مصر كبيرة.. بوحدة شعبها

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الثلاثاء 07/يناير/2025 - 04:50 م 1/7/2025 4:50:17 PM


مع سماع أجراس الكنائس تدق في أنحاء الجمهورية، يعم الجميع الشعور بالفرح والسعادة، إيذانًا ببدء إحتفالات عيد الميلاد المجيد، التي تُصادف اليوم السابع من يناير في كل عام.. حيث يحرص الرئيس عبد الفتاح السيسي، مشاركة أبنائه وإخوته من أقباط مصر أفراحهم، في كاتدرائية ميلاد السيد المسيح، بالعاصمة الإدارية الجديدة، وقد انتصبت هذه الكاتدرائية عند طرف العاصمة، وفي مواجتها، عند الطرف الآخر، يقف مسجد الفتاح العليم، رمزًا على أن مصر في خير، بمساجدها وكنائسها العامرة بالشعب المصري، تلك التي تمتزج فيها أضواء المكان بأنوار القلوب الخافقة بحب هذا البلد العظيم، الذي ما فرط فيه أبناؤه يومًا، وكانوا دائمًا عند حسن الظن فيهم، أبناءًا صالحين وطنيين، مستعدين للتضحية من أجله، في أي وقت يستحق ذلك.
عند مدخل الكاتدرائية، وصل الرئيس السيسي، كعادته منذ إحدى عشر عامًا، ليشارك أقباط مصر فرحتهم بالعيد.. يطبع قُبلة على جبين البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، رسالة تهنئة منه إلى كل الأقباط في عيدهم.. ويشق طريقه المزدحم بالقلوب الفرحة بالعيد وبمشاركة الرئيس مناسبتهم المجيدة.. مسافة قصيرة، بين المدخل ومنصة الاحتفال، ولكنها طويلة بالأيادي الممتدة لمصافحة الرئيس، التي بادلها حبًا بحب، وألسنتهم تلهج بالدعاء أن يحافظ الله على مصر، وأن يحفظ الرئيس لمصر، لأنه الرجل الذي أعادها بعد اختطاف، وحقق أمنها وتماسكها، وحافظ على سلامة نسيجها الاجتماعي، ثم هو الذي يبني الجمهورية الجديدة، على دعائم القوة والمنعة، والنهوض بالمواطن، حتى يكون حيث يستحق، من الحياة الكريمة.
إحدى عشر عامًا، حرص الرئيس خلالها على المشاركة في احتفالات عيد الميلاد الجديد.. وفي كل عام، يترك رسالة إلى مواطني مصر والعالم، تختلف بين عام وآخر، لكنها تصب جميعها عند التأكيد على أن صلابة هذا الشعب وحفاظه على بلده ومقدراته هما الحصن المنيع، مع الأخذ بأسباب الإصلاح من الدولة والحكومة والإيمان بالله.
وبأول زيارة له للكاتدرائية المرقسية بالعباسية عام 2015 لتهنئة الأقباط بعيد الميلاد المجيد، صنع الرئيس مشهدًا غير مسبوق، عكس مظاهر الحفاوة والترحيب بالرئيس داخل الكاتدرائية، وحملت كلمات الرئيس آنذاك، معاني المحبة والإخاء بين القائد والمواطن، (كان ضروري أجيلكم، عشان أقولكم كل سنة وأنتم طيبين)، بعد أن سار من كان رئيسًا سابقًا، أي محمد مرسي، على نهج الرئيس الراحل حسني مبارك، في إرسال من ينوب عنه في هذه الاحتفالات، مما كان يترك غصة في حلوق الأقباط، من امتناع رئيس الدولة عن مشاركة أبناء وطنه الاحتفال بعيدهم.. وفي العام التالي، كانت زيارة الرئيس السيسي بمثابة رد حق للأقباط، وقد حملت كلمة الرئيس الوعود بالعديد من الحقوق للأقباط، (تأخرنا عليكم في ترميم وإصلاح ما تم إحراقه ـ أي الكنائس ـ وإن شاء الله يا قداسة البابا، هنخلص كل شيء هذا العام، واسمحوا لي أن أقول لكم يا ريت تقبلوا اعتذارنا في اللي حصل ده)، قبل أن يعلن الرئيس في 2017عن الاستعداد لبناء كاتدرائية ميلاد السيد المسيح بالعاصمة الإدارية، مصليًا من أجل حفظ مصر وسلامها، قائلًا (عايزين نعلم الناس أننا واحد، وأن التنوع خلقه الله ليحترمه البشر، لأن الاختلاف إرادة إلهية).
وتتوالى رسائل الرئيس السيسي خلال تهنئته للأقباط بعيد الميلاد، ليقدم عام 2018، هدية الافتتاح الجزئي لكاتدرائية ميلاد السيد المسيح، (نُقدم نموذجًا من خلال الكاتدرائية، للمحبة بينا وبين بعضنا).. ويؤكد في العام التالي، أن (شجرة المحبة اللى غرسناها مع بعض النهاردة، لسه عايزين نحافظ عليها، لأن الفتن لن تنتهي.. أنا لا أحب تعبير الفتنة الطائفية، لأننا جميعنا واحد).. ولم ينس الرئيس أن يُطمئن الشعب المصري جميعه، بعد عام آخر، قائلًا، (متخلوش حد أبدًا يدخل بيننا ويحاول يوقع ويعمل فتنة بيننا، البلد دي بلدنا كلنا، لا حد له زيادة، ولا حد عليه نقص، وكلنا زي بعض).. ولم تمنع جائحة كورونا الرئيس من المشاركة في احتفال الأقباط بعيد الميلاد، بل أرسل رسائل التهنئة عبر الفيديو كونفرانس، (الدولة حريصة على أن تقدم النموذج للشعب، بغرس مفاهيم الاختلاف والتنوع في الشكل والفكر والعقيدة، كسبيل أساسي للتقدم والتطور)، مؤكدًا في العام التالي، على أن الهوية الدينية للمواطن المصري آخر ما يُنظر له، (الجمهورية الجديدة التي تتسع للجميع، تتسع لنا كلنا، دون أي فرق أو تمييز.. نعيش فيها بسلام وأمان مع بعضنا البعض، شريطة الانتباه لمحاولات البعض، إحداث فتنة وفرقة بين المصريين).
كان بث الطمأنية في نفوس المصريين، هي الشغل الشاغل للرئيس السيسي، في وقت يموج فيه العالم بدوامات العنف والحروب، وشائعات تستهدف الدولة المصرية، لتنال من عزيمة أبنائها، مستغلة بعض الأزمات التي تمر بها البلاد، شأن أي دولة في العالم، لبث الفرقة بينهم، (نسير بخطي ثابتة، رغم بعض الظروف التى نعاني منها، ولكن لا نخاف ولا نقلق).. وأكد في احتفالات 2024، على ضرورة تكاتف المصريين للمرور من الأزمات، (أي أزمة وأي مشكلات وأي ظروف صعبة، هتعدي بفضل الله.. وطول ما إحنا مع بعض، الأمور والظروف الصعبة هتنتهي.. المهم تفضل بلدنا بخير وشعبها يفضل بخير).. إلى أن جاءت احتفالات هذا العام، حيث أكد الرئيس أمس، على وعي المصريين، كحصن أمان وحائط صد أمام مؤامرات المتآمرين، (المصريين لديهم قدر كبير من الوعي والفهم، ولديهم القدرة على التعامل مع أي أمر يحدث داخل وخارج مصر.. ونحن كدولة، وأنا كإنسان مسئول عنكم، فإننا نتعامل مع كل الأمور بشرف وأمانة).
●●●
وبكلمته هذا العام في كاتدرائية ميلاد السيد المسيح، لم يُخاطب الرئيس السيسي الأقباط وحدهم، ولا الشعب المصري فقط، بل وجه رسائل قوية إلى العالم، عن وحدة الصف الوطني، وتعزيز مفهوم المواطنة الحقيقية، وأن التلاحم المجتمعي وحجم الوعي لدى المصريين، يُشكلان دعامة أساسية في مواجهة التحديات التي تُحيط بمصر، وما أكثرها، (أنا أحدث العالم من خلالكم، وأن الأعوام الماضية كان يوجد بها قلق، ولكن كل الأمور مرت بسلام).. كلمات الرئيس عكست رؤية واضحة لمستقبل مصر، حيث أكد أن التقدم والاستقرار يتحققان بالمحبة والتعاون والعمل المشترك، داعيًا الجميع إلى الالتفاف حول الوطن والعمل من أجل تحقيق المزيد من النجاحات على مختلف الأصعدة.. وأن مصر ستظل دائمًا نموذجًا للوحدة الوطنية والتعايش السلمي، وأن الأعياد فرصة لتجديد العهد بالمحبة والعمل المشترك، من أجل رفعة الوطن.
أكد الرئيس السيسي للعالم المُتربص بنا، أن أول أسباب حماية بلادنا هو محبتنا لبعضنا البعض، وأن مخزون المحبة بين كل المصريين يزيد يومًا بعد يوم، وأن حجم الوعي والفهم الموجود عند المصريين ضخم جدًا، ويجعل المصريين لديهم القدرة على التعامل مع أي أمر، سواء داخل مصر أو خارجها.. وإذ يتمنى الرئيس أن يكون هذا العام، (عام سعيد وسنة بفضل الله سبحانه وتعالي، أفضل من الأعوام السابقة)، فإنه يلفت الإنتباه إلى أنه يتابع كل الأمور وكافة ردود الأفعال، ويؤكد أن القلق ربما يكون مُبررًا، لكن، (نحن لا ننسى وجود ربنا، يمكن حد ينسى مع الظروف ويتهيأ له أن الأمور ليست مُسيطر عليها، مش بينا احنا كبشر ولكن برب البشر.. الدنيا ليست متروكة هكذا، نحن جميعًا نؤمن بالله، ولا ننسى أن ربنا موجود، ولا أحد يستطيع أن يفعل أي شيء في الوجود إلا بأمر الله سبحانه وتعالى).. وليس معنى هذا (أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يومًا عن يوم، وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار).
وحتى لا يتصور البعض أن ما يحدث في بعض البلدان حولنا، من الممكن أن يتكرر عندنا، فإنه أشار إلى أن مُسببات ذلك لا تتوافر لدينا، بل (إننا كدولة، وأنا كانسان مسئول عنكم، أطمئنكم أنني أتعامل مع كل الأمور بشرف كبير وأمانة ونزاهة كبيرة.. لو كان المسئول عنكم إنسان مش كويس خافوا على بلدكم، لو أيده ملوثة بدم الناس خافوا على بلدكم، ولو أيده تأخذ أموال الناس خافوا على بلدكم.. والحمد لله مفيش حاجة من هذا موجودة).. وتبقى مصر (دولة كبيرة، وإن شاء الله الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية، كل سنة وأنتم طيبين وعيد سعيد علينا كلنا).. ولم ينس الرئيس كعادته، أن يقدم لقداسة البابا باقة من الزهور تعبيرًا عن مشاعر المحبة والود، وأن يعبر عما لقداسة البابا تواضروس الثاني من مكانة واحترام كبير في قلبه، داعيًا الله سبحانه وتعالى أن (يحفظه ويحميه ويحميكم).. وبمثل القُبلة التي طبعها الرئيس على جبين البابا تواضروس عند وصوله مدخل الكاتدرائية، طبع مثلها قبل أن يغادرها، متمنيًا للجميع عامًا سعيدًا.
إن مشاركة الرئيس السيسي في احتفالات عيد الميلاد المجيد، تحمل رسالة حضارية للعالم، تؤكد ريادة مصر في ترسيخ قيم المواطنة والتعايش السلمي بين جميع أبنائها، مهما اختلفت عقائدهم وثقافاتهم.. ويعكس حضوره هذا الحدث السنوي، التزام القيادة السياسية بدعم مبدأ الوحدة الوطنية، كركيزة أساسية لاستقرار الدولة المصرية، وقد جاءت كلمته خلال المشاركة، دعوة وطنية لتعزيز الوعي المجتمعي لمواجهة التحديات التي تسعى لزعزعة وحدة المصريين.. فمصر التي قدمت للعالم نموذجًا فريدًا في التعايش المشترك، يتجاوز الشكليات ليصل إلى عمق العلاقات الإنسانية، التي تجمع المسلمين والمسيحيين على مائدة وطنية واحدة، كما لا يقتصر الاحتفال بالأعياد فيها على الطقوس الدينية، بل يعكس روح المحبة والتآخي التي يتميز بها الشعب المصري، بما يجعل من مصر رمزًا للسلام والأمان، بما يعمها من روح الود والمحبة التي تربط بين مواطنيها، وما هذه الاحتفالات بالأعياد الدينية والوطنية التي تملأ البلاد، إلا وتعكس علاقة قوية وأصيلة، وإيمان من الجميع بقيمة المواطنة، والعمل معًا على أرض وطن واحد يجمعنا، لتحقيق رقي وتقدم بلادنا، ويوجه رسالة للعالم أجمع، بأن مصر بلد السلام والأمن والمحبة والاستقرار.
●●●
■■ وبعد..
فإن الرئيس السيسي يبقى أكثر رئيس في التاريخ المصري المعاصر، يحرص على تحقيق قيم المواطنة، بكل ما تحمله من دلالات وما تستدعيه من برامج وخطط وآليات يعمل على تحقيقها، لوضع المفهوم موضع التطبيق، ويتجلى ذلك في العديد من المواقف، لعل أحدها هذا الاحتفال الكبير بعيد الميلاد المجيد، وحرص الجميع على تهنئة الأقباط بالعيد ومشاركتهم الفرحة والاحتفاء بالمناسبة، ليس فقط باعتبارها مناسبة مسيحية، بل باعتبارها مناسبة وطنية بامتياز، كما يقول المستشار حسين أبو العطا، عضو المكتب التنفيذي لتحالف الأحزاب المصرية.. فتهنئة الرئيس بالحضور الشخصي في الكاتدرائية تصنع مناسبة مميزة للغاية، بما تحمله من زخم كبير من الحب والمودة والتقدير، وهو ما يبدو واضحًا من الحوار المتبادل دائمًا بين الرئيس وقداسة البابا تواضروس، حتى باتت هذه التهنئة من أهم طقوس العيد التي ينتظرها ملايين المصريين، وأصبحت من أهم مظاهر العيد التي أصبح لها موقعًا لا يدانيه شيء في قلوب الأقباط، في الداخل والخارج.
هذه التهنئة تؤكد على أن الجمهورية الجديدة تتسع للجميع، كما تبعث بالعديد من الرسائل، مفادها، أن مصر بلد للحلم والأمل، وأنها بوحدة أبنائها وتضامنهم، يمكنها أن تحقق كافة الطموحات وتتغلب على كافة التحديات.. فالمشاعر الفياضة المتبادلة بين الرئيس والمحتفلين بالعيد، برهان على أن جموع الشعب المصري تقف خلف قيادته، وتدعم جهوده الجبارة للنهوض بمصر، والعبور بها إلى آفاق بعيدة من التنمية والتحديث عبر العلم والعمل، كما ذكر الرئيس في أكثر من مناسبة.. ولن تنجح محاولات أهل الشر وأعداء الوطن، في التفرقة بين المصريين أو إحداث الفتنة بينهم.. لأن مصر كبيرة، وشعبها عظيم.
حفظ الله مصر من كيد الكائدين.. آمين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق