استضاف منتدى محمد الحموري أمس فعالية خاصة بمناسبة الذكرى الثانية لرحيل المفكر والقانوني الراحل الدكتور محمد الحموري، وذلك في المركز الثقافي الملكي.اضافة اعلان
وتضمنت الفعالية ندوة حوارية بعنوان: "حرب الوعي والرواية ومستقبل الصراع في المنطقة"، والتي استضاف خلالها المنتدى السياسي والدبلوماسي البارز والأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية.عمرو موسى.
وركزت الندوة على مناقشة القضايا الإقليمية الراهنة، وتناول دور الفكر القانوني والسياسي في مواجهة التحديات التي تمر بها المنطقة.
كما تم توزيع نسخ من كتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية" الذي ترجم الدكتور محمد الحموري إلى اللغة العربية، كجزء من إحياء إرثه الفكري وعطاءاته العلمية.
وتأتي هذه الفعالية ضمن مساعي المنتدى المستمرة لتعزيز الحوار الفكري والثقافي، وشارك فيها عدد من الشخصيات الأكاديمية والسياسية والإعلامية، إلى جانب جمهور واسع من المهتمين بالقضايا العامة.
يُذكر أن الدكتور محمد الحموري كان أحد أبرز المفكرين القانونيين في العالم العربي، وترك إرثًا غنيًا من الأبحاث والدراسات التي ساهمت في تشكيل الوعي القانوني والسياسي في المنطقة.
الحموري: "الوعي والرواية في قلب الصراع"
وفي هذا الصدد؛ أكد رئيس مجلس أمناء منتدى الحموري الثقافي، الدكتور طارق الحموري، في كلمته الافتتاحية بمناسبة الذكرى الثانية لرحيل الدكتور محمد الحموري وتأسيس المنتدى، أن المنتدى يسعى إلى تعزيز الوعي الثقافي والاجتماعي من خلال دراسة القضايا الإنسانية وتقديم التوصيات.
وأوضح الدكتور الحموري أن المنتدى يعمل على تنظيم ندوات ودراسات تهدف إلى نشر المعرفة وتعزيز أهمية الثقافة في المجتمع.
وقال الدكتور الحموري: "في مثل هذا اليوم من العام السابق، تم إطلاق منتدى الحموري الثقافي ليكون مؤسسة ثقافية مستقلة تهدف إلى تعزيز الحوار بين الباحثين والخبراء والمختصين في مجالات الثقافة والمجتمع."
كما أكد أن المنتدى يولي أهمية كبيرة لدور السرديات الإعلامية والسياسية في تشكيل الرأي العام، مشيرًا إلى أن الصراعات المعاصرة لا تُحسم بالسلاح فقط، بل أصبحت معركة الوعي والرواية هي العنصر الأساسي في هذا الصراع.
وأشار إلى أنه تم إعادة طباعة كتاب "اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية"، الذي كان قد ترجمه الراحل الدكتور الحموري، كجزء من جهود المنتدى لتعزيز الفهم العميق لتداخل المصالح والسياسات الدولية. كما شكر الدكتور الحموري الإعلامي حسام غرايبة على مشاركته في إدارة الحوار في هذه الفعالية.
واختتم كلمته بتوجيه الشكر لجميع الحضور، معربًا عن أمله في أن يكون هذا اللقاء خطوة نحو فهم أعمق للواقع واستشراف أكثر وعياً للمستقبل.
موسى: ضرورة تبني مواقف عربية واضحة في مواجهة الأزمات الحالية
وفي نفس السياق؛ أكد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، خلال الندوة أهمية تبني مواقف عربية واضحة ومتماسكة في ظل الأزمات الراهنة التي تمر بها المنطقة، موضحاً بأن العرب بحاجة إلى الالتزام بمواقف مشتركة في القضايا الكبرى مثل فلسطين والسودان.
وأشار موسى إلى أنه يجب على العرب أن يحترموا أنفسهم وأن يكونوا أكثر وضوحاً في مواقفهم، مؤكداً أن القضايا العربية تتطلب مواقف ثابتة لا تتغير بمرور الوقت. وأضاف موسى أن "موقف العرب من القضية الفلسطينية يجب أن يكون موحداً، لأن هذه القضية هي قضية العرب جميعاً".
كما لفت إلى أن الدول العربية بحاجة إلى "التزامات دولية" على كافة الأصعدة، مشدداً على أن مواقف الدول العربية يجب أن تكون ثابتة تجاه قضايا مهمة مثل الأزمات في السودان وفلسطين.
وأوضح أن "قضية السودان تختلف عن قضية فلسطين، لكن يجب أن نوليها اهتماماً متساوياً".
وتناول أيضاً دور المغرب العربي، مؤكداً أن هذا الإقليم يجب أن يكون جزءاً أساسياً من "الجناح الغربي للعرب"، خاصة في ظل التطورات السياسية التي تشهدها المنطقة. وأضاف: "المغرب العربي يلعب دوراً مهماً في القضايا العربية، ولا يمكن تجاهل هذا الدور في الأحداث الحالية".
من جهة أخرى، تناول موسى العلاقة بين الدول العربية وإيران وتركيا، مشدداً على أهمية أن تحافظ الدول العربية على علاقات جيدة مع هاتين الدولتين دون أن يؤثر ذلك على المصالح العربية؛ مشيراً إلى أن المصالح العربية يجب أن تكون في الأولوية، وإذا انهار النظام العربي، فسيكون ذلك بمثابة تسليم منطقة عربية كبيرة إلى قوى إقليمية أخرى.
وفيما يتعلق بسوريا، أوضح موسى أن البلاد تمر بمرحلة صعبة في ظل الأوضاع الحالية. وأضاف: "يجب أن نركز على سوريا المستقبلية بدلاً من العودة إلى ماضيها". وأكد أن الخلط بين الدين والسياسة يجب أن يتم تناوله بجدية عند مناقشة مستقبل سوريا.
وأشار موسى إلى أن دور المجتمع المدني العربي، من محامين وأطباء ودبلوماسيين، أصبح ضرورة ملحة للدفاع عن القضايا العربية، قائلاً: "يجب أن يتحمل المجتمع المدني مسؤولياته في تعزيز العدالة والحقوق في الدول العربية".
وتطرق موسى إلى دور الأمم المتحدة في حل النزاعات، قائلاً إن "مجلس الأمن الدولي فشل في تحقيق أهدافه"، مؤكداً أن على المنظمة الدولية أن تبذل جهوداً أكبر لتحقيق السلم والأمن الدوليين.
من ناحية أخرى، أشار موسى إلى أزمة غياب التضامن العربي، قائلاً: "جامعة الدول العربية فقدت قدرتها على اتخاذ قرارات بالإجماع بسبب تباين المواقف بين الدول الأعضاء".
ودعا إلى تصحيح هذا التراجع في التضامن العربي من خلال وضع خطط جديدة لتحسين التعاون بين الدول العربية.
وفيما يتعلق بالأزمة الفلسطينية، أشار موسى إلى أن "إسرائيل يجب أن تعتذر عن الأضرار التي تسببت بها في غزة". وأضاف أن "العمل على تحقيق السلام العادل يجب أن يكون أولوية في السياسة العربية".
وختم موسى حديثه بالإشارة إلى أهمية إعادة النظر في مواقف الدول العربية وتفعيل التعاون المشترك في جميع المجالات، مشدداً على أن "التضامن العربي يجب أن يشمل جميع الدول والشعوب العربية، وليس مجرد العلاقات بين الحكومات".
منتدى الحموري الثقافي.. دعوة لتوحيد المواقف العربية وتفعيل الحوار الفكري
وهنا؛ تظل الذكرى الثانية لرحيل الدكتور محمد الحموري بمثابة محطة هامة لإحياء إرثه الفكري والقانوني، الذي ترك بصمات واضحة في الوعي السياسي والقانوني في العالم العربي.
وقد سلطت ندوة "حرب الوعي والرواية ومستقبل الصراع في المنطقة" الضوء على القضايا الإقليمية العميقة التي تتطلب مواقف عربية موحدة وواضحة؛ كما تبين من كلمات عمرو موسى أن الصراع اليوم ليس فقط معركة على الأرض، بل على السرديات والوعي.
وفي وقت يحتاج فيه العالم العربي إلى تكاتف جهود المفكرين والمثقفين، تبقى رسالة منتدى الحموري الثقافي حيوية في نشر الفكر النقدي وتعزيز الحوار بين الأجيال المختلفة للمساهمة في صياغة المستقبل.
0 تعليق