الحائط الحديدي 2025

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

 البروفيسور بوعز غولاني   8/1/2025

نحو 100 سنة مرت منذ نشر زئيف جابوتنسكي المقال التأسيسي عن الحائط الحديدي، حيث بسط مذهبه عن الشكل الذي تتمكن فيه الحركة الصهيونية من تحقيق حلمها وإقامة دولة يهودية في بلاد إسرائيل. كان جابوتنسكي أول من فهم أن الطريقة الوحيدة التي ستجعل العرب يوافقون على أن يعترفوا بحق اليهود في دولة هنا ستكون من خلال قوة عسكرية – الحائط الحديدي.اضافة اعلان

التيار المركزي للحركة الصهيونية لم يأخذ بخطة جابوتنسكي وحاول الترويج لنهج أكثر احتواء، وبموجبه تقام هنا دولة ثنائية القومية. بن غوريون ورفاقه في مباي أيضا آمنوا في حينه أنه سيكون ممكنا الوصول إلى دولة بالطرق السلمية. مرت نحو 25 سنة أخرى إلى أن غير بن غوريون رأسه وتبنى عمليا أساس نهج جابوتنسكي في إطار مفهوم الأمن الاستراتيجي الذي بلوره فور حرب الاستقلال.
وقعت أمور كثيرة هنا منذ كتب جابوتنسكي مذهبه: أقمنا دولة، جلبنا هجرة، بل وبعضنا حلم بـ"شرق أوسط جديد". لكن عندها جاء 7 تشرين الأول (أكتوبر) ومعه الصحوة. مقال جابوتنسكي صحيح اليوم بالضبط مثلما كان صحيحا في حينه. إسرائيل ملزمة بأن تقيم وتثبت حائطا حديديا هائلا كي تتمكن من مواصلة الوجود في المحيط المتصلب الذي توجد فيه.
في هذه الأيام رفع إلى الحكومة تقرير ختامي للجنة نيغل التي بحثت في احتياجات ميزانية الدفاع للسنوات المقبلة. القرارات التي اتخذت في الموضوع ستقرر كيف سيكون شكل الحائط الحديدي الإسرائيلي في العقد المقبل. كي يفي هذا الحائط بالتوقعات سيتطلب الأمر استثمارا مكثفا بوسائل قتالية، بقدرات تكنولوجية وبتطوير العنصر البشري. في عصر الذكاء الاصطناعي، القدرات العسكرية في الفضاء، سلاح الليزر وما شابه يتخيل أحيانا أن الاستيلاء على منطقة عازلة والاحتفاظ بها يمثلان تفكيرا قديما. العكس هو الصحيح: أحد الأسس الحيوية التي استخلصناها من حرب "السيوف الحديدية" هو الحاجة لخلق مناطق عاجلة خلف حدودنا، طالما لا يوجد في الطرف الآخر اعتراف كامل بانعدام القدرة على إلحاق الهزيمة بنا بالقوة. مثل هذه الأحزمة الأمنية أقيمت مؤخرا في قطاع غزة، في جنوب لبنان وشرقي هضبة الجولان.
بعد معالجة الحائط الحديدي على طول حدودنا، يبقى السؤال الأساس الذي انشغل به جابوتنسكي: ما هو الحائط الحديدي حيال الأقلية العربية التي تعيش في إسرائيل؟ في هذا السياق أيضا يجدر تبني نهجه الذي استند إلى مبدئين مركزيين: حفاظ كامل على حقوق الأقلية، إلى جانب سياسة أمن حازمة. محظور علينا التسليم بكمية الأسلحة غير القانونية التي توجد في الوسط العربي مع عائلات الجريمة التي تزرع الموت والدمار وغيره. إن القضاء التام على هذه الظواهر، بالتوازي مع منح حقوق كاملة في كل مجالات الحياة في الوسط العربي، هما جزء من الحائط الحديدي لعصرنا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق