وهي أيضا تفقد أساس نفوذها في الشرق الأوسط. اذا عرفت الولايات المتحدة كيف تستغل هذا لرفع مستوى نفوذها، فسيتعزز المحور المعتدل اكثر في مواجهة التحديات التي تنتظره الان.
ان هذه التقلبات الدراماتيكية تجد إسرائيل في ذروة هزة داخلية لا تتوقف، فيما يكون جهاز الأمن وقادته عرضة لهجوم دائم من أعضاء الحكومة والائتلاف. هذا في الوقت الذي يكون فيه جهاز الأمن موضوعا في يدي وزير دفاع غِر وحين يكون رئيس الوزراء مشغولا بالجهود لتأجيل شهادته في محاكمته.
من يوآف ليمور
9/12/2024
من الصعب على المرء ألا يدهش بسقوط نظام بشار الأسد: فليس في كل يوم نحظى برؤية النهاية العادلة لطاغية كان مسؤولا عن أسوأ الجرائم التي ارتكبت في القرن الحالي.اضافة اعلان
السرعة التي حصل فيها هذا وحقيقة أن في الطريق كاد لا يكون قتالا، تزيد الدهشة فقط. كل أجهزة الاستخبارات في الغرب (وعلى ما يبدو في الشرق أيضا) اُمسك بها غير جاهزة في ضوء تفكك جيش الأسد الذي أدى إلى انهيار النظام. للاستخبارات الإسرائيلية هذه دعوة صحوة واجبة: هو ما كان ملزما بأن يعرف كل التفاصيل عن استعدادات الثوار لكنه كان ملزما بأن يستعد على نحو أفضل لضعف النظام السوري. خيرًا يفعل الآن الخبراء في شعبة الاستخبارات "أمان" وفي الموساد إذا ما حشدوا أفضل العقول والقوى كي لا يتفاجأوا مرة أخرى في ساحات تقلق إسرائيل على نحو خاص.
ثمة غير قليل من مثل هذه الساحات. في سورية مثلا ستكون موجات صدى ليس فقط في سورية ذاتها بل في كل ارجاء الشرق الأوسط وما وراءه. فانهيار النظام وصعود قوة سُنية يوفران فرصا لإسرائيل وحلفائها لكنهما ينطويان أيضا على مخاطر لا بأس بها.
القلق الفوري هو في هضبة الجولان. فقد دخل الجيش الإسرائيلي أول من امس الى المنطقة المجردة من السلاح واستولى على مواقع في جبل الشيخ السوري أيضا كي يحسّن الموضع للمستقبل. هذا استمرار لعملية تحسين التحصينات في جبهة توجد منذ بضعة اشهر لاجل منع تسلم في نمط 7 تشرين الأول (أكتوبر) يستند في أساسه الى سيارات التندر. لهذا الغرض حفرت قنوات عميقة من المعقول الآن أن تكثف بقوات وبوسائل أخرى وكذا بوجود دائم في الجولان السوري – على الأقل الى أن يستقر الوضع في سورية ويتضح من هو رب البيت وما هي نواياه.
ظاهرا، ليس للتنظيم الذي سيطر على سورية، هيئة تحرير الشام، مصلحة في إسرائيل، ولديه اوجاع رأس اكبر قبل أن يتفرغ للقتال ضد القوة الأكبر في المنطقة. لكن الـ 14 شهرا الأخيرة علمت إسرائيل بانه محظور عليها أخذ المخاطر: ولهذا فقد هوجمت أيضا ليلة أول من أمس أهداف مختلفة في سورية، كان تخوف من أن تقع محتوياتها في أيدي الثوار بما في ذلك مخزونات سلاح ومصانع لإنتاج السلاح. لمن نسي، فان سورية كانت تحوز في الماضي مخزون السلاح الكيماوي الأكبر في العالم، الذي وان كان معظمه اخرج من نطاقها لكن العلم والخبراء بقوا في سورية ومشكوك أن يكون أحد ما يعرف أن يتنبأ كيف سيتصرف الحكم الجديد اذا كانت في جعبته قدرة غير تقليدية. متابعة هذه القدرات وتدميرها عند الحاجة يجب أن تكون هدفا اعلى لإسرائيل، والى جانب التأكد من الا ينتج الثوار سلاحا إضافيا من شأنه أن يتحدى إسرائيل في المستقبل.
استمرارا لذلك معقول أن تكون الأنظمة السُنية الأخرى في المنطقة خائفة الان – من مصر التي ترى كيف يرفع الاخوان المسلمون الرأس في اعقاب انتصار اردوغان – سيد الثوار في سورية – وحتى السعودية والامارات. فلو كان يخيل قبل أسبوع فقط بان التحدي الأكبر الذي بانتظار هذا المحور هو ايران، فان بانتظاره الان تحديا إضافيا من جانب السُنة المتطرفة التي تشكل تهديدا هاما لأول مرة منذ عقد.
إضافة الى ذلك، ليس واضحا اذا ما ثارت الان الجهود للتوحيد بين سورية والعراق (اسم التنظيم، الشام، يلمح بذلك) وماذا سيكون على جماهير المؤيدين الصامتين للجهاد العالمي الذين ضربوا قبل عقد في الشرق الأوسط وفي ارجاء العالم. هل أوروبا والعالم يقفان امام موجة جديدة من الإرهاب يستوجب منهم العودة للقتال في الشرق الأوسط بخلاف مخططاتهم المعلنة (بما في ذلك أول من امس) لترك الأمور في سورية تجري بذاتها؟
معقول ان يسعى الحاكم الجديد لسورية أبو محمد الجولاني (الذي اصل عائلته من الجولان: سبب آخر للقلق) قبل كل شيء أن يثبت سيطرته في سورية. على الطريق ستكون له تحديات عديدة لان الدولة تتمزق الان بين جملة قوى – سُنة، علويين، دروز واكراد. هذا الانقسام جيد لإسرائيل، التي ستبحث بالتأكيد عن حلفاء من بينهم. بعضهم طبيعيون مثل الاكراد والدروز وان كانت المنظمات السنية أيضا اثبتت قبل عقد ممارسات عديدة حين عرفت كيف تتعاون بشكل خفي مع إسرائيل للمنفعة المتبادلة.
الى جانب أوجاع الرأس هذه، يوجد في المستوى الحالي أيضا غير قليل من الفرص، أساسها هي كسر طوق النار الذي فرضته ايران حول إسرائيل والذي كانت سورية حجره الأساس. الإيرانيون نقلوا السلاح عبر سورية في الجو، في البر وفي البحر، استخدموا منشآتها لانتاج وتخزين السلاح وعمليا فعلوا فيها ما يشاءون – مقابل انقاذهم نظام الأسد في العقد الماضي. والان فقدوا ليس فقط معقلا مركزيا بل وأيضا محور التعزيز الأساس لحزب الله الذي على أي حال يوجد في الدرك الأسفل الأصعب في تاريخه. اذا عرفت إسرائيل كيف تصون الاتفاق الذي تحقق قبل أسبوعين وتمنع نزول حزب الله الى جنوب لبنان وتعاظم قوة الحزب يحتمل أن نكون نوجد في بداية عصر جديد في لبنان أيضا.
لكن في دحر ايران الى الزاوية يكمن خطر أيضا: فهي كفيلة بأن تغرى للاقتحام نحو النووي. على أساس الكمية الكبيرة من اليورانيوم المخصب الذي جمعته (التي تكفي حسب الخبراء لنحو 10.5 قنابل). على إسرائيل أن تتعاون مع الولايات المتحدة كي تتأكد من ألا يحصل هذا، وعند الحاجة أن تعمل عسكريا كي تردع ايران أكثر فأكثر. الأميركيون سينتظرون بالتأكيد تبادل الحكم في 20 كانون الثاني، لكن الإدارة المنصرفة هي الأخرى سترغب في تنفيذ تعهدها الا تسمح لإيران بالتحول النووي في ورديتها.
ان انهيار المحور الإيراني واساسا امتناع ايران عن مد اليد للاسد، كان إشارة الى أنه عند الضائقة تهجر اصدقائها. تصرفت روسيا مثلها على خلفية حربها في أوكرانيا، وهي أيضا تفقد أساس نفوذها في الشرق الأوسط. اذا عرفت الولايات المتحدة كيف تستغل هذا لرفع مستوى نفوذها، فسيتعزز المحور المعتدل اكثر في مواجهة التحديات التي تنتظره الان.
ان هذه التقلبات الدراماتيكية تجد إسرائيل في ذروة هزة داخلية لا تتوقف، فيما يكون جهاز الأمن وقادته عرضة لهجوم دائم من أعضاء الحكومة والائتلاف. هذا في الوقت الذي يكون فيه جهاز الأمن موضوعا في يدي وزير دفاع غِر وحين يكون رئيس الوزراء مشغولا بالجهود لتأجيل شهادته في محاكمته.
0 تعليق