ماذا سنقدم للعالم في "كأس العالم"؟

صحيفة مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
لا أتحدث هنا عن المنتخب الوطني؛ لأنه بكل تأكيد سيكون هناك منتخب جديد يلبي طموحات كل السعوديين، ولا أتحدث هنا عن التجهيزات والاستعدادات لأنها ستكون وفق أعلى مستويات التنظيم والتخطيط بمعايير عالمية ستبهر العالم، والمملكة ليست جديدة على إدارة الحشود.. أنا أتحدث هنا عن الثقافة؛ كيف سنقدم للعالم ثقافتنا وقيمنا ورسالتنا؟ والروح الجديدة لهذه القفازات الحضارية والاقتصادية، والتحولات الاجتماعية التي نعيشها.

نحن بحاجة إلى تحفيز وتشجيع لكل المكونات والأدوات الثقافية التي نستطيع من خلالها أن نعبر ونتحدث مع العالم، وفي الوقت نفسه تكون القوى الناعمة والروح التي لا تنطفئ في كل هذه المناسبات والفعاليات، من خلال الإبداع بدءا من الكتابة والأدب (الرواية والمقالة والشعر) والأغنية والموسيقى والفنون البصرية والأدائية والمسرح والسينما والمتاحف وغيرها كلغة إنسانية يفهمها كل العالم، والسؤال هل نحن جاهزون؟ هل نحن نسير في الطريق الصحيح أم أمامنا الكثير حتى نصل إلى مستويات نضج مرضية وتلبي طموحاتنا وشغفنا في هذا الوطن، وأمام ما نملكه حقيقة من إرث ثقافي كبير وقيم إنسانية سامية؟

دعنا نتحدث هنا مثلا عن الرياض كقصة نريد أن نرويها للعالم، هذه المدينة الساحرة وإحدى مدن وطننا الغالي بدأت تقترب من أن تصبح لوحة فنية كبيرة، وستكون قمة في الجمال والروعة ونحن نصف ما هو أمامنا على أرض الواقع من معالم وتحف معمارية وترفيهية، أو ما هو كائن في الغد القريب بعد اكتمال هذه المشاريع العملاقة المنتشرة في كل أنحاء مدينة الرياض، من أبرزها مشروع الدرعية التاريخية، وهو رمز تاريخي وثقافي يربط بين عبق الماضي وطموحات المستقبل، مشروع القدية أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية نوعية في العالم، مشروع المسار الرياضي والرياض آرت، ومشروع وسط الرياض الجديد "المكعب" وهو تحفة معمارية استثنائية تمزج بين الخيال والحقيقة مع أحدث التقنيات والتصميمات البصرية، مدعومة بالتكنولوجيا الحديثة، يدعم ذلك نهضة غير مسبوقة في قطاع النقل يقودها "قطار الرياض" وتطوير محاور الطرق الدائرية والرئيسية وغيرها.

ومشاريع أخرى عملاقة في المملكة مثل نيوم والبحر الأحمر ومشروع السودة في عسير، أصبحت المملكة وجهة عالمية ووجهة شتوية بامتياز، ونعيش هذه الأيام زخما كبيرا من الفعاليات والأنشطة، وستبرز بشكل أجمل في كأس العالم بكل تأكيد مع أخواتها جدة والخبر، بالإضافة إلى أن الرياض ستكون مركزا للكثير من المناسبات والمؤتمرات والأحداث العالمية والسياسية والاجتماعية والرياضية الاقتصادية، أبرزها كأس العالم، ودورة الألعاب الشتوية، والرياض إكسبو وغيرها من المناسبات الفنية والمهرجانات القادمة، والتي تتشرف المملكة في تنظيمها وتلبية لرغبة الجهات أن تكون في السعودية.

دعنا نتحدث عن الإنسان السعودي وهو يعيش أجمل قصة في التاريخ البشري، قيمنا سامية، عدالة اجتماعية، ثورة اقتصادية، قفزات حضارية، طموحات كبيرة تعانق عنان السماء، العالم كله سيأتي إليك ليسمع ويشاهد قصتك (قصة السعودية) والسؤال: ماذا سنقدم لهم، وكيف سنبدأ القصة؟ وأنا هنا أخاطب العقول والقلوب والإبداع الكامن فينا وفي هذه الأجيال القادمة وكل سعودي مبدع يريد أن يجسد شخصية في قصة الوطن.

حديثنا هنا عن الروح عن الثقافة عن الإبداع الإنساني الذي هو لغة عالمية يفهمها كل إنسان، كيف نجعل هذه الأشياء تتحدث، كيف نعطي لها روحا براقة تبرز جماليات هذه الماديات وتمدها بطاقة لا تنضب لنصل إلى أفضل استثمار لكل هذه الفرص في هذا الوطن الغالي. أعتقد أننا متأخرون كحراك ثقافي سعودي في المستويات الأدبية كافة التي تراجعت قليلا (الرواية والمقالة)، ونحتاج إلى دعم للكتاب في صحفنا المحلية والالكترونية، وتعزيز دورهم الحيوي وقيمتهم كشموع مضيئة، كذلك مجالات الدراما والمسرح والسنيما والموسيقى والأغنية، ونحتاج إلى مواهب جديدة وحقيقية، نريد الصورة التي تخطف الألباب والفنون البصرية بأنواعها كافة، والفنون الحركية وغيرها من المجالات الثقافية التي تعزز الهوية الوطنية وتساهم في إبرازها للعالم.

أعتقد أن الدور كبير على وزارتي الثقافة والإعلام بالتعاون مع مؤسسات المجتمع والمؤسسات التعليمية، في خلق مساحة خصبة لاكتشاف المواهب والمبدعين وتشجيعهم وإبرازهم، نريد مشاهير حقيقيين بفنهم وأخلاقهم وإبداعاتهم، ليساهم الجميع ويشارك في نقل صور جميلة عن تراثنا وقيمنا وأخلاقنا وطبيعتنا المعيشية وثقافتنا في الأكل والملبس بأزيائه الفريدة المتنوعة، وذلك لا يقتصر على الصعيد الداخلي فقط رغم أهميته، ولكن على هذه الجهود الثقافية والإعلامية أن تسعى إلى تحقيق رسم الصورة الكبيرة عن المملكة وشعبها وهويتها على الصعيد الخارجي كذلك، وأن تعكس الحقيقة عن أبناء هذا الوطن الوفي.. ولكي نعزز مكانا على خريطة العالم علينا أن نسوق هذه الثقافة في صورتها الناصعة بأسلوب مميز مبتكر يعكس جمالنا وأخلاقنا وعراقتنا وإنسانيتنا وعالميتنا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق