الاكتئاب الشتوي والتوسع في ممارسات العمل المرن

صحيفة مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
بدأت أشعر أن بعض المديرين يحتاجون إلى العودة قليلا إلى المرحلة الابتدائية، حتى نستطيع أن نصل وإياهم إلى مساحات مشتركة في ضرورة فهم واقع الموظفين والتوسع في ممارسات العمل المرن وخاصة في فصل الشتاء، أولا عليهم معرفة أن هؤلاء الموظفين هم من الكائنات الحية البشرية التي تعيش على سطح كوكب الأرض، ومن فصيلة الثدييات، وذوات الدم الحار، وبالتالي هم كبقية الكائنات على هذا الكوكب التي خلقها الله سبحانه وتعالى، التي تتأثر بالطقس وتغير المناخ صيفا وشتاء، وبالتالي وفق طبيعة أجسادنا كبشر ثمة تغيرات تعتري أجسامنا حال معايشة الأجواء الباردة، ومنها ما هو صحي، ومنها ما قد يتطلب عناية خلال فترة الشتاء، وأهمها الحالة النفسية وتغير المزاج أو الاكتئاب الشتوي.

فصل الشتاء وبرودة أجوائه وقِصر النهار خلاله وتدني رؤية ضوء الشمس يسبب لدى بعض الموظفين ما يسمى بـ«الاضطراب العاطفي الموسمي» وتظهر أعراضه عند كل (3) موظفين من عدد (10) وفق مجلة ستارت أب البريطانية، ويتسبب في أعراض تشبه إلى حد بعيد أعراض الاكتئاب، وتشمل الأعراض الشائعة كلا من: سهولة التهيّج، والشعور بالاكتئاب معظم اليوم، والإفراط في النوم، وتغيرات في الشهية والوزن، وصعوبة في التركيز، وفقدان الاهتمام بالأنشطة التي كانت ممتعة سابقا، والقلق والحزن، وتفيد بعض المصادر الطبية بأن الأشخاص المصابين بالاضطراب العاطفي الموسمي، لديهم المزيد من المادة الكيميائية التي تسمى SERT، والتي تتسبب في خفض مستويات السيروتونين (هرمون السعادة) في الدماغ.

ورغم عدم وضوح الأسباب المؤكدة لهذا التغير المزاجي النفسي، فإن هناك بعض العوامل المؤثرة، كتسبُّب انخفاض ضوء الشمس في اضطرابات إيقاعات ساعة الجسم البيولوجية الداخلية، وفي انخفاض مستويات السيروتونين في الدماغ (ما قد يؤدي إلى الشعور بالاكتئاب).

وأيضا تأثيره في التسبب في اضطرابات في مستويات الميلاتونين (هرمون النوم)؛ ما يؤثر بشكل سلبي على أنماط النوم والمزاج.

وقد قدّم مجمع علم النفس الأسترالي APS نصائح بسيطة للتغلب على هذه الحالة.

ومنها الحصول على ساعة واحدة على الأقل من الإضاءة الخارجية كل يوم (يفضّل في الصباح)، وبذل الجهد للحفاظ على نشاط وحيوية الحياة الاجتماعية والترفيهية، والحرص على ممارسة النشاط البدني والتمارين الرياضية.

ووفقا لتقارير جديدة صادرة عن منظمة العمل الدولية في جنيف، فإن تقليل ساعات العمل والتوسع في ممارسات العمل المرن، يساهم بشكل كبير في تعزيز الصحة النفسية والجسدية للعاملين، وتحقيق توزان أكبر بين العمل والحياة اليومية، وبالتالي ينعكس ذلك على صحة ورفاهية المجتمع على المدى الطويل، وتحسين الإنتاجية، وزيادة الرضى الوظيفي، بالتالي تساهم في خفض نسبة ترك الموظفين لأعمالهم، الذي يكبِّد الشركات خسائر فادحة، سواء على المستوى المادي، نظرا لارتفاع التكاليف المباشرة لعمليات التوظيف، أو من حيث صعوبة تعويض النقص الحاصل في المهارات والخبرات.

وفي استطلاع الرأي الذي قامت به شركة الأبحاث والاستشارات التكنولوجية الأمريكية (Gartner) المعروفة، والتي تعمل مع كبرى الشركات العملاقة والمنشآت الحكومية، أن العمل المرن يساهم بشكل كبير في جذب أفضل المواهب والكفاءات، ويجعل الموظفين أكثر إنتاجية أيضا، حيث كان رأي 43% من المشاركين في الاستطلاع: إن ساعات العمل المرنة ساعدتهم على تحقيق المزيد من الإنتاجية، وقال 30% من المشاركين: إن توفير الوقت والجهد الذي كان يقضونه في التنقل والموصلات سمح لهم بأن يكونوا أكثر إنتاجية وتركيزا في أعمالهم.

الدراسات العالمية أيضا أوصت بالتوسع في ممارسات العمل المرن لتحقيق الرضى الوظيفي وتحسين بيئة العمل وبالتالي زيادة الإنتاجية، أعتقد جاء الوقت لزيادة ممارسات العمل المرن وخاصة في فصل الشتاء، لرفع جودة الحياة في بيئة العمل وبالتالي زيادة شريحة الموظفين الجيدة، وخلق مساحات أرحب وتوازن بين بيئة العمل والحياة الاجتماعية والشخصية لدى الموظف.

3OMRAL3MRI@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق