ودائما تبني قضايا المستضعفين الذين يضطهدهم المجتمع يتطلب شجاعة أدبية مضاعفة لأنه لا يخدم البرستيج الشخصي، وقد ذكر القرآن أن غير المؤمنين طلبوا من أنبيائهم أن يستبعدوا الفئات المستضعفة، لأنهم يتكبرون على أن يتساووا معهم بالمكانة، والبرستيج الشخصي في الخطاب الديني السائد يتبنى تعظيم الذكورية وتحقير الإناث، لذا مخالفته تتطلب من الفقيه أن يضحي ببرستيجه لأجل إحقاق الحق والعدل واتباع وصية النبي عليه الصلاة والسلام بتبني خطاب الدفاع عن النساء وحقوقهن.
لكن لائمة أكبر من تلك التي تقع على الفقهاء الرجال تقع على الفقيهات اللاتي أيضا يفتقرن للشجاعة الأدبية في مواجهة المجتمع، ويكررن بلا وعي الآراء نفسها الذكورية المحقرة لجنسهن والمادية لحقوقهن، ولذا لم تبرز ولا فقيهة واحدة متخصصة في مجال العلوم الدينية في قضية حقوق المرأة مع كثرة خريجات العلوم الدينية في العالم العربي والإسلامي.
افتقار الفقيهات للشجاعة الأدبية في مجال حقوق المرأة أدى لأنه لا إضافة لهن في مجال الفقه والدعوة، ولو تبنين قضية حقوق المرأة لكانت لهن إضافة للمجال الفقهي والدعوي يتميزن بها، ولا يمكن أن يفوقهن بها الرجال، لأن النساء أعرف بخصوصيات بنات جنسهن وقضاياهن واحتياجاتهن ومنظورهن للأمور، وبالعموم لا يوجد أي دور لخريجات العلوم الدينية في الخطاب الديني العام والواقع الديني، حتى أنهن غائبات أو مغيبات عن مجال الفتوى في خصوصيات النساء التي يجب أن لا يسأل عنها رجل، فالنساء ما زلن يستفتين الرجال في الخصوصيات النسائية كالحيض ولا يستفتين خريجات العلوم الشرعية، ومواقع التواصل الاجتماعي جعلت المجال مفتوحا أمامهن ليبرزن أنفسهن عبر آرائهن واجتهاداتهن، وهذا سيوصلهن إلى الرأي العام ومجال الفتوى والتأثير في الخطاب الديني، ولا عذر لهن في كون لا أثر لهن في مجتمعاتهن، وهن يتحملن وزر عواقب غياب قضية حقوق المرأة في الخطاب الديني، لأنهن كان يفترض أن يقمن بدور المحامي والوكيل عن قضايا المرأة من المنظور الديني، ولذا سيكون من المصلحة العامة تشجيعهن بتقديمهن في الإعلام وبرامجه طالما يفتقرن للشجاعة لتقديم أنفسهن للمجتمع عبر مواقع التواصل.
حقوق المرأة هي حقوق نصف المجتمع والتي يتأثر بها نصفه الآخر؛ فالأبناء الذكور يتضررون أعمق الضرر من رؤية أمهم تعاني الاضطهاد وتتعذب بسبب حرمانها من حقوقها الأساسية، ولذا عديد من الرجال الذين رأوا معاناة أمهاتهم وأخواتهم صاروا ناشطين في قضية حقوق المرأة.
0 تعليق