بفضل المخطوفين سنتحرر من كذبة النصر المطلق

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
 تسفي برئيل   29/1/2025

آلاف الغزيين الذين عادوا إلى أنقاض بيوتهم هم كما يبدو، فشل آخر خطير في التخطيط للحرب. حيث إن شمال القطاع، مثل ممر نتساريم ومحور فيلادلفيا، اعتبرت جزءا لا يتجزأ من "أرض الميعاد"، أي أماكن مقدسة لن نتنازل عنها إلى الأبد، وهي العلاج التاريخي لدمار الانفصال. ها هو يتضح أنها كانت مجرد ورقة مساومة بالإجمال، وأنه مقابل الثمن المناسب يمكن التنازل عنها.اضافة اعلان
الثمن حقا يستحق. إعادة المخطوفين الذين تم التخلي عنهم، وتم استخدامهم طوال 15 شهرا ورقة مساومة في لعبة سياسية مشوهة، وهم يساوون كل قطاع غزة. هذه ليست أقوال أخلاقية وقيمية، لكنها بالتدريج أخذت تترسخ ولكن بتأخير باعتبارها الإنجاز الأساسي وربما الوحيد في هذه الحرب، وأيضا هو ما يزال يتعرض للتهديد طالما أنه يحلق فوق المخطوفين، الذين لم يتم تحريرهم بعد من أسر حماس خطر استئناف الحرب. 
أيضا استئناف الحرب لم يعد هدفا استراتيجيا، بل هو وعد سياسي، "جوكر" تم توزيعه على مسيحانيين الصهيونية الدينية مقابل تمديد حياة الائتلاف. من الجدير فحص على ضوء ذلك أيضا، السرور الذي يرافق النجاح في "لي ذراع" حماس، التي وافقت على زيادة حصة المخطوفين الذين سيتم إطلاق سراحهم – وكأن صمود نتنياهو وتصميمه على تأخير فتح ممر نتساريم أمام السكان الغزيين هو الذي أحدث المعجزة.
من الضروري التذكير بأن جميع المخطوفين، حتى الذين تم الحكم عليهم باستمرار الانتقال خلال خطة المراحل المؤلمة، كان يمكن لنتنياهو إطلاق سراحهم قبل أشهر كثيرة مقابل وقف مطلق وكامل للحرب على الفور. ويجب عدم نسيان مساهمة الزعيمين بايدن وترامب الجوهريتين في تسريع الصفقة وتنفيذ مراحلها الأولى. ومن دونهما كانت عودة المراقبات ستكون مجرد أمنية للمستقبل البعيد فقط.
صفقة المخطوفين تعطي إسرائيل التحرر من الأوهام الأساسية، التي بسببها معظم المخطوفين يواصلون التألم. الأول هو وهم تدمير حماس الذي يمر "بالتكيف". والثاني هو أن كذبة تفوق ضغط الجيش الإسرائيلي يتم استبدالها بحملة وعي. "ما الذي سيفكر فيه الغزيون بشأن الدمار الذي لحق بممتلكاتهم، وكيف سيردون على تدمير بيوتهم؟"، يتساءلون في مختبر الوعي التابع للاستوديوهات والمحللين والمفكرين الذين يقومون بمسح الشبكات الاجتماعية ويقومون باصطياد أشخاص لإجراء المقابلات معهم من أجل استخراج إثباتات بأن الفلسطينيين في غزة يكرهون حماس وأنها هي المسؤولة عن الكارثة، وكأن الأمر يتعلق بتحليل حملة انتخابات واحتمالية فوز حماس فيها. هكذا تبدو مسودة لصورة النصر.
لكن عندها تبين أيضا التناقض الكبير. ليست آلاف الأطنان من القذائف وتصفية القادة والزعماء أو تدمير مصانع إنتاج السلاح هي التي ستدمر حماس، بل حملة الانتقام لسكان غزة على الدمار الذي أوقعته عليهم حماس.  الآن، سكان غزة أنفسهم، الذين كان يمكن أن يحملوا من الآن فصاعدا راية الانتفاضة ضد حماس، أو على الأقل يمنعون عنها كل دعم جماهيري، يرون كيف أن إسرائيل تدير مع حماس نفسها هذه المفاوضات على أهمية احترام الاتفاق كأمر مقبول على دولتين متساويتين في المكانة، وليس على منتصر ومهزوم. صحيح أن حماس ضربت ضربة قاسية، وقيادتها تم تدميرها وأنفاقها تم تفجيرها، لكنها هي التي تدير "مشروع العودة" لمئات آلاف الغزيين إلى أحيائهم ورجال شرطتها هم الذين يشرفون على توزيع الغذاء الذي يأتي في قوافل المساعدات، وموظفيها هم الذين يتسلمون آلاف الخيام التي يتم إرسالها إلى القطاع.
يوجد بديل لذلك، لكن استخدامه يهدد "استمرار الحرب"، وصورة الحرب التي كانت مستمرة وما تزال مستمرة، وخاصة الكلمة التي قمنا بإعطائها، أي الوعد بمواصلة الحرب. لذلك، نحن سنستمر. ما هو الثمن إذا؟ مثلما هي الحال بالنسبة إلى حماس، فيبدو أننا نحن أيضا لا يهمنا هذا الثمن.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق