السبيل – شهدت مدينة جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة، عمليات تدمير واسعة النطاق انتهت بتفجير مربعات سكنية بشكل تام. هذه المشاهد، التي أعادت للأذهان أساليب الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، أثارت جدلاً واسعاً حول استنساخ ذات النهج القمعي في الضفة الغربية كجزء من سياسات الردع والتطهير التي تعتمدها حكومة الاحتلال.
مشروع الاحتلال: الضم عبر الاستيطان والقوة
ويرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أمجد بشكار أن الاحتلال الإسرائيلي ينفذ مشروعاً واضح المعالم في الضفة الغربية، عنوانه الأبرز هو “الضم”، وهو ما يعبر عنه المسؤولون الإسرائيليون وصناع القرار على نحو متكرر. وأضاف بشكار أن “المشروع الاستيطاني هو الوسيلة الرئيسية لاستكمال الضم الفعلي للأراضي الفلسطينية”.
وبحسب بشكار، فإن ما جرى في مخيم جنين من تفخيخ وتفجير للمنازل “يهدف إلى خلق صدمة نفسية وردع المجتمع الفلسطيني من خلال فرض مشاهد الدمار والدماء على أرض الواقع”، مشيراً إلى أن “الاحتلال يحاول تكرار تجربته في قطاع غزة عبر استهداف البؤر المقاومة في الضفة الغربية، سعياً إلى فرض استسلام الفلسطينيين عبر القوة المفرطة والتدمير المنهجي”.
استمرار النهج الاحتلالي: من غزة إلى الضفة
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني سليمان بشارات أن السياسات الإسرائيلية في الضفة الغربية ليست مجرد استنساخ لتجربة الاحتلال في غزة، بل تكشف عن منهجية عميقة الجذور في العقلية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. وأوضح بشارات أن الاحتلال “منذ عام 1948 وحتى اليوم يتبع سياسات ممنهجة من التهجير القسري، والتدمير المنظم، والقتل الجماعي، حيث دمر وأحرق مئات القرى والمنازل الفلسطينية على رؤوس ساكنيها”.
ويضيف بشارات أن ما يعزز تغول الاحتلال في الضفة الغربية هو “الشرعنة الدولية، خصوصاً من قبل الولايات المتحدة، التي تغض الطرف عن الجرائم الإسرائيلية، مما يمنح الاحتلال الضوء الأخضر للاستمرار في عمليات الهدم والتهجير دون رادع”.
تصعيد غير مسبوق في جنين وطولكرم
في سياق التصعيد الميداني، أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، عصر اليوم الأحد، على تفجير أكثر من 20 منزلاً في مخيم جنين، مما ألحق أضرارًا جسيمة بالمنازل المجاورة. وأفادت مصادر محلية بأن جرافات الاحتلال أحدثت دماراً واسعاً في حارة “الدمج”، والمدخل الشرقي لمخيم جنين، كما دمرت شارع مستشفى جنين الحكومي والبنية التحتية في المنطقة.
وفي طولكرم، شنت قوات الاحتلال عمليات اقتحام واسعة النطاق، حيث دفعت بآلياتها العسكرية إلى الأحياء الغربية والجنوبية والشرقية من المدينة، وقامت بعمليات دهم وتفتيش للمنازل، إضافة إلى تحويل العديد من المباني السكنية والتجارية إلى ثكنات عسكرية ونشر القناصة فوق أسطحها.
كما فرضت قوات الاحتلال حصارًا مشددًا على مستشفيي “الشهيد ثابت ثابت” و”الإسراء التخصصي”، ما أعاق حركة سيارات الإسعاف والطواقم الطبية، التي تعرضت بدورها للاستجواب والاحتجاز.
وفي ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي في تطبيق سياسات التدمير والتهجير، ومع غياب أي تدخل دولي فعّال للحد من هذه الانتهاكات، يبقى التساؤل مفتوحاً حول مآلات التصعيد في الضفة الغربية. فهل ستنجح هذه السياسة في تحقيق أهدافها، أم أنها ستؤدي إلى مزيد من التأجيج والتصعيد، كما حدث في غزة؟. قدس برس
0 تعليق