تنافس المرأة الأمريكية في السباق الانتخابي الرئاسي وفوز لم تُتوج به بعد

صحيفة مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
مع اعتماد تصويت أعضاء المجمع الانتخابي لمرشحهم في السباق الانتخابي الرئاسي، وإعلان النتائج رسميا بتاريخ السادس من يناير لعام 2025، ينتهي السباق الانتخابي الأمريكي رسميا بإعلان اسم المرشح الفائز من الحزب الجمهوري دونالد ترامب، في الانتخابات الرئاسية، وخسارة منافسته مرشحة الحزب الديموقراطي كامالا هاريس، ثاني امرأة تصل للانتخابات النهائية للرئاسة.

هذا السباق الرئاسي شهد في بدايته العديد من المفاجآت، حيث إنه وفي بداية الحملة الانتخابية كان يسود اعتقاد بانحصار أسماء مرشحي الحزبين بين ترامب وبايدن، بالإضافة لانعقاد المناظرة الأولى بينهما، لكن أعقبها إعلان مفاجئ من البيت الأبيض بانسحاب بايدن من الانتخابات وترشح نائبته هاريس عوضا عنه، والتي لم يكن اسمها ضمن المرشحين الجمهورين، ما يجعلها ثاني امرأة تنافس بقوة للرئاسة بعد هيلاري كلينتون.

عند الحديث عن ترشح المرأة الأمريكية للسباق الرئاسي يستحضر للذاكرة اسمان وهما هيلاري كلينتون وكامالا هاريس، لكن في حقيقة الأمر فإن محاولات المرأة الأمريكية للترشح الرئاسي مستمرة منذ عقود، إلا أنه وطوال هذه المدة وخلال تسع وخمسين ولاية رئاسية تعاقب عليها أربع وستون رئيسا لم تستطع الفوز في السباق الرئاسي، من المهم الإشارة إلى أن مشاركة المرأة الأمريكية في المجال السياسي تعتبر حديثة مقارنة بالرجل، حيث إنه وعند كتابة الدستور الأمريكي عام 1789 لم تمنح بنوده النساء الحق بالتصويت، ولكن وبعد محاولات مستمرة منهن للمطالبة بالتصويت والترشح الرئاسي، تم منحهن حق التصويت والانتخاب عام 1920، مما يعطي صورة عن الصعوبات التي تواجهها المرأة الأمريكية في المجال السياسي والممتدة منذ عقود للآن.

الجدير بالذكر أن التاريخ يزخر بأسماء كثيرة من المرشحات في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فمن ضمن أكثر عشر مرشحات تركن بصمتهن في تاريخ السباق الرئاسي، تعتبر فيكتوريا وودهل أول امرأة تترشح لمنصب الرئاسة عام 1872، حيث فازت بثقة الحزب الوطني للمساواة في الحقوق، كانت رائدة في مجال حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، ونتيجة لعدم تشريع قانون السماح للمرأة بالتصويت وممارسة العمل السياسي حينها فقد تم سجنها يوم الانتخابات.

في عام 1884 ترشحت بيلفا لوكوود للرئاسة، وكانت محامية وتعتبر إحدى الرائدات في مجال حقوق المرأة وناشطة سياسية، وقامت بصياغة قانون أقره الكونجرس للسماح للمرأة بممارسة مهنة المحاماة في المحكمة العليا، وبدأت بعدها بممارسة مهنة المحاماة في المحكمة كأول امرأة. أما شيرلي أنيتا تشيشولم فقد ترشحت للمنصب الرئاسي في عام 1972، تعتبر أول امرأة من أصول أفريقية تترشح وتحقق نتائج مشجعه للمرأة في الانتخابات التمهيدية، عُرف عنها دفاعها عن حقوق المرأة وذوي الأصول الأفريقية، فهي أول امرأة أفريقية تدخل الكونجرس عام 1969.

أيضا، ترشحت إلين مكورماك للرئاسة مرتين في عام 1976 وعام 1980، من أوائل النساء اللاتي ترشحن عن إحدى الأحزاب الكبرى وهو حزب المحافظين، ونتيجة لتوافق آرائها المحافظة مع بعض رجال الأعمال الداعمين للقضايا نفسها، فقد تلقت دعما ماليا منهم، بالإضافة لدعم مالي حكومي لدعم القضايا الاجتماعية التي تدعمها مثل منع قوانين السماح بالإجهاض، في وقت كانت قوانين الدعم العائلي والحراك السياسي في أوجها وتواجه تطرفا. في عام 1988 ترشحت لينورا فولاني للرئاسة كمستقلة عن حزب التحالف الجديد، كانت أول امرأة من أصول أفريقية تظهر صورتها على جميع مراكز الاقتراع الخمسين، وتمكنت من الحصول على أصوات مؤيدة لها من جميع الأحزاب بالرغم من كونها ليست من أحد الحزبين الرئيسين، وكانت نشاطاتها السياسية والاجتماعية ذات تأثير على كثير من المرشحين من خارج الحزبين الرئيسين.

أما سينثيا ماكيني فترشحت للرئاسة عن حزب الخضر عام 2008، كانت أول امرأة من أصول أفريقية تمثل جورجيا في مجلس النواب قبل ترشحها، وعرفت بالدفاع عن حقوق الأقليات. أيضا ترشحت ميشيل باكمان عام 2012 عن الحزب الجمهوري، عُرفت بآرائها المحافظة في الشأن الاجتماعي والسياسي عندما كانت عضوا في مجلس النواب وحتى بعد اعتزالها العمل السياسي. تعتبر جيل ستاين طبيبة وسياسية أمريكية ذات شهرة في المجال السياسي، ومن المدافعين بشدة عن قضايا البيئة والعدالة الاجتماعية، وترشحت للرئاسة مرتين عام 2016 و2012 عن حزب الخضر.

كما تُعد هيلاري كلينتون أول امرأة تترشح رسميا من أحد الحزبين الرئيسيين وتصل للمرحلة الأخيرة من الانتخابات، فقد ترشحت عام 2016 عن الحزب الديموقراطي وخسرت أمام ترامب، مرشح الحزب الجمهوري، حملت لقب السيدة الأولى مرتين، سيناتور، وزيرة خارجية، وتعتبر قبل اعتزالها العمل السياسي ذات مشوار سياسي حافل.

أما كامالا هاريس فهي سياسية ومحامية شغلت منصب مدعي عام لولاية كاليفورنيا، أول امرأة تشغل منصب نائب رئيس، أول امرأة من أصول أفريقية وآسيوية تصل لبعض مناصبها السياسية، وترشحت عام 2024 عن الحزب الديموقراطي.

ختاما، فإن فترة مزاولة المرأة الأمريكية للسياسة تعتبر حديثة مقارنة بالرجل، مما يرشح فرصه للفوز بالمناصب السياسية بنسبة أكبر منها، أيضا فما يتم تداوله بقلة التصويت من الجنسين للمرأة المرشحة أو أن المجتمع الأمريكي ليس مستعدا بعد للتصويت للمرأة فهذا غير صحيح، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أجراها مركز "Bibo" للأبحاث بأن 52% من النساء والشباب يفضلن كامالا هاريس، بالإضافة لهذا فقد فازت هيلاري كلينتون بالأصوات الشعبية في انتخابات 2016 ضد منافسها ترامب بفارق أكثر من 2.8 مليون صوت من الجنسين، لكن كانت هزيمتها بسبب عدم فوزها بتصويت المجمع الانتخابي، مما يعكس عدم اقتناع أعضاء المجمع بعد بالتصويت للمرأة المرشحة، بصفة عامة يفسر علم الاجتماع السياسي سبب هذا التحيز، عند توفر الكفاءة في المرشحة مع عدم التصويت لها، بما يسمى "بالتحيز العملي" أو "التحيز النفعي"، وهو عدم التصويت للمرشح بسبب الاعتقاد بضعف احتمالات فوزه مما يدفعهم للتصويت للمرشح ذي الحظ الأوفر في الفوز.

g_alyazidi@

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق