جاء ذلك في حوار أجرته وكالة "الأناضول" مع النابلسي في دمشق التي عاد إليها بعد 13 عاما عقب سقوط نظام البعث.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق عقب السيطرة على مدن أخرى، لينتهي بذلك 61 عاما من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وفي اليوم التالي، أعلن قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع تكليف محمد البشير، رئيس الحكومة التي كانت تدير منطقة إدلب (شمال) منذ سنوات، بتشكيل حكومة لإدارة المرحلة الانتقالية.
** البطولة في الثبات والاستمرار
النابلسي بدأ حديثه عن المرحلة الجديدة في سوريا بالتحذير من أن "هناك طرفا ينتظر حربا عالمية ثالثة على الإسلام، وهناك من يسرع إلى قطف ثمار هذه الثورة".
وردا على ذلك، دعا إلى الحفاظ على الثورة قائلا إن "البطولة هي الثبات والاستمرار، وإن لم تخطط يُخطط لك، وإن لم تكن رقما صعبا في خطة عدوك، يكون الإنسان رقما تافها".
وساعيا إلى رفع الهمم بوجه هذه التحديات، شدد الداعية السوري على أن "الإنسان المؤمن متفائل بإيمانه، وغير المؤمن متشائم بالأحداث التي أمامه".
وعن النظام السابق، ذكر أنه كان "معه الشرق والغرب والشمال والجنوب، والاشتراكي والرأسمالي والعربي والإسلامي"، واستدرك: لكن "الله موجود، وهو يغير كل العلائق".
ومسلطا الضوء على أهمية دور الإعلام في هذه المرحلة، قال إنه "أخطر شيء الآن، فعندما يقتل واحد في بلد ما تقوم الدنيا ولا تقعد بالقارات الخمس، وعندما يُقتل مليون شخص ببلد آخر، لا نرى كلمة في الإعلام".
لذا دعا النابلسي إلى "التسلح بالوعي للوقوف أقوياء أمام الآخر، فلم يعد هناك إعلام ينقل الحقيقة، بل تعتيم وتضليل إعلامي فقط".
** قوة المؤمن
وتطرق النابلسي إلى أهمية أن يكون المؤمن قويا، قائلا: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله تعالى من المؤمن الضعيف، والعمل الصالح يحتاج إلى قوة، والقوة ثلاثة أنواع، قوة المال، وقوة العلم، وقوة المنصب".
وأضاف أن "المؤمن القوي بمنصبه أو بماله أو بعلمه خياراته في العمل الصالح لا تعد ولا تحصى، ولأن علة وجودك (في الدنيا) العمل الصالح. لكن البطولة والذكاء والتألق أن يستمر هذا النجاح".
وأوضح أن "الله زكى الشام وما حولها، والبطولة أن نعرف الله وسر وجودنا، يعني لماذا ولد الإنسان؟ ما الذي ينبغي أن يفعله؟ العبادة، وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون، والعبادة طاعة طوعية ممزوجة بمحبة قلبية، أساسها معرفة يقينية، تفضي لسعادة أبدية".
وشدد على أن "الإيمان بالله مرتبة عالية جدا، والبطولة أن نعرف الله. فرعون أكفر كفار الأرض عرف الله عز وجل ولكن بعد فوات الأوان، فالبطولة أن تعرف الله في الوقت المناسب، فأنت بالحياة الأولى مخير لكن بعد انتهائها مسير".
** أهمية المواطنة والعلم
الداعية السوري تطرق أيضا لأهمية المواطنة في سوريا الجديدة، مشيرا إلى نموذج "أهل يثرب" في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وبين: "كان في يثرب أوس وخزرج ويهود وعرب، ومع ذلك كان أهل يثرب أمة واحدة، سلمهم واحد وحربهم واحدة. وهذه هي العلاقة الوطنية التي نحتاج إليها، إن صح التعبير".
وأضاف: "أرى أن (مرحلة) الشباب أخطر سن، فالشاب كالمحرك بالسيارة، والعلماء الربانيون المقود بيدهم (..) والشريعة هي الطريق المعبد، فالأمة ترقى بقوة شبابها، وتوجيه علمائها، وسيرها على منهج الله عز وجل".
وشدد على أن "الإنسان انطلاقا من حبه لذاته، ينبغي أن يتبع تعليمات الصانع، إذا أردت الدنيا فعليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة فعليك بالعلم، وإذا أردتهما معا فعليك بالعلم، إلا أن العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك، فإذا أعطيته بعضك لم يعطك شيئا".
وتابع: "الشباب أمل الأمة ومستقبلها، فحينما نعتني بشبابنا نهيئ لهذه الأمة تربية راقية جدا، منضبطة بالشرع لها طموحات أكبر من حاجاتها اليومية".
وأكمل "الشاب هو كل شيء بحياة المسلمين، لكن هناك نقطة دقيقة إذ يحتاج إلى أساسيات من زواج ومأوى، إذا أمنتهما له أطلقته لخدمة هذا الدين، أما إذا كان الزواج والبيت شيئا مستحيلا تكون قد عطلته".
** مكانة مميزة لتركيا
وأعرب النابلسي عن محبته لتركيا وشعبها بالقول: "أحب تركيا والمجتمع التركي كثيرا، فهي أخذت من الغرب أجمل ما عنده، ومن الشرق الإسلام، ففي تركيا إسلام وحضارة، وهي نقطة دقيقة جدا".
وأضاف أن "لتركيا مكانة مميزة عند السوريين، فهي فتحت أبوابها واستقبلت العدد الأكبر منهم على قاعدة إغاثة الملهوف".
وتابع: "صار عدد لا بأس به من السوريين يجيدون اللغة التركية، وهذا إن شاء الله سيكون له أثر طيب في مزج الثقافة التركية بالثقافة العربية وذلك لخدمة الإسلام والمسلمين على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي". (الأناضول)
0 تعليق