جلسة حوارية تسلّط الضوء على التنوع الثقافي وتعزيز الحوار الحضاري

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شهد متنزه النسيم ضمن فعاليات ليالي مسقط جلسة حوارية بعنوان «التنوع الثقافي وتعزيز الحوار بين الحضارات»، شاركت فيها الدكتورة هدى بنت عبدالرحمن الزدجالية، باحثة وكاتبة في التاريخ العُماني، وأدار الجلسة الإعلامي راشد السعدي، حيث جاءت هذه الجلسة لتبرز التجربة العُمانية الرائدة في التنوع الثقافي ودوره في بناء جسور الحوار الحضاري بين الأمم، وذلك بهدف تعريف الشباب العُماني بأهمية مبدأ التنوع الثقافي وأثره في بناء جسور التفاهم بين الشعوب، مستعرضةً التاريخ العُماني في التعامل مع التنوع الثقافي وعلاقاته الحضارية الممتدة، لا سيما مع شرق إفريقيا التي فرضتها ظروف الجغرافيا الطبيعية، وأطرتها الظروف السياسية، والمصالح الاقتصادية، وهي علاقة ذات أبعاد حضارية وإنسانية واقتصادية واجتماعية وثقافية منذ العصور القديمة.

كما تناولت الباحثة في الجلسة عددًا من المحاور تمثلت في الحديث عن عُمان وعلاقاتها الحضارية الممتدة منذ القدم مع حضارات وشعوب العالم وتأثيرها الفاعل كـ«قوة ناعمة» أثرت وتأثرت بها عبر تاريخها الموغل في القدم، ومناقشة أثر التجارة والملاحة البحرية في بناء جسور الحوار الثقافي بين عُمان وشرق إفريقيا وذلك لما تميز به العمانيون في مجال الملاحة البحرية وذلك بمساعدة عوامل متعددة فكانت منطقة شرق إفريقيا ملاذًا للعديد من الهجرات المتعاقبة، والاستقرار والاقتصادي والسياسي والثقافي.

وتطرقت الباحثة إلى مساهمة العلاقات التاريخية بين عُمان وشرق إفريقيا في تعزيز التنوع الثقافي المشترك التي بدأت منذ عصور ما قبل الميلاد في شكل علاقات تجارية واستمرت بعد ظهور الإسلام بشكل أكثر فعالية واستمرارية وتأثير، مشيرةً إلى أنه من الصعوبة أن نحدد زمنيًا بداية العلاقات التاريخية بين عُمان وشرق إفريقيا لكن الشواهد والدلائل الأثرية تؤكد على قدم هذه العلاقة، ولعل أبرز ما يميز الوجود العربي في شرق إفريقيا قيام المدن الإسلامية، بالإضافة إلى كثرة عدد المهاجرين العرب، واستقرارهم على ساحل شرق إفريقيا، وخصوصًا عرب عُمان.

وأوضحت الباحثة أبرز مظاهر التأثير العُماني في الثقافة الشرقية الإفريقية والعكس وهي مؤثرات كثيرة في مختلف النواحي منها الحضارية والدينية والسياسية والاجتماعية والعمرانية والثقافية والفكرية، فمع تكوين الإمبراطورية العمانية الآسيو-إفريقية ذات الطابع الخاص المشترك، والتي مثّلت تفردًا عجيبًا قلّ أن يتكرر في تاريخ الأمم لكونها أصدق دليل على التأثير والتأثر، وهذا من سمات الحضارة العُمانية والعُمانيين أينما حطوا رحالهم.

وأشارت الباحثة إلى مسألة التراث الفكري سواء كان نثريًا أو شعريًا، فالعُمانيون لهم تراث كبير جدًا في شرق إفريقيا باللغة العربية وأغلب وأقدم المخطوطات التي تخص دول شرق إفريقيا أقدمها كتبت بالحرف العربي ك ولو أنها استبدلت في فترة لاحقة بدايتها 1920 بالحرف اللاتيني أو بالإنجليزية بمعنى آخر، ولكن أغلب وأقدم مخطوطات شرق إفريقيا كتبت بالحرف العربي، مثل مخطوطة لامو وكلوه وغيرها، ولو بحثنا عن أقدم الدواوين والكتب النثرية سنجدها مكتوبة بالحرف العربي وهذا تراث مغفول عنه، كما أن لدينا شعراء ومن أبرزهم أبو مسلم البهلاني شاعر العلماء وعالم الشعراء وهو وأكثر من أجاد السواحلية شعرا عندما دمج السواحلية مع العربية، وهناك في المقابل سواحيلي كتب بالحرف العربي قصائد شعرًا ونثرًا، وعندنا هناك كتّاب عُمانيون مؤثرون أمثال الشيخ صالح الفارسي وأخوه شعبان الفارسي، وكانت له حلقة إذاعية أسبوعية تبث في زنجبار بالسواحلية، كما أوضحت الباحثة أن الصحف العُمانية بدأت من المهجر الإفريقي، متسائلة عن كم عدد الصحف التي صدرت هناك والتي كتبت بالعربية والسواحلية وبالإنجليزية، فلا بد أن ندرّس الجيل الحالي هذا التاريخ ولا بد أن يتعرف على هؤلاء، وذلك تأكيدًا على الأدوار التي لعبتها اللغة والثقافة في ترسيخ العلاقات الحضارية بين عُمان وشرق إفريقيا ودور العُمانيين في انتشار اللغة العربية وآدابها في المنطقة.

كمت أشارت الباحثة إلى تلك الجهود المبذولة لتعزيز الحوار الثقافي بين عُمان وشرقي إفريقيا في الوقت الراهن سواء كانت خطوات فعلية ملموسة أو من خلال عقد الاتفاقيات المشتركة ومذكرات التفاهم في المجال الثقافي، ومنها ترميم قصر بيت العجائب، وافتتاح المعرض المتحفي الدائم للوثائق والمحفوظات والمقتنيات العُمانية في «لامو» الكينية.

وأوصت الدكتورة هدى الزدجالية إلى العمل على موسوعة عُمان وشرق إفريقيا بإشراف فريق بحثي مختص، وتخصيص مركز متخصص لدراسة العلاقات العُمانية مع شرق إفريقيا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق