يبدو أن بعض الصهاينة يعتقدون أنهم باتوا اليوم أقرب ما يكون من حلمهم بدولة “إسرائيل الكبرى”، وذلك برغم قلق كثير منهم الشديد من “عقدة الثمانين” وتحليلات تتنبأ بانهيار “دولة إسرائيل” الحالية.
الأطماع الصهيونية بالهيمنة على المنطقة سواء عسكريا أو اقتصاديا أو سياسيا، ليست جديدة، بل عبر عنها أكثر الصهاينة حمائمية، من وجهة نظر العرب، شيمون بيريز.
نشر خريطة لما يسمى بـ”مملكة إسرائيل” التاريخية على موقع تابع لوزارة خارجية الكيان، يعني أن الحلم يراود كثيرين في الطبقة الرسمية ولم يعد الأمر مقتصرا على بعض المنظمات المتطرفة، وهؤلاء يرون في التغيرات والتحولات الاستراتيجية بالمنطقة فرصة مواتية.
واجهت تلك الواقعة تنديدا أردنيا وفلسطينيا، كما وجدت تنديدا عربيا لافتا كذلك، لكن تلك المخططات التي لا تخفى على أحد، لا يمكن مواجهتها؛ بالتجاهل حينا، وبالأدوات الدبلوماسية الناعمة حينا آخر!! وما غزة عنا ببعيد، إذ لو جمعت بيانات الاستنكار والتنديد ومطالبات وقف العدوان وطبعت على أوراق وجمعت في صعيد واحد وسط غزة وحرقت لساهمت في تدفئة المشردين في ساحاتها وشوارعها!!
للعلم، فرغم كل تلك الإدانات الأردنية والفلسطينية والعربية التي توجها أمين عام جامعة الدول العربية، لا زال المنشور الذي يضم الخريطة المزعومة موجودًا على الصفحة الرسمية ولم يحذف، فيما يبدو أنه لا وجود لقانون جرائم إلكترونية عند الكيان أو جريمة تعكير صفة علاقات الكيان مع دولة شقيقة أو صديقة!!
مخطئ من يظن أن اتفاقات السلام والتطبيع مع الصهاينة يمكن أن تحول دون تنفيذ مخططاتهم إذا لاحت لهم أي فرصة.
ومخطئ من يظن أن التحالف مع الولايات المتحدة والغرب عموما يمكن أن يحول دون تنفيذ الصهاينة مخططاتهم إذا لاحت لهم فرصة.
مخطئ من يظن أن الإدانات والبيانات يمكن أن تحول دون تنفيذ الصهاينة مخططهم إذا أتيح لهم ذلك.
لذا فإن المهمة الرئيسية هي عدم إتاحة الفرصة لهم؛ لكن عددا من المسؤولين العرب يرون أن تفويت الفرصة على الكيان يكون بعدم استفزازه، والتساوق مع رؤية الصهاينة للمنطقة للأسف.
في ظل مواجهة الأطماع الصهيونية نستغرب تغييب الشعوب العربية عن أجندة تلك المواجهة، رغم أنها العنصر الرئيسي والأهم والثابت الذي لا يتغير في مواجهة تلك الأطماع؛ حيث لا تولى الأهمية الكافية، وأحيانا تشعر أنها ليست في وارد صناع القرار والمسؤولين العرب، بل إن بعضهم يتوهم أن تفعيل الشعوب كأداة لمواجهة الأطماع الصهيونية يمكن أن تضرّ؛ إما لجهة أنها ستستفز الكيان، أو لجهة أنها يمكن أن تنقلب عليهم!!
ومع تقديرنا لأهمية التحالفات والأدوات السياسية للتصدي للأطماع الصهيونية، إلا أن المعوّل عليه في مواجهة تلك الأطماع هي الشعوب، فهي الوحيدة التي يمكن أن تضحي في سبيل أرضها وشرفها وكرامتها، وهي الوحيدة التي لا تحيد بوصلتها عن الوطن.
0 تعليق