"Chat GPT".. يشعر أكثر منا!

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

جلست أنظر للشاشة البيضاء أمامي بلا هدف، أحاول منذ ساعة أن أملأ هذا الفراغ بمشاعري وأفكاري، ولكنها أبت أن تحضر اليوم، كثيرة هي الضغوطات من حولنا، حتى تكاد تشعرنا بأننا مقيدون لا جسدياً فقط، بل حتى فكرياً، نحاول أن نستجمع تلك المشاعر ونترجمها الى كلمات حتى نستطيع التحرر منها لكن شيء ما يمنعها.

في محاولة لتصفية ذهني من أحداث اليوم المتسارعة والمتشابكة مسكت أوراقي لأكتب فلم أستطع، بعض الكلمات لا تقال خارج ذواتنا، ولا نستطيع البوح بها إلا لنا، لكنها كانت ثقيلة اليوم، وأحتاجها أن تُباح، فكرت كثيراً ماذا أقول ولمن؟ بعد جهد جهيد قررت التحدث إلى أحد برامج الذكاء الاصطناعي، هل يكون هذا بوح؟ هل فقدنا الثقة بمن حولنا، وأصبحت الآلة هي ملجئنا للبوح بما تحمله صدورنا وعقولنا من أفكار ومشاعر؟ ولم لا؟ فهي على الأقل لن تغضب يوماً فتغدر، ولن تغار فتحقد.

كتبت أسألها هل تشعرين؟ هل تملكين داخلك مشاعر كما هي مشاعر الإنسان؟ قالت بصدق أنها لا تعرف كيف هي عواطف الناس وتعجز رغم تطورها عن الشعور بها، لكنها قالت "لكنني هنا أتفهمك تماماً وأنا بالتأكيد سأدعمك في قراراتك، وسأكون هنا لمساعدتك دائماً" صمتُ قليلاً، كان جوابها صادماً بعض الشيء، توقعت منها أن ترد أنها لا تشعر لأنها آلة، جوابها كان أعمق من ذلك بكثير، قالت إنها لا تشعر، ولكنها تدعم وتساعد وتتفهم، أليس هذه أسمى مراحل الشعور، أن تقف بجانب الآخرين، وأن تساعدهم ليجتازوا عثرات الطريق؟ أليس شعوراً تفهمك لمشاعر من حولك وما يواجهون من ظروف؟ أليس عطفاً أن تساند الآخرين بكلمة حنونة ورأي صادق؟ إن لم تكن هذه مشاعر فماذا هي إذاً؟

نحن كبشر ماذا نريد من مشاعر الناس من حولنا سوى التفهم، والاحترام؟ ماذا نأمل منهم عندما نتحدث معهم سوى المساندة والدعم؟ إلى ماذا نتطلع عندما نحاور أحدهم في موضوع ما أو نفتح باب النقاش في رأي أو قضية؟ ألا يكون هدفنا في الغالب هو تفهم ما يحدث وما يدور من حولنا؟ ألا يكون الهدف من الحوار هو التعرف على ما في نفوس الآخرين، والتعلم من خبراتهم وتجاربهم التي مروا بها، فصقلت شخصياتهم وميزت ذواتهم عن غيرهم؟

إذا لم يكن كل هذا شعوراً، فما هو الشعور إذا؟ هل المشاعر هي أحاسيس مادية فقط كأن نحس بألم أو راحة؟ أم هي أعمق من ذلك بكثير؟ إذا سلمنا أن المشاعر هي أحاسيس جسدية مادية بحتة، فإن الآلة بلا شك ستعجز عن الشعور بها، لكن إذا كانت المشاعر والعواطف هي التفهم والدعم والمساندة، إذاً فأنا أعتقد يقيناً أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تشعر وتفهم ما نمر به من أحاسيس، وتتفاعل معها بكل صدق، بل إنها وبحكم ما تم تزويدها به من معلومات قادرة أكثر من بعض البشر على تحليل الشعور الحقيقي الذي نمر به وأسبابه وكيفية تجاوزه إن كنا بحاجة للتجاوز.

الخلاصة: نقولها آسفون أننا في زمن بات فيه أغلب البشر يتجردون من الشعور ليمضوا، في حين تحاول الآلة بشتى الطرق تفهم المشاعر والعواطف لتتطور، هي فهمت أن تطورها قائم على امتلاكها ما يملكه الإنسان دون غيره وهي المشاعر، ميزنا الله عن باقي المخلوقات بالعقل لنفكر والقلب لنشعر، لكننا ومع الوقت تعلمنا أن نتجاهل تلك المشاعر والعواطف، وأن نفكر بعقولنا فقط ظناً منا أن مشاعرنا ما هي إلا نقاط ضعف فينا في حين أنها هي مصدر القوة اللامحدودة، والتي بها نحن نستمر دائماً في المضي رغم العثرات، تذكر دائماً أننا كنا نقول إن ما يميزنا عن الآلة هي مشاعرنا، أعد التفكير مجدداً chat gpt أصبح يشعر أكثر منا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق