مقاربة نابليون وكلاوزفيتز لمفهوم النصر في غزة

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
حازم عياد

ثلاث ارباع عوامل النصر ترجع الى القوى المعنوية والربع الاخير نتاج لموازين القوى الحقيقية، بهذه العبارات لخص الجنرال وإمبراطور فرنسا نابليون بونابرت (1769- 1821م) العوامل المفضية للنصر.

النصر بحسب بونابرت يعود الفضل فيه للقوى المعنوية التي تبدو منهارة على الجانب الاسرائيلي،  ذلك رغم ميل ميزان القوى تجاهها، ممثلا بالقوة المادية الصلبة والتحالفات وعلى راسها الشريك الامريكي والاوروبي.

  كارل فون كلاوزفيتز( 1780- 1831م) المفكر الاستراتيجي البروسي المعاصر لنابليون عرف من ناحيته القوى المعنوية بالقدرات الاخلاقية الثلاث، و هي: الاخلاق العسكرية للجيش، وهي مفقودة لدى جيش الاحتلال لاسرائيلي، والحماس الشعبي، الذي فقده المستوطنون بمرور الوقت بعد ان تغير اكثر من مرة ليعاد توجيهه نحو الضفة الغربية كهدف جديد لا يحظى باجماع مطلق بقدرالاسرى واعادتهم.

 واخيرا عبقرية القائد العسكري، الذي اقيل وتمت محاسبته اكثر من مرة( وزيرا لدفاع يؤاف غالانت رئيس الاركان هرتسي هاليفي وغيرهم كثر)، ليبقى نتنياهو القائد السياسي دون محاسبة، لامتلاكه مهارة المراوغة والمناورة التي استهلك واستزف فيها القوى المعنوية للاحتلال وجيشه ومستوطنيه على مدى الحرب واتفاق وقف اطلاق النار.

القدرات الاخلاقية الثلاث لكلاوزفيتز يفتقدها الاحتلال الاسرائيلي ويملكها المقاوم الفلسطيني والحاضنة الاجتماعية التي تزداد اتساعا في الضفة والقطاع واراضي الثمانية واربعين وخارجها.

فالاحتلال خسر قواه المعنوية بشكل حاسم في الايام 33 التالية لاتفاق وقف اطلاق النار ، عبر مشهد عودة النازحين الى ديارهم شمال قطاع غزة، و جولات تبادل الاسرى، و الملاحقات القضائية لجنوده وقادته على راسهم نتنياهو داخل الكيان وخارجة، و مشاهد امتناع المستوطنين عن العودة الى غلاف غزة وشمال فلسطين، ومحاولات التعويض الخاسرة في الضفة الغربية بالقوى الصلبة لطرد الفلسطينيين والتنكيل بهم وضم اراضيهم وتدمير ممتلكاتهم.

الاسوء من ذلك جاء نتيجة محاولة الاحتلال معالجة التاكل المضطرد للقوى المعنوية لجنوده الملاحقين جنائيا، ولمجتمعه الفاقد للحماسة باهداف الحرب، و الثقة بقدرات قادته الاخلاقية والفكرية المتراجعة بفعل المناورات السياسية الداخلية.

إذ عمد الاحتلال لتوظيف المزيد من موازين القوى الصلبة للتعويض عن (الأرباع الاخلاقية الثلاث) الخاوية، التي تهدد بخسارته الحرب، سواء بالتملص من الاتفاق، و بالهجوم الوحشي على الضفة الغربية، بما يفضي إلى استنزاف ما تبقى له من قدرات معنوية وأهداف اخلاقية.

اخيرا فإن تلاشي القوى المعنوية للاحتلال الاسرائيلي والاعتماد المضطرد على موازين القوة الحقيقة يقود الى تبخر النصر، فالاحتلال يعمل على تبخير ما تبقى من قوى معنوية لدينه مقابل حشد المزيد من القوة المعنوية لدى الفلسطينيين بل ولدى دول الاقليم، لتتحول الى قوة مادية قادرة على تحطيم ميزان القوى الخاص بالاحتلال وداعميه بالصمود والمواجهة المسلحة.

ختاما.. الاعتماد على القوة الحقيقة وحدها يضيق هامش المناورة السياسية للقوى الاقليمية ويهدد بانخراطها في الحرب، كما يضيق هامش المناورة لحلفاء الكيان الاسرائيلي وعلى راسهم اميركا،  باضعاف مصداقيتها والمباعدة بين اهدافها ووسائل تحقيقها التي باتت معتمدة على القوة الصلبة دون غيرها، كما حدث في فيتنام والجزائر وافغانستان من قبل، وهي خلاصة مقاربة نابليون وكلاوزفيتز لتعريف النصر وادواته قبل اكثر من 200 عام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق