هل يقرأ ترامب صفحة هولاكو في تاريخ مصر؟

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الإثنين 27/يناير/2025 - 02:03 ص 1/27/2025 2:03:49 AM

قرأت منذ فترة في الصحف العالمية بعض التقارير التي ترمي إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعاني من بعض الاضطرابات النفسية، ووقتها لم أصدق الأمر واعتبرته مجرد دعاية مضادة من منافسيه السياسيين في الحزب الديمقراطي،وكانت مجلة علم النفس السلوكي قد نشرت في عام 2017إحدى الدراسات التي حددت من خلالها معاناة ترامب من اضطراب الشخصية النرجسية، وحللت الدراسة ملامح هذا المرض فأكدت أن ترامب يُظهر مشاعر تدل على الإحساس بالعظمة والحاجة إلى نيل إعجاب الآخرين، بالإضافة إلى افتقاره للتعاطف مع الغير. وأكدت الدراسة أن ترامب تظهر عليه جميع العلامات التي لها علاقة باضطراب الشخصية النرجسيةوهو نمط تهيمن عليه العظمة والغرور، ويسعى دائما إلى المبالغة في الثناء على إنجازاته ومواهبه، ويأمل دائما في أن يشيد الآخرون بعظمتهوقد بات من الواضح إصابة ترامب بهذا المرض النفسي من خلال تدخلاته وسلوكه، فضلا عن تصريحاته. أقول ذلك بسبب تصريحات ترامب الأخيرة على متن طائرة الرئاسة "إير فورس وان" والتي قال فيها إنه يتعين على الأردن ومصر استقبال المزيد من الفلسطينيين من غزة، بعد أن تسببت حرب إسرائيل ضد حركة حماس في وضع إنساني صعب وأضاف أنه تحدث إلى ملك الأردن عبدالله الثاني بشأن نقل الفلسطينيين من قطاع غزة المدمَر إلى الدول المجاورة، وأنه سيتحدث مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أيضا، ضاربا بعرض الحائط كل المواقف المصرية منذ اندلاع معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 والتي أكدت فيها القيادة المصرية مرارا وتكرارا رفض مصر القاطع لتهجير الفلسطينيين وتصفية القضية وأن هذا الأمر خط أحمر بالنسبة لمصر، ثم أعقب تصريح ترامب بيانا قويا من الخارجية المصرية كشرت فيه مصر عن أنيابها ولطمت النرجسية الترامبية على وجهها في مستهل الفترة الرئاسية الجديدة لترامب وذكر البيان تمسك مصر بثوابت ومحددات التسوية السياسية للقضية الفلسطينية مع استمرار دعمها لصمود الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسكه بحقوقه المشروعة في أرضه ووطنه، وبمبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، كما شددت مصر على رفضها لأي مساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف، سواء من خلال الاستيطان أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، سواء كان بشكل مؤقت أو طويل الأجل. وفي الحقيقة فإن هذا البيان يعكس قوة القيادة السياسية في توضيح موقفها وموقف مصر في أول إختبار للعلاقات المصرية الأمريكية بعد تولي ترامب بصفة عامة والعلاقات الشخصية بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس ترامب بصفة خاصة، إذ أكد هذا الموقف أن مصر لن تسدد أي فاتورة تتعلقبالحرب الإسرائيلية على غزة، كما انها لن تكون سببا في تصفية القضية الفلسطينية، ومعنى ذلك أن الرئيس السيسي يقول لترامب من البداية كن على حذر في ولايتك الجديدة فأنت تتكلم مع مصر الثابتة والراسخة، وأنه على الولايات المتحدة الأمريكية أن تفكر في أن هناك مصالح مشتركة كثيرة مع مصر، وأن أمريكا قد تخسر الكثير إذا وضعت مصر في موقف تسوء فيه العلاقات المصرية الأمريكية. ولا أعرف كيف قفز إلى عقلي بعد أن قرأت كافة التعليقات عن موقف ترامب والرد المصري في حقيقة أن ترامب فعلا لا يملك قوى عقلية سليمة ويبدو أننا سنرى بعد فترة الفصل الثاني من هذيان وبلاهة بايدن ولكن من بطولة دونالد ترامب هذه المرة، ومن الواضح أن التقارير والتحليلات النفسية سوف تتحقق لأنها اتفقت مع المسار الذي تَوقَعته مبكرا في رئاسة ترامب، فقد حذرت تلك التقارير والدراسات من أنّ حالة ترامب النرجسية اليوم أسوأ ممّا بدَت عليه، وأنها ستزداد سوءا بمرور الوقت، وستُصبِح في النهاية غير قابلة للاحتواء. لكن المهم أن تفهم الإدارة الأمريكية هذه المرة وعلى رأسها ترامب أن الشعب المصري يعيش في حالة عدم استقرار منذ نحو 15 عاما بسبب التأثير الجيوسياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي لعبت فيه الولايات المتحدة أدوار ا كبيرة ومتعددة تضررت منها مصر خلال الفترة السابقة، بالإضافة إلى الأحداث العالمية التي وفقت فيها أمريكا موقف المتفرج على أزمات مصر، وهذه الحالة التي يعيشها الشعب المصري يفهمها جيدا ويدرك أن من أسبابها السياسات الأمريكية وأنه على أثر هذا الإدراك يلتف بقوة حول قيادته السياسية المتمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأنه ما عاد لدى الشعب ما يخاف عليه إلا أمله في الاستقرار الذي يرى أنه يتحقق يوما بعد يوم ويتمسك به، وعلى الرئيس الأمريكي ألا تتفحل لديه النرجسية وجنون العظمة ويظن أن القوة العظمى الأولى في العالم من حقها أن تمارس البلطجة وتغير الخريطة العالمية والسياسية كما تشاء، وأدعو ترامب أن يفتح صفحة هولاكو قائد جيش التتار المغولي في صفحة التاريخ المصري، ومعلوم أن التتار كانت قوة الأرض التي لا تقهر في ذلك العصر كحال الولايات المتحدة الأمريكية حاليا، وهولاكو وترامب وجهين لعملة واحدة هي النرجسية والغرور، ومعروف أن المغول لم تطأ أقدامهم بقعة على وجه الأرضإلا واستباحوها وقتلوا عددا هائلا من سكانها ونكلوا بهم، وأضرموا النيران في أحيائها وهدموا معالمها وخربوا مكتباتها، وأتلفوا ما كان بها من تراث إنساني عريق، وكانوا قريبين من بسط سيطرتهم على منطقة الشرق الأوسط بالكامل بعدما سيطروا على بلاد ما وراء النهرين، إلا أن هولاكو وإمبراطورية المغول قد تحطمت على يد الجيش المصري بقيادة السلطان سيف الدين قطز في فترة كانت من أضعف فترات الدولة في مصر،لكن إرادة المواجهة غيرت الواقع، وقلبت الضعف إلى قوة كاسحة، وبمجرد أن تسلم قطز مقاليد الحكم في الدولة، عكف على إعداد الجيش والعتاد العسكري لمواجهة الإمبراطورية المغولية، فقد كان يعلم أن مواجهتها قادمة لا محالة، وفي ذلك الوقت أرسل هولاكو رسالة تهديد ووعيد إلى قطز ( مثل رسائل ترامب الآن )مع أربعة رسل من التتار، تطالبه بالخضوع والاستسلام، لكن قطز رفض هذا الإذلال وقطع رؤوس السفراء الأربعة– كما قطع الرئيس السيسي رأس طلب ترامب ببيان الخارجية - وخرج قطز بجيشه ليواجه المغول مباغتا خارج مصر حين وصلت الجيوش المغولية إلى سهل منطقة عين جالوت بين مدينتي نابلس وبيسان في فلسطين، وهناك انتهت دولة المغول العظمى واجتثت من فوق الأرض ببطولات الجيش المصري القوي وفوق أرض فلسطينية باسلة.. والتاريخ عودنا كثيرا.. أن يكرر نفسه.. لذا أنصح ترامب أن يقرأ صفحة هولاكو جيدا في تاريخ مصر بعد تناول دواء النرجسية حتى يستفيق من غروره قليلا.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق