السبيل – خاص
مرت عشرون عاماً منذ تولي محمود عباس رئاسة السلطة الفلسطينية عام 2005، بعد انتخابات جرت إثر رحيل الرئيس ياسر عرفات.
وكان يفترض أن تنتهي ولاية عباس بعد خمس سنوات فقط، وفقاً للقانون الفلسطيني الذي ينص على ولاية مدتها خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط. لكن عباس استمر في السلطة دون إجراء انتخابات جديدة، مما أثار انتقادات واسعة بشأن شرعية استمراره في الحكم، خاصة مع غياب أي أفق سياسي يبرر ذلك.
ومن أبرز سمات فترة حكم عباس تكريس سياسة التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي وصفه عباس بأنه “مقدس”، حيث تحول التنسيق الأمني إلى أداة لضبط الشارع الفلسطيني وملاحقة المقاومين، خصوصاً في مناطق مثل جنين ونابلس.
وقد وُجهت اتهامات متكررة للسلطة بالمشاركة في حملات اعتقال تستهدف النشطاء والمقاومين لصالح أمن الاحتلال، ما أدى لتراجع صورة السلطة الفلسطينية شعبياً، واتهامها بدور أمني يخدم مصالح الاحتلال أكثر من الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
السلطة والسياسية والاقتصاد
وعلى الصعيد السياسي؛ واصل عباس الالتزام التام باتفاق أوسلو الذي أثبت فشله في تحقيق أي مكاسب فعلية للشعب الفلسطيني.
ولم ينجح هذا المسار سوى في تكريس الاحتلال وتعميق الانقسام الفلسطيني، حيث استمرت “إسرائيل” في التوسع الاستيطاني بشكل ممنهج، في حين بقيت السلطة عاجزة عن اتخاذ أي خطوات ملموسة للرد عليها أو منعها من ممارسة هذا التوسع، كما فشلت القيادة السياسية في استخدام الأدوات الدبلوماسية بشكل مؤثر، واكتفت بالتصريحات والمناشدات الدولية التي لم تؤثر على واقع الاحتلال.
اقتصاديا؛ شهدت الضفة الغربية تراجعاً ملحوظاً في التنمية، مع اعتماد متزايد على المساعدات الخارجية المشروطة سياسياً. وتفشت البطالة والفقر بشكل لافت، بينما غابت برامج تنموية حقيقية تخدم مصالح المواطنين. وظلت السلطة تعتمد على المساعدات الدولية التي تخضع لابتزاز سياسي، ما قيد حرية اتخاذ القرارات الوطنية.
قمع المعارضين
ولم يقتصر الأداء السلبي لعباس على الصعيدين السياسي والاقتصادي فقط، بل امتد إلى قمع الحريات السياسية. فقد شهدت سنوات حكمه اعتقالات تعسفية بحق النشطاء والمعارضين، ومنع مظاهر الاحتجاج والتضييق على الإعلام المعارض.
ومن الأمثلة البارزة لذلك؛ قمع الاحتجاجات الشعبية المتكررة التي طالبت بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية.
وخلال فترة حكمه؛ كان أحد أبرز الانتقادات لعباس هو تخلّيه عن خيار المقاومة، بل وملاحقة من يحمل هذا الخيار. فقد ساهمت السلطة بقيادته في إضعاف التيارات المقاومة داخل الضفة الغربية، مما جعلها أقل قدرة على مواجهة الاحتلال.
وفي الوقت الذي استمر الاحتلال في الاعتداءات والاعتقالات؛ لم تتخذ السلطة خطوات جادة لحماية أبناء شعبها.
العشرون عاماً من سلطة محمود عباس لم تحقق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال، بل شهدت هذه المرحلة استمرار التراجع السياسي والاقتصادي، بالإضافة إلى قمع الحريات والتنسيق الأمني الذي يصب في مصلحة الاحتلال.
ويطرح استمرار هذا النهج تساؤلات ملحة حول مستقبل القيادة الفلسطينية، والحاجة الملحة لتغيير جذري في السياسات القائمة، بما يضمن تمثيلاً حقيقياً للإرادة الشعبية، ويعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
0 تعليق