مسؤول "عدو".. ومسؤول "صديق"!

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أن تكون مسؤولاً لا يعني بأن الحياة ستصبح وردية، إذ من مسماك "مسؤول"، يعني أن هناك مسؤولية ملقاة على عاتقك. يعني أنك مطالب بعمل، وأنك كرأس المنظومة أنت المساءل في المقام الأول وليس موظفيك، لأن الإدارة العليا تنظر إليك وإلى إدارتك وإلى تحقيقك للنتائج.

البعض ينسى "الهدف" من وجوده كمسؤول، وأعني هنا، بأن الهدف ليس أنت وراحتك، بل الهدف هو تحقيق الصالح العام التي تحرص عليه الحكومة، وتحقيق المطلوب من خدمات تقدم للمجتمع.

بالتالي ينجح المسؤول الذي يكون ذكياً في إدارته، والذي يجمع الموظفين حوله، ويخلق لهم تلك البيئة التي تجعلهم يبدعون ويعملون وينتجون. ينجح المسؤول الذي يراه موظفوه كـ"صديق"، ولست أقصد هنا الصديق الذي يتعامل معهم بتساهل إداري أو دون ضبط منبث من اللوائح والأنظمة، بل أقصد المسؤول الذي يتعامل بـ"إنسانية" مع الجميع، وينجح في تحريك كل شخص بشكل صحيح مع مراعاة القدرات والطاقات.

المسؤول الصديق هو الذي تكون قيادته حكيمة وإنسانية في نفس الوقت. وهو الذي يتواصل بشكل جيد مع الموظفين ويفتح القنوات معهم ويستمع لهم، بل يطلب منهم الحديث بحرية لأجل مصلحة العمل. وهو المسؤول الذي يتعامل بشفافية ويخلق جواً كبيراً من الثقة، إلى جانب ذاك تجده محترماً مع الجميع، وعليه يبادله الآخرون الاحترام، خاصة لو في تعاملاته اتضح بأنه مرن ويتعاطف معهم ويسندهم ويحرص على كرامتهم.

هذا المسؤول رغم طبيعته الطيبة، لكنه يثبت قدرته على اتخاذ القرارات الصحيحة، فلديه حسم حينما يتطلب الأمر، لكن حسمه يكشف حكمة وخبرة في التعامل، وبالتالي هو يقدم نفسه في صورة "القدوة" التي يحاول الموظفون محاكاتها والاحتذاء بها، بالأخص لو وجدوا فيه صفات معينة.

هذه الصفات تتركز في ما يؤمن به من قيم ومبادئ، ومن حرص على تعزيز بيئة العمل، واهتمامه بتطوير الموظفين والتعاطف معم، والأهم طبعاً عدالته ومساواته الجميع بلا تمييز، ومنحهم الفرص للتطوير من خلال دعمهم وتوجيههم وإرشادهم. وبالتأكيد ستجد هذا النوع من المسؤولين متواضعاً حتى لو امتلك سجلاً ضخماً من الإنجازات ولو كان لديه تاريخ حافل، لكنه بتواضعه يظل دوماً قريباً من الجميع.

في المقابل، وهنا النصحية لكل مسؤول، لا تكن على النقيض، لا تكن مسؤولاً "عدواً" للموظفين! وقد يستغرب البعض من الوصف، إذ هل تكون بالفعل أعداءً لموظفيك؟! والإجابة نعم لو قمنا ببعض السلوكيات.

المسؤول "العدو" هو الذي يتلذذ بإيقاع الضرر بالموظفين، تجده في سلوكياته وكأنه منعدم الرحمة، لا يتبين لك امتلاكه لمبادئ أو قيم، وتراه دوماً متسلطاً وقامتا للآخرين. ومثل هذا النوع يمكنك أن تبصم عليه بكونه الشخص الذي يعمل لأجل مصلحته الخاصة وشكله ولا تهمه المصلحة العامة أو مصلحة الموظفين.

ستجد هذه النوعية توغل في الظلم ولا تهتم بالعدالة. التجاهل لمطالب الآخرين سمة غالبة، والتحيز للبعض سمة واضحة. لن تجدهم يتعاملون بشفافية بل تجدهم يبتعدون عن الاحتكاك مع الموظفين، ولا يبدون أي اهتمام بهم أو بمطالبهم، واللغة التي يستخدمونها لا تخرج عن التهديد والوعيد، والأخطر حينما تطغى عليهم نزعة الانتقام من الآخرين.

هذه النوعية من المسؤولين تجد قطاعاتهم تفتقر لعملية التواصل الفعال بين الأفراد، بل تجد التحزبات تتشكل، ويتحول الوسط المهني لوسط تكثر في الإشاعات والمشاعر السلبية، وتسود أجواء التوتر والخوف.

هنا يسألني أحد المسؤولين: والموظفون، ألا تقع على عاتقهم المسؤولية في صناعة مثل هذه الأوساط السلبية؟! أليس بعضهم متسيبين ومتكاسلين وفاشلين في أعمالهم؟!

طبعاً إجابتي بأن هذا واقع أيضاً، فهناك عناصر للأسف مهما كنت "صديقاً" لها كمسؤول في تعاملك، لا يقدرون هذا الأسلوب، بل يظنونه تساهلاً وضوءاً أخضرَ لمزيد من التسيب، لكنني أؤكد دوماً بأن "العامل المؤثر" في كل شيء، هو "المسؤول الأول" وصاحب القرار في القطاع، هو الذي بإمكانه تحديد الأسلوب الأمثل لإدارته، وهو الذي سيدرك بأن التعامل كمسؤول "صديق" أفضل لمصلحة العمل ولتصحيح مسارات كثير من الموظفين، عوضاً عن التعامل بأسلوب "المسؤول العدو"، لأن هذا الأخير لن ينجح إلا في زيادة نسبة السلبية وإبعاد البشر عنه.

وكالعادة أقول ختاماً: إن كنت تعمل مع مسؤول محنك إدارياً، مسؤول "صديق" في تعاملاته الإنسانية، فأنت في نعمة كبيرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق