تُثبت بعض الفعاليات أنها ليست مجرد تجمع للنقاش أو تبادل الخبرات، بل مناسبات تترك أثراً عميقاً في النفوس، وهذا تماماً ما حدث في محافظة البريمي بسلطنة عمان خلال الملتقى العربي الأول للسياحة والاستثمار. لم يكن هذا الملتقى حدثاً اقتصادياً تقليدياً، بل كان تجربة استثنائية تميزت بروح الضيافة العمانية الأصيلة وحفاوة الاستقبال، وهو ما جعل منه مناسبة لا تُنسى.
المشاركون من مختلف الدول العربية لم يأتوا فقط لحضور جلسات نقاشية أو استكشاف فرص استثمارية، بل وجدوا أنفسهم محاطين بدفء أهل البريمي وكرمهم، في صورة تعكس أصالة الشعب العماني وعراقته. هذه الروح لم تقتصر على التقاليد والضيافة فحسب، بل انعكست أيضاً في التنظيم المحكم والتفاصيل الدقيقة التي عززت من مكانة البريمي كوجهة واعدة للسياحة والاستثمار.
كانت هذه زيارتي الأولى لعُمان، ولم أكن أتوقع أن تترك في نفسي هذا الأثر العميق. من اللحظة التي وطأت فيها قدماي أرض سلطنة عمان، شعرت أنني بين أهلي وناسي. الشعب العماني ليس مجرد مضيف كريم، بل هو أجمل واجهة لعُمان في أي مكان. بساطتهم، صدقهم، ودفء تعاملهم جعلوني أشعر وكأنني في وطني.
هذه الأجواء المميزة تعكس بلا شك الرؤية الحكيمة لجلالة السلطان هيثم بن طارق، الذي يقود السلطنة برؤية تجمع بين الحفاظ على الهوية العمانية والانفتاح على العالم. تحت قيادته، أثبتت عُمان أنها نموذج للتوازن بين التنمية المستدامة والتمسك بالقيم والتراث.
نجاح هذا الملتقى لم يكن مفاجئاً، فمحافظة البريمي تمتلك مقومات اقتصادية وسياحية تجعلها بحق بوابة استراتيجية بين سلطنة عمان ودول الخليج. وكما أشار سعادة الدكتور حمد بن أحمد البوسعيدي، محافظ البريمي، فإن المحافظة ليست مجرد موقع جغرافي مميز، بل مركز حيوي يجمع بين الموارد الطبيعية والبنية التحتية الحديثة، ما يجعلها وجهة مثالية للاستثمارات السياحية والاقتصادية.
لكن ما يميز هذا الملتقى حقاً هو الطريقة التي تم بها توجيه النقاشات والتوصيات. الدكتور سلطان بن خميس اليحيائي، رئيس اللجنة المنظمة، لعب دوراً محورياً في تحويل الملتقى من مجرد تجمع للنقاش إلى منصة فعلية لصياغة مستقبل السياحة العربية. إن ما طرحه اليحيائي من أفكار يصب في صميم الحاجة الملحة لتحقيق استدامة حقيقية في قطاع السياحة، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية المتسارعة. فالسياحة، كما أوضح، ليست فقط أداة لجذب الزوار، بل جزء لا يتجزأ من منظومة التنمية الاقتصادية المستدامة التي تحتاجها المنطقة بشدة.
ولا يمكن إغفال الدور المهم الذي يلعبه الإعلام في دعم السياحة والاستثمار. كما أشار معالي عبدالله بن ناصر الحراصي، وزير الإعلام بسلطنة عمان، فإن الإعلام شريك أساسي في الترويج للفرص الاستثمارية والسياحية، سواء من خلال القنوات التقليدية أو الرقمية.
لم يكن الملتقى مجرد نتيجة للتنظيم الجيد أو الحضور الرفيع، بل كان ثمرة لتكامل بين رؤية استراتيجية واضحة وروح الضيافة العمانية الأصيلة. لقد أثبتت محافظة البريمي أنها ليست فقط موقعاً جغرافياً مميزاً، بل هي قلب نابض بالفرص والإمكانات، ومستعدة للعب دور ريادي في دفع عجلة التنمية السياحية والاستثمارية في سلطنة عمان والمنطقة العربية بأسرها.
0 تعليق