![غزة](https://assabeel.net/wp-content/uploads/2025/02/2a7fb91b-540c-4819-b1d3-88f3e30d5a08-1.jpg)
السبيل – خاص
يطرح الكاتب الإسرائيلي غيورا آيلند في مقالة نشرها بصحيفة “يديعوت أحرونوت” تقييماً قاسياً للواقع الإسرائيلي بعد حرب غزة، حيث يعترف بفشل الكيان في تحقيق أهدافها، مقابل نجاح المقاومة في فرض إرادتها، وهو ما يُعد هزيمة واضحة لنتنياهو وحكومته.
ويحدد الكاتب أربعة أهداف رئيسية للحرب، ويؤكد أن “إسرائيل” فشلت في تحقيق ثلاثة ونصف منها، بينما حققت نصف الرابع فقط، وهي:
- تدمير القوة العسكرية لحماس – لم يتحقق، إذ تبين أن المقاومة ما زالت تملك الرجال والعتاد رغم الدمار والقصف المكثف.
- إسقاط حكم حماس – لم يتحقق، بل إن حماس ما زالت تُدير القطاع بكفاءة ومرونة، وتفرض شروطها في أي مفاوضات.
- إعادة سكان الغلاف إلى بيوتهم بأمان – فشل ذريع، إذ لا تزال المستوطنات القريبة من غزة شبه مهجورة.
- إعادة المخطوفين – تحقق جزئياً، لكنه جاء عبر صفقة مع المقاومة، وليس كإنجاز عسكري.
حماس تهزم “إسرائيل” سياسياً وعسكرياً
يؤكد الكاتب آيلند أن المقياس الحقيقي للحرب هو فرض الإرادة، وأنه في حالة “النصر المطلق”، يستسلم الطرف الآخر دون قيد أو شرط، كما حدث مع ألمانيا واليابان عام 1945.
لكن “إسرائيل” لم تستطع فرض إرادتها، بل إن حماس هي من تتحكم الآن في سير المفاوضات، وهي من تقرر متى يتم الإفراج عن المخطوفين، مما يعكس بوضوح ميزان القوى الجديد في المنطقة.
ويذهب آيلند أبعد من ذلك عندما يقول: “حماس ستجعلنا لاحقاً نزحف إلى أن نرى – إذا ما رأينا – كل المخطوفين في البيت”.
وهذا الاعتراف يُشكل صفعة مدوية لنتنياهو، الذي كان يهدد بـ”سحق حماس”، لكنه الآن يجد نفسه تحت رحمتها في ملف الأسرى.
حكومة نتنياهو.. فشل وجهل بطبيعة الحرب
يشير المقال إلى أن الخطأ الأكبر لنتنياهو هو عدم فهمه لطبيعة الحرب، إذ إنه تعامل مع حماس وكأنها مجرد “منظمة إرهابية”، بينما هي في الواقع دولة قائمة بذاتها تحكم غزة منذ 2007، وتتمتع بدعم شعبي كبير، وتمتلك قدرات عسكرية وتقنية متطورة.
ويُشبه الكاتب غيورا آيلند غزة بألمانيا النازية، حيث استطاعت حماس توحيد مجتمعها خلف قيادتها، وتوجيه كل مواردها للحرب، كما فعل هتلر في حينه، مما جعلها قادرة على الصمود وتحقيق أهدافها.
ويرى أن “إسرائيل” لم تدرك أن الحرب بين الدول تُحسم أولاً عبر الخنق الاقتصادي، لكن بدلاً من ذلك، قدمت لحماس الطعام والمياه والخيام والأدوية وحتى الوقود!
ويصف هذا الموقف بسخرية قائلاً: “بربارة توخمان التي كتبت (مسيرة السخافة) ما كان يمكنها أن تتصور مستوى كهذا من السخافة”.
وهذا الاعتراف يعني أن حكومة نتنياهو لم تكن فاشلة عسكرياً وحسب، بل كانت تساهم بشكل غير مباشر في بقاء خصمها قوياً!
المقاومة تغير معادلة الصراع
ويُشير المقال إلى نقطة في غاية الأهمية: أن “إسرائيل” لا تواجه “منظمة إرهابية”، بل تواجه كياناً سياسياً وعسكرياً متماسكاً يستطيع إدارة حرب طويلة الأمد.
وهذا ما فشلت القيادة الإسرائيلية في فهمه، إذ كانت تعتقد أن مجرد القصف الشديد كفيل بإنهاء حماس، لكنها اكتشفت أن المقاومة قادرة على الاستمرار وإدارة المعركة بكفاءة.
وفي النهاية، يُلخص مقال آيلند النتيجة النهائية للحرب في عبارة قوية: “إسرائيل تتصرف بشكل معاكس لقول الحكيم: (من يرحم المتوحشين نهايته أن يتوحش على الراهنين)”. أي أن “إسرائيل” حاولت الظهور بمظهر “المتحضر” لكنها في المقابل تعرضت لخسائر كبرى، بينما المقاومة، رغم الحصار والعدوان، استطاعت فرض نفسها وإملاء شروطها.
وباختصار؛ المقاومة لم تهزم نتنياهو عسكرياً فقط، بل هزمته سياسياً واستراتيجياً، وجعلته يعيش في أزمة وجودية لم يكن يتخيلها يوماً.
0 تعليق