ماذا جرى في أنقرة.. هل الدولة الأردنية كتومة حقاً؟

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يناير 8, 2025 3:36 م

كاتب- علي سعادة

يشتكي عدد من الكتاب والصحفيين من غياب المعلومة الرسمية حول بعض الأخبار واللقاء ت الرسمية التي يشارك بها الأردن وتتعلق بأمن المنطقة، ويصف بعضهم ما ينشر أو يتسرب من أخبار بأنه مثل “القطارة” ما يصل منه القليل، قطرات قليلة لا تقول شيئا جديدة .
لقد اعتاد كثير من الكتاب والصحفيين في الأردن قيام المسؤول بتسريب معلومات لهم أو الطلب منهم الكتابة حول موضوع معين مع تزويدهم ببعض المعلومات الخاصة ، بهدف تهيئة المواطن، ولا أقول الرأي العام، لأنه لم يعد لهذا المصطلح وجود على أرض الواقع، لقرارات قادمة، أو جس النبض محليا وإقليما حول قضية معينة، وأحيانا يسرب للكاتب كنوع من الخدمة الشخصية حتى يظهر هذا الكاتب أمام القارئ بأنه مقرب من أصحاب القرار وحتى يعطي لمقاله قيمة.
والواقع أن الدولة لا تستطيع مشاركة الكتاب وحتى المواطن في تفاصيل القضايا الأمنية التي تجريها خارجيا؛ فنجاح جزء كبير منها يعتمد على السرية، وعدم نشر محاضر الجلسات على الملأ وعلانية أمر مسؤول.
ولم أجد الدولة كتومة في نشر بعض ما جرى في لقاء أنقرة الذي شارك فيه نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، ورئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن يوسف الحنيطي، ومدير المخابرات العامة اللواء أحمد حسني، مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، ووزير الدفاع التركي يشار غولر، ورئيس وكالة الاستخبارات الوطنية التركية إبراهيم قالن.
فقد نشرت الدولة ممثلة بالخارجية عناوين الملفات التي تناولها اللقاء دون تفاصيل، فالتفاصيل قابلة للتفسير والتأويل والتحليل، وربما تذهب بالمعنى إلى ساحات أبعد من معناها الحقيقي، وكما يقولون: “الشيطان يكمن في التفاصيل”.
وربما كانت سوريا هي الملف الرئيسي في هذا اللقاء، فالأردن وتركيا تربطهما حدود مشتركة مع سوريا، ومن الطبيعي أن يكون أمن سوريا واستقرارها الملف الرئيسي فهو أمن واستقرار للأردن وتركيا، والفوضى في سوريا هي تهديد لأمنهما المشترك.
وأيضا كانت قضية اللاجئين السوريين حاضرة وضرورة عودتهم لوطنهم لكن بعد تهيئة الظروف المناسبة لعودتهم (الأردن يستضيف 1.3 مليون شقيق سوري) وفي الجانب العسكري والأمني كان ملف العدوان الإسرائيلي على الأراضي السورية حاضرا، وملف تهديد حزب العمال الكردستاني لتركيا ووحدة سوريا.
واعتبر الأردن أن حزب العمال الكردستاني لا يمثل كل الأكراد في سوريا، إذ إن الشعب الكردي في سوريا هو جزء أساسي من نسيج المجتمع السوري، وله حقوقه كاملة مثل أي مواطن سوري آخر، وأن يعيش الأكراد في سوريا في وطنهم بمساواة كاملة مع جميع مكونات الشعب السوري.
وربما كان الملف الأكثر أهمية بالنسبة للأردن هو الجنوب السوري؛ فاستقرار الجنوب هو استقرار للأردن وحتى لباقي الدول العربية التي عانت من المخدرات القادمة من سوريا. بالطبع كان موضوع التنظيمات الإرهابية وعدم منح “داعش ” الفرصة لإعادة بناء قدراته في سوريا، الأردن يعلن وبكل وضوح بأنه لا يريد الفوضى، ولا يريد اقتتالا سوريا داخليا، ويريد أن تنجح سوريا في أن تقدم النموذج الذي يستحقه الشعب السوري في إعادة بناء وطنه، وهذا بحد ذاته مصلحة ومسؤولية أردنية.
وفي هذا الشأن كان واضحا أن الأردن مستمر في التصدي لـ”داعش” وما يمثله من خطر ويراقب تواجده في سوريا، وكشف الصفدي بأن ثمة محاولات من “داعش” لإعادة بناء قدراته، و”نحن كلنا يقظون من ذلك، وكلنا ننسق من أجل التصدي لهذا الخطر، ولن نسمح لداعش بأن تكون مصدر خطر سواء علينا أو على تركيا”، بحسب قول الصفدي.
وضمن ملف جنوب سوريا ما زال الأردن يتصدى للخطر المتمثل في محاولات تهريب المخدرات والسلاح إلى المملكة عبر سوريا، فتهريب المخدرات والسلاح يستهدف الأردن ويستهدف أيضا الدول العربية في المنطقة وبشكل خاص دول الخليج العربي التي تعاني من موجات تهريب المخدرات من سوريا من قبل عصابات كان يدعمها النظام السابق.
هذه هي الخطوط العريضة، بالإضافة إلى ملف غزة والضفة الغربية ولبنان والعراق، بالطبع كانت ثمة تفاصيل، بحثها كل مسؤول مختص من الأردن مع المسؤول المختص في تركيا.
ما أردت قوله من كل ذلك أن على الكاتب والصحفي الأردني أن يخرج من مربع الجلوس في مكتبه بانتظار المسؤول ليتصل به، ويسرب له الأخبار، بل عليه أن يتعب على نفسه ويبحث وينحت في فضاء الإنترنت والمواقع والمحطات الإخبارية ومنصات التواصل التي تعج بالأخبار.
وأن يحلل ما بين السطور وبين الفقرات، ثمة ما خفي وراء الكلام الظاهر للجيمع، وهذه مهمة الكاتب والصحافي الحاذق والذكي والمهني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق