“هوية”.. حراس شجرة العائلات الفلسطينية و”بنك شهود النكبة”

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية هوية

السبيل

مع بداية عام 2025، يختتم المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية “هوية” عامه الرابع عشر من العمل الدؤوب في مجال توثيق تاريخ وجذور العائلات الفلسطينية.
انطلقت “هوية” استناداً إلى قناعة راسخة بأن البحث في تاريخ العائلات الفلسطينية، وحفظ جذورها، وتوثيق روايتها، يمثل ركيزة أساسية لصناعة مستقبل تنعم فيه الأجيال بحقوقها وحريتها، بعيداً عن أكاذيب الاحتلال وزيف ادعاءاته.
وقد شهد العالم، خلال العام الماضي، وحشية آلة الحرب الإسرائيلية في غزة التي سعت لإبادة عائلات بأكملها ومسحها من السجل المدني، بالإضافة إلى تدمير كل شاهدٍ تاريخي يثبت انتماء الشعب الفلسطيني لأرضه.
هذه الممارسات تؤكد أهمية العمل على توثيق الرواية الفلسطينية وحفظ تاريخ كل عائلة، بل كل فرد تعرض لظلم الاحتلال الصهيوني. إن هذا الجهد ليس مجرد عمل تطوعي، بل هو واجب وطني يساهم في حماية ذاكرة الشعب الفلسطيني وإثبات حقه في أرضه.

شجرة العائلة

عملت مؤسسة “هوية” بجدٍّ على جمع شجرات العائلات الفلسطينية، مستفيدةً من مصادر متنوعة، بما في ذلك ما وثقته العائلات بنفسها وما جمعته المؤسسة من كتب ومراجع تاريخية. كما قامت فرق العمل بزيارات ميدانية للعائلات، متعاونةً معها في استكمال وتوثيق شجراتها.
وقد قدمت “هوية” خدمة بناء شجرة العائلة إلكترونيًا، مما أتاح للعائلات فرصة العمل المشترك بين أفرادها لتوثيق جذورها بطريقة مبتكرة ومتكاملة. وقد تجاوز الحصاد 6300 شجرة عائلة فلسطينية، مما جعل “هوية” مرجعًا أساسيًا ومصدرًا موثوقًا للباحثين والمهتمين بشجرات العائلات الفلسطينية.

التاريخ الشفوي

حرصت “هوية” على توثيق شهادات شهود النكبة من خلال مقابلات مباشرة بالصوت والصورة، خاصة في لبنان والأردن، وفي بعض الحالات عبر برامج التواصل لتوثيق الشهادات من بلدان بعيدة. وقد كان الهدف الأساسي من هذه الجهود هو تسجيل رواية لكل عائلة عن موطنها الأصلي في فلسطين قبل النكبة، ورصد ما شهدته من أحداث وما تعرضت له من عدوان واضطهاد على يد العصابات الصهيونية.
وتمكنت فرق العمل، من توثيق شهادات 1200 شاهد وشاهدة على النكبة، موزعين على عشرات المدن والبلدات الفلسطينية.

الصورة في مشروع هوية

انطلاقاً من أن الصورة قد تغني عن ألف كلمة، اجتهدت المؤسسة في جمع الصور المتعلقة بالمدن والقرى والعائلات الفلسطينية، ونشرها بشكل مبوّب ومنظّم على موقعها الإلكتروني.
وقد قامت “هوية” بنشر أكثر من 38 ألف صورة، منها 6 آلاف صورة توثّق المدن والقرى الفلسطينية، و32 ألف صورة تتعلق بالعائلات الفلسطينية. كما خصصت المؤسسة مشروعاً بعنوان “بنك صور شهود النكبة”، جمعت فيه أكثر من 5 آلاف صورة لشهود النكبة تحت شعار “كي لا يكونوا أرقاماً”. يهدف المشروع إلى التأكيد على أن هؤلاء الشهود ليسوا مجرد أرقام في الإحصاءات، بل أشخاص معروفون بالاسم والصورة، يحملون رواياتهم وشهاداتهم للأجيال القادمة.

الوثائق

اجتهدت “هوية” خلال مسيرتها في تدعيم الرواية الفلسطينية بكل ما أمكنها جمعه من الأوراق والوثائق التاريخية. شملت جهودها جمع الوثائق من العائلات الفلسطينية، والمكتبات، والأرشيفات التي تمكنت من الوصول إليها، وقامت بنشرها على موقعها الإلكتروني.
وخصصت “هوية” نافذة خاصة على موقعها بعنوان “مركز الوثائق الفلسطيني – وثيقة”، حيث نشرت أكثر من 26 ألف وثيقة. تشمل هذه الوثائق مواد متنوعة تتعلق بمدن وقرى فلسطينية، وعائلات، وقضايا وطنية، وملكيات أراضٍ، بالإضافة إلى وثائق ولادة وهويات وعقود زوراج وجوازات سفر. وقد تم تنظيم هذه الوثائق بشكل مبوّب حسب البلدة أو العائلة أو الموضوع، مما يسهل الوصول إليها واستخدامها.

التدريب

إيماناً من “هوية” بأن توثيق تاريخ وجذور العائلات الفلسطينية هو عمل واسع يتطلب مشاركة مجتمعية شاملة، أولت “هوية” أهمية خاصة للتوعية والتدريب، حيث نظمت العديد من الدورات التدريبية في مجال توثيق تاريخ العائلة الفلسطينية، بالتعاون مع عدد من المؤسسات وفي مناطق وبلدان متنوعة. وقد نجحت المؤسسة في تدريب أكثر من 600 شاب وشابة على مهارات التوثيق، مما جعلهم شركاء فاعلين في توثيق الرواية الفلسطينية وجمع تاريخ العائلات.

المحاضرات

خلال السنوات الماضية، قدمت “هوية” العشرات من المحاضرات بالتعاون مع العديد من الجمعيات والمؤسسات، ولا سيما المؤسسات التربوية. ركزت هذه المحاضرات على الخلفية التاريخية للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وأهمية الأنساب وتاريخ العائلات الفلسطينية في تثبيت حق العودة. كما سلطت الضوء على الجهود الإسرائيلية المستمرة لتزوير التاريخ والهوية، وقدمت مجموعة من الأفكار العملية التي يمكن أن يسهم بها الشباب والصبايا في توثيق وحفظ تاريخ العائلات الفلسطينية.

إنجازات نوعية

حققت “هوية” خلال مسيرتها العديد من الإنجازات النوعية التي عززت دورها في توثيق تاريخ العائلات الفلسطينية وتعزيز الروابط بين أفرادها. من أبرز هذه الإنجازات:

  • جمع العائلات المشتتة: تمكنت “هوية” من تعريف العشرات من أفراد العائلات على بعضهم البعض من خلال العمل المشترك على بناء وجمع شجرة العائلة عبر الموقع الإلكتروني، وفي بعض الحالات، استطاعت “هوية” أن تصل بين أفراد عائلات فرقّتهم النكبة عام 1948.
  • إعادة الوثائق إلى أصحابها: تمكنت “هوية” من إيصال الكثير من الوثائق إلى أصحابها بعد أن كانت مفقودة لعقود. شملت هذه الوثائق عقود زواج، وثائق ولادة، هويات، وأوراق خاصة ونادرة لم يكن أصحابها على علم بوجودها. استخرجت “هوية” هذه الوثائق من الأرشيفات المختلفة ووضعتها بين أيدي العائلات، سواء عبر الموقع الإلكتروني أو من خلال زيارات ميدانية مباشرة.
  • تعزيز العلاقات مع شعوب الجوار: في بعض الحالات، شملت الوثائق التي جمعتها “هوية” أشخاصاً غير فلسطينيين، مثل لبنانيين وسوريين وُلدوا وعاشوا في فلسطين ولديهم وثائق مرتبطة بفترة وجودهم فيها. قامت “هوية” بزيارة هذه العائلات وتسليمهم وثائقهم، مما فتح باباً لتعزيز العلاقات وتمتين الروابط بين الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة، ولا سيما الشعب اللبناني.

في الذكرى 14 لانطلاقة المشروع الوطني للحفاظ على جذور العائلة الفلسطينية “هوية” نؤكد على الآتي:
الصراع مع العدو الصهيوني هو صراع على الأرض والهوية، وكل عمل يساهم في الحفاظ على الهوية وتعزيز الانتماء لفلسطين هو جزء من المقاومة المشروعة والمطلوبة.
نتطلع في المستقبل القريب إلى إطلاق مشاريع جديدة، ليشمل نطاق التوثيق مناطق جديدة لم يسبق للمشروع أن عمل فيها ميدانياً.
لم تكن الإنجازات السابق ذكرها لـ “هوية” لتتم لولا تعاون العديد من المؤسسات والجمعيات المهتمة بهذا العنوان، ونخص بالذكر جمعيات القرى وروابط العائلات.
نجدد التأكيد على جهوزيتنا للتعاون مع الجميع في تنظيم ورش عمل أو ندوات ومحاضرات في المدارس والجامعات والجمعيات لتعزيز الانتماء الوطني ونشر الوعي حول أهمية تاريخ العائلة وتوثيق الرواية الفلسطينية.
نتوجه بالشكر لكل من ساهم في دعم المؤسسة ومشاريعها على مدار السنوات الماضية، بما في ذلك الفرق التطوعية، الشركاء، والجهات الداعمة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق