انطلقت مشاريع «دبي القابضة» قبل تأسيس الشركة بسنوات، مع إطلاق مدينة دبي للإنترنت عام 1999، وتوالت بعدها المشاريع العملاقة في دولة الإمارات وخارجها لتصبح دبي القابضة اليوم أكبر شركة وطنية في دبي بأصولها البالغة نحو 265 مليار درهم. والأهم أنها نموذج لنجاح إسهام القطاع الخاص
كشريك في التنمية.
شهدت البداية إنشاء مدن تغطي مختلف القطاعات الاقتصادية وتقوم على أسس تجارية تضاف إلى اقتصاد دبي، وذلك وفقاً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
القصة من البداية
في أواخر التسعينات، وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، فريقه بقيادة محمد القرقاوي، بالعمل على مشاريع استراتيجية في دبي، بما في ذلك مدينة دبي للإنترنت في 1999 ومدينة دبي للإعلام في 2000. وقال سموه يومها: «لا أريد أن يكون مشروعاً استثمارياً تقليدياً، بل مبادرة استثمارية من منطقة الشرق الأوسط إلى الشرق الأوسط».
لم تكن مشاريع تقليدية تعتمد على رأس مال أو دعم حكومي مباشر، بل على قرض قيمته 200 مليون دولار، وتحمّل القائمون على تلك المشاريع الوليدة مسؤولية إرجاع مبلغ القرض وفق جدول زمني محدد وتوقيع كافة العقود القانونية. ومما رفع من مخاطر المشاريع إنشاؤها في مناطق صحراوية بعيدة عن مركز المدينة.
ومع الوقت، نمت هذه المؤسسات وتوسعت، لتنشأ من خلالها شركات كبرى مثل «دو» و«إمباور»، حتى تأسست «دبي القابضة» بشكل رسمي عام 2004، بصفتها مظلة جامعة لكل تلك المشاريع، ما أسهم في تحويلها إلى كيانات ضخمة ناجحة تعتمد على فلسفة تطوير استراتيجي مستدام.
وفي فبراير 2000، وفي مؤتمر «أوراكل في الشرق الأوسط» وبناء على توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أعلن محمد القرقاوي مدير عام منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية والإعلام حينها، تأسيس شركة قابضة تتولى إدارة منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية والإعلام، وتضم العديد من الشركات العاملة في قطاع تقنية المعلومات بمشاركة القطاع الخاص.
ومنذ إنشاء مدينتي دبي للإنترنت ودبي للإعلام، توالت المشاريع التي شكلت مُدناً متخصصة في قطاعات نوعية وشركات باستثمارات عالمية مثل مدينة دبي للإنتاج، ومدينة دبي للاستوديوهات، ومدينة دبي الطبية، وحي دبي للتصميم، ومدينة دبي الأكاديمية، ومدينة دبي الصناعية، ومجمع دبي للمعرفة، ومدينة دبي للتعهيد، ومجمع دبي للعلوم، ومجموعة جميرا، وشركة «إمباور»، وشركة الاتصالات المتكاملة «دو» وغيرها من المشاريع التي قامت على أسس تجارية.
مجموعة قابضة
في عام 2004، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تأسيس شركة دبي القابضة بهدف إدارة المشاريع الكبرى التي بدأت قبل ذلك الموعد ب5 سنوات، وتضمنت أهداف الشركة على المدى البعيد تحويل دبي إلى مركز أعمال عالمي ووجهة سياحية عالمية، فضلاً عن تطوير اقتصاد متنوع ومستدام ومستقبلي من خلال مبادرات تركز على القطاعات غير النفطية، وعيّن سموه محمد القرقاوي رئيساً لمجلس إدارة الشركة، التي تكوّنت من مجموعة شركات لها أصول ولها دخل وتحوّلت إلى دبي القابضة.
وشملت أعمال المجموعة استثمارات في قطاعات مثل الابتكار، والتعليم، والصحة، والتكنولوجيا، والعقارات، والطاقة، والفنادق، والإعلام، في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك أوروبا وآسيا وإفريقيا، إضافة إلى مشاريع مجموعة جميرا التي تدير أصولاً بقيمة 130 مليار درهم حول العالم، ومنها كارلتون تاور جميرا، وجميرا لاوندر في لندن، وكابري بالاس جميرا في إيطاليا، ومنتجع جميرا بورت سولير في مايوركا بإسبانيا، وآخرها فندق «لو ريتشموند» العريق في سويسرا، كما أن لدبي القابضة مشاريع ضخمة في قارة إفريقيا، وتدير دبي القابضة للاستثمارات أصولاً خارجية بقيمة نحو 10 مليارات دولار، ما أسهم في تعزيز مكانتها بصفتها لاعباً عالمياً رئيسياً.
بنية تحتية متطورة
طورت دبي القابضة، مشاريع ذات بنية تحتية متطورة ومدناً متخصصة مثل مدينة دبي للإنترنت ومدينة دبي للإعلام اللتين أصبحتا مجمّعات أعمال مزدهرة، إذ تحتضن مدينة دبي للإنترنت أكثر من 1600 شريك عمل بما في ذلك شركات مُدرجة ضمن قائمة «فورتشن 500»، التي تضم أكبر 500 شركة في المنطقة من حيث الإيرادات السنوية. وتضمنت المشاريع المنضوية تحت دبي القابضة كيانات دولية، لترسخ مكانة الدولة بصفتها وجهة عالمية رائدة للأعمال والاستثمار في مختلف المجالات، وتصبح محوراً استراتيجياً لجذب الشركات والمستثمرين من مختلف أنحاء العالم.
كيان أكبر
اليوم، وبإشراف سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس مجلس إدارة دبي القابضة، بلغت قيمة أصول «دبي القابضة» بمختلف قطاعاتها حتى منتصف عام 2024 نحو 265 مليار درهم، حيث تنشط في 31 دولة حول العالم. كما مهد دمج كل من نخيل وميدان في المجموعة، لإنشاء كيان أكبر بخبرات تغطي مختلف القطاعات، قادر على المنافسة على المستويين الإقليمي والعالمي.
يومها علّق سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، بقوله: «انطلاقاً من رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تشرع دبي في كتابة فصل جديد لترسيخ نموها الاقتصادي. ضم شركتي نخيل وميدان تحت مظلة دبي القابضة سيسهم في تعزيز الكفاءة المالية وخلق تأثير عالمي أكبر. ومن خلال محفظتها المتنوعة التي تمتد عبر مختلف القطاعات، تتميز دبي القابضة بموقع جيد لتعزيز تنافسيتها على الصعيدين الإقليمي والعالمي، والمساهمة أيضاً في تحقيق مستهدفات رؤية دبي الاقتصادية 2033. أتشرّف بقيادة هذه المهمة الجديدة ومتفائل بالمستقبل الواعد لوطننا».
التحولات
وخلال العشرين عاماً الماضية، مرت دبي القابضة بعدد من التحولات والتغيرات التي أسهمت في ما وصلت إليه، فقد انطلقت أبرز المشاريع من مجرد أفكار وخطط إلى واقع ملموس، وشملت تطوير مناطق سكنية وتجارية وترفيهية متكاملة أصبحت اليوم أيقونات عالمية، مثل القرية العالمية، كوكاكولا أرينا، دبي باركس آند ريزوتس، حديقة الألعاب المائية، عين دبي، «جيه بي آر»، ذا جرين بلانيت دبي، روكسي سينما، السيف، بلو ووترز وغيرها، كما أدت دوراً محورياً في تطوير قطاع السياحة والضيافة في دبي بتأسيسها مجموعة فنادق ومنتجعات «جميرا» التي تُعد علامتها التجارية المحلية التي انطلقت من دبي إلى العالمية، إضافة إلى الشراكة مع أبرز مشغلي الفنادق حول العالم مثل هيلتون وماريوت وغيرهما.
شراكات استراتيجية
تعد دبي القابضة، عبر ذراعها المتخصصة في تطوير وتنفيذ استراتيجياتها الاستثمارية، دبي القابضة للاستثمارات، ثاني أكبر مساهم في بنك الإمارات دبي الوطني بحصة 14.8%، وثاني أكبر مساهم في إعمار العقارية، كما تمتلك 24% من أسهم «إمباور».
وشاركت دبي القابضة في إنشاء مركز ورسان لمعالجة النفايات، الأكبر عالمياً في توليد الطاقة من النفايات، كما طورت منتجع جميرا مرسى العرب الفاخر. وعقدت شراكة مع «الدار العقارية» لتطوير ثلاثة مشاريع في دبي.
المربع الذهبي
وفي مارس 2024 وجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء، رعاه الله، بضم كل من «نخيل» و«ميدان» تحت مظلة مجموعة دبي القابضة، لتشكيل كيان اقتصادي ضخم، بمحفظة بالغة التنوع من الأنشطة الاقتصادية الحيوية، والمرتبطة بشكل كبير بصناعة المستقبل، مثل التكنولوجيا، والإعلام، والاستثمارات المتنوعة.
وتتولى «دبي للعقارات» الإشراف على أهم المشاريع العقارية وأشهر الوجهات في دبي. وتسهم «مِراس» بدور جوهري في تطوير المجمّعات المتكاملة وتضم عدداً من أكثر المناطق المرغوبة للسّكن.
وتعد «نخيل» مطوراً عالمياً، وتعد مشاريعها محورية في تحقيق رؤية دبي.
أما «ميدان»، فقد انبثقت من رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وتضم مضمار ميدان، ومدينة محمد بن راشد آل مكتوم، والحي الأول، وميدان ون، وفندق الميدان.
30 مركزاً للتسوق
تملك دبي القابضة لإدارة الأصول محفظة قوية تضم: 25 مجمّعاً سكنياً، و15 وجهة للتجزئة والترفيه، و10 مراكز تسوّق تجارية، و20 مركز تسوّقٍ سكنياً، و10 وجهات أعمال.
وجهات التجزئة والترفيه تضمّ 15 وجهة، استقطبت مجتمعة أكثر من 140 مليون زائر في عام 2023.
وتضمّ محفظة دبي القابضة لإدارة الأصول 10 مراكز تسوّق بارزة في مختلف أنحاء دبي، إضافة إلى 20 من مراكز التسوق السكنية.
وتُعد دبي القابضة لإدارة الأصول المساهم الاستراتيجي الأكبر في مجموعة تيكوم.
كما تشمل محفظة «مساكن دبي» للمجمّعات السكنية المخصصة للتأجير، مساكن «نخيل» و«ميدان»، ما أسهم في توسيع نطاق المحفظة الموحّدة لتضم 40 ألف وحدة سكنية من الوجهات البحرية المتميزة إلى الأحياء السكنية العائلية لما يزيد على 150 ألف مقيم.
أشهر الوجهات السياحية
تُعد دبي القابضة للترفيه من أكبر المجموعات الترفيهية المتنوعة في المنطقة، وتلتزم بترسيخ مكانة الإمارة بصفتها واحدة من أكثر الوجهات السياحية المرغوبة في جميع أنحاء العالم.
تقدّم دبي القابضة للترفيه، مجموعة من الوجهات السياحية ومعالم الجذب وتشمل، أعلى عجلة مشاهدة في العالم، و«القرية العالمية» ودبي باركس آند ريزورتس وحديقة وايلد وادي المائية، أول حديقة مائية في دولة الإمارات تم افتتاحها عام 1999.
«جميرا».. درّة التاج
تعتبر مجموعة جميرا أول علامة تجارية محلية في قطاع الضيافة الفاخرة، تضم في محفظتها 42 فندقاً ومنتجعاً عالمياً تضم 10.000 غرفة فندقية.
ومنذ تأسيسها قبل عقدين من الزمن، كان لها تأثير كبير في السوق العالمي لقطاع الضيافة.
0 تعليق