ما وراء اتفاقية شراكة إستراتيجية شاملة وقعت بين روسيا وإيران؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عواصم - أصبحت واحدة من مخاوف الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة، حقيقة عندما وقع الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والإيراني مسعود بيزشكيان اتفاقية تشكل بموجبها حلف من البلدين.اضافة اعلان
جاء توقع اتفاقية الحلف خلال زيارة بيزشكيان أمس للعاصمة الروسية موسكو، وبحث خلال الزيارة مع بوتين مجمل علاقات البلدين وتطورات الأوضاع في المنطقة.
ويأتي توقيع الاتفاقية قبل أيام معدودة من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي قاد خلال ولايته الأولى سياسة الضغوط القصوى على طهران.
وقال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف إنه لا يوجد أي ربط بين تاريخ توقيع الاتفاقية وتنصيب ترامب.
وأضاف في تصريحات أن "التكهنات العديدة حول اختيار موعد توقيع معاهدة الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين إيران وروسيا عشية صعود ترامب إلى السلطة، لا تثير سوى الابتسامة، دعوا منظري المؤامرة يستمتعون".
ورأى مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية الدكتور محمد صالح صدقيان، أن هناك "عاملين مهمين في الاتفاقية" المرتقبة، هما "المضمون والتوقيت"، لافتاً إلى سعي كلا البلدين لإعادة صياغة العلاقات بينهما بشكل يخدم المصالح المشتركة، إلى جانب الأمن والاستقرار في المنطقة.
وقال إن "المضمون يتمثل في الاتفاقية الإستراتيجية التي استفادت من اتفاقية سابقة قبل أكثر من عقدين، أخذت في الاعتبار الظروف الجديدة التي تحيط بالمنطقة وبروسيا وإيران"، مشيراً إلى أن هذه الاتفاقية تمتد لمدة 20 عاماً، وتشمل مجالات متعددة أمنية وسياسية واقتصادية، وقضايا أخرى.
أما عامل التوقيت، وفقاً لصدقيان، يكمن في تزامن الاتفاق مع دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب البيت الأبيض في 20 الشهر الحالي.
وقال "بالتالي هذه رسالة واضحة للولايات المتحدة، حيث أن ترامب ربما يريد الضغط على إيران أو روسيا، لكن البلدين يسعيان إلى إعادة صياغة العلاقات بينهما بالشكل الذي يستطيع أن يخدم المصالح المشتركة والأمن والاستقرار في المنطقة".
واعتبر صدقيان أن توقيع هذه الاتفاقية من شأنه أن يتصدى لمحاولات فرض عقوبات أكثر على موسكو وطهران، موضحاً أن إيران قررت بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي عام 2018 وفرض المزيد من العقوبات عليها، التوجه نحو الشرق، وزيادة تعاملها مع روسيا، والصين، ودول جنوب شرق آسيا، إضافة إلى الهند وباكستان.
وانضمت إيران إلى مجموعة "بريكس"، و"منظمة شنغهاي للتعاون" ومنظمات أخرى، في إطار سعيها للابتعاد عن العقوبات الغربية المفروضة عليها.
ومن أبرز محاور الاتفاقية وفق مسؤولين روس، رغم عدم الإعلان عن التفاصيل الدقيقة لها أنها ستغطي كامل نطاق العلاقات الروسية الإيرانية المتعددة الأوجه، بما في ذلك تعزيز التعاون في المجالات العسكرية والسياسية والتجارية والاقتصادية، وتطوير العلاقات الثنائية في المجالات العلمية والتعليمية والثقافية والإنسانية.
ويرى السفير الإيراني لدى روسيا كاظم جلالي، إلى أن هذه الاتفاقية تتضمن 47 مادة وتغطي جميع مجالات التعاون الثنائي، لافتاً إلى أنه عند صياغتها كان التركيز الرئيسي على "مبادئ السيادة واحترام السلامة الإقليمية للدولتين".
من جانبه اعتبر المدير العام لمركز الدراسات الإيرانية المعاصرة في روسيا الدكتور رجب صفروف، أن الاتفاقية تنقل العلاقة بين طهران وموسكو إلى "مستوى أعلى وجديد".
وقال إن هذه الاتفاقية "ستمنح روسيا مزيداً من الوزن على الساحة الدولية، وهذا لن يعجب الولايات المتحدة، وسيزعج إسرائيل وتركيا والأوروبيين ودولا أخرى".
بدوره، أشار الدبلوماسي الإيراني السابق هادي أفقهي إلى أن هذه الاتفاقية "هي الأولى بهذا الحجم" بين طهران وموسكو، وتأتي في وقت تواجه إيران وروسيا "عقوبات قاسية" من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وأضاف: "هناك موضوع إستراتيجي مهم، وهو مد خط الغاز من روسيا إلى إيران ومن ثم التعاون في مجال الغاز بين البلدين، وهذا يُمثل طريقاً للالتفاف عن العقوبات المفروضة على البلدين".
من جانبه، يرى المحلل السياسي والخبير في مركز دراسات الشرق الأوسط في موسكو والمحاضر في جامعة الصداقة الروسية فرهاد إبراغيموف، أن روسيا كانت منذ وقت بعيد "تنظر إلى إيران كأحد أهم الشركاء لها في منطقة الشرق الأوسط، يجب التذكير هنا أن روسيا وإيران جيران عند بحر قزوين. كما أن هناك الكثير ما يوحد البلدين، خاصة في ظل الوضع الجيوسياسي الراهن".
ويتعهد الطرفان بموجب الاتفاقية بعدم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها في العلاقات المتبادلة، وعدم استخدام أراضيه لارتكاب أعمال عدوانية أو تخريبية أو انفصالية ضد الطرف الآخر.
وفي حالة تعرض أحد الطرفين للعدوان من قبل أي دولة، لا يقدم الطرف الآخر أي مساعدة عسكرية أو غيرها للمعتدي من شأنها تسهيل استمرار العدوان، ويساعد في ضمان حل الخلافات التي تنشأ على أساس ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي.
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي صرّح في وقت سابق، أن اتفاقية الشراكة الإستراتيجية تهدف إلى تطوير جميع جوانب العلاقات الثنائية، بما في ذلك التعاون الدفاعي، مشدداً في الوقت نفسه أنها لا تتضمن "تشكيل تحالف عسكري".
من جانبه، أكد نظيره الروسي سيرجي لافروف أن هذه الاتفاقية ليست موجهة ضد أي دولة، بل تهدف لضمان أمن الدولتين.
وأوضح خلال مؤتمر صحفي أن "الاتفاقية مع إيران أو مع كوريا الشمالية ليست موجهة ضد أي دولة، بل تهدف إلى تعزيز قدرات روسيا وإيران وأصدقائنا في أجزاء مختلفة من العالم، من أجل تطوير الاقتصاد بشكل أفضل، وحل القضايا الاجتماعية، وضمان قدرات دفاعية موثوقة".
ورداً على سؤال عما إذا كانت أطراف ثالثة تعرب عن قلقها بشأن اتفاق موسكو وطهران، أشار لافروف إلى أن هذا يتم عادة في الغرب، "لأنهم يريدون دائماً العثور على موضوع ما في أي قضية من شأنها إظهار أن روسيا وإيران والصين وكوريا الشمالية يعدون شيئاً ضد أحد ما".
وفي أيلول (سبتمبر) الماضي، اتهمت واشنطن طهران رسمياً بتسليم صواريخ بالستية قريبة المدى لموسكو لاستخدامها في الحرب الأوكرانية. وفرضت حينها عقوبات على شركات وسفن اعتبرتها متورطة في نقل أسلحة إيرانية، فيما نفت طهران هذه الاتهامات.
ثم فرضت بروكسل ولندن خلال تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عقوبات على خطوط الشحن الإيرانية، تشمل حظر تصدير أو نقل أو توريد أو بيع مكونات تستخدم في تطوير وإنتاج الصواريخ والمسيرات من الاتحاد الأوروبي إلى إيران.
ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" في وقت سابق، عن مصادر مطلعة، أن ترامب، بعد أن يتولى منصبه، يدرس إمكانية شن ضربات جوية استباقية على إيران.
ورأى الخبير في الشؤون الأوروبية محمد رجائي بركات، أن أعضاء حلف شمال الأطلسي "الناتو" قد يعتبرون هذه الاتفاقية استمراراً للتهديد الروسي للدول الغربية، وكذلك بمثابة دعم لإيران كي تتشدد في مواقفها الحالية، لا سيما ما يجري من أحداث في سورية ولبنان والشرق الأوسط.
وحول الموقف الأوروبي من هذه الاتفاقية، قال بركات "أعتقد أنه ليس هناك ما يمكن فعله بهذا الخصوص. فالدول الغربية تبنّت أقصى العقوبات ضد روسيا وإيران، ولذلك أعتقد أن الأمر سيبقى كما هو عليه في الوقت الحالي".
ولطالما نفت روسيا على مدى سنوات تلقيها أي مساعدات عسكرية إيرانية أو كورية شمالية فيما يخص الحرب في أوكرانيا.
بدوره، اعتبر فرهاد إبراغيموف أن الاتفاقية ستزعج الغرب، وقال: "ترامب قد يعرب عن بعض الانزعاج، لكن الاتفاقية لن توقع خلال فترة ولايته. في كل الأحوال روسيا وإيران دولتان ذات سيادة وبوسعهما فعل ما يرونه مناسباً".-(وكالات)
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق