فريدمان: هذا أكثر ما يثير الرعب في هذيان ترمب بشأن غزة

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حذر الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان من أن خطة الرئيس دونالد ترمب لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة هي الأكثر حماقة وخطورة في التاريخ، وعدَّها وصفة للفوضى داخل الولايات المتحدة وخارجها.اضافة اعلان


وكتب فريدمان في عموده الأسبوعي بصحيفة نيويورك تايمز، أن خطة ترمب للاستيلاء على غزة وإخراج مليوني فلسطيني منها وتحويل القطاع الصحراوي الساحلي إلى ما يشبه المنتجع السياحي يثبت شيئا واحدا فقط، وهو كم هي المسافة قصيرة بين "التفكير خارج الصندوق والتفكير خارج العقل".


وذهب إلى أبعد من ذلك قائلا "يمكنني الجزم بكل ثقة بأن اقتراح ترمب هو أخطر مبادرة "سلام" وأكثرها حماقة يطرحها رئيس أميركي على الإطلاق".

لكنه بدا غير متيقن عندما تحدث عن أكثر ما يخيفه من اقتراح الرئيس الأميركي بشأن غزة، هل في تغيره يوما بعد يوم كما يبدو، أم في السرعة التي وافق بها مساعدوه وأعضاء حكومته على الفكرة؟ "مع أنه لم يتم إطلاع أي منهم تقريبا على الخطة مسبقا"، ووصفهم بأنهم "مجموعة من الدمى التي تهز رأسها باستمرار".


وقال إن الخطة لا تتعلق بالشرق الأوسط وحده، بل هي نموذج مصغر تواجهه الولايات المتحدة الآن كدولة.

 

وأضاف أن ترمب كان محاطا في ولايته الأولى بمساعدين ووزراء وجنرالات تصدوا لأسوأ اندفاعاته وكبحوا جماحها في كثير من الأحيان.


أما الآن -وفق مقال فريدمان- فإن الرئيس محاط بمساعدين ووزراء وأعضاء في مجلسي الشيوخ والنواب الذين ترتعد فرائصهم خوفا من غضبه أو من أن يهاجمهم "الغوغاء" على شبكة الإنترنت الذين يطلقهم حليفه الملياردير إيلون ماسك من عقالهم إذا ما حادوا عن الطريق وتصرفوا بشكل غير لائق.

واعتبر الكاتب هذا المزيج الذي يجمع بين إطلاق العنان لترمب ولماسك بلا قيود، والكثير من أجهزة الحكومة ودوائر الأعمال التي تعيش في خوف، هو وصفة للفوضى في الداخل والخارج.


ووصف ترمب بأنه أشبه بالأب الروحي من كونه رئيسا، ويتجلى ذلك في مطالباته بضم جزيرة غرينلاند الدانماركية وقناة بنما، والاستيلاء على قطاع غزة وتهجير سكانه إلى مصر والأردن.

وسخر من أفكار ترمب الأخيرة قائلا إنها قد تنجح في الأفلام، إلا أن محاولة إدارته -في الواقع العملي- لإجبار الأردن ومصر أو أي دولة عربية أخرى على قبول الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة وجعل الجيش الإسرائيلي يعتقلهم ويسلمهم إلى تلك الدول، سوف تزعزع التوازن الديمغرافي في الأردن بين سكان الضفة الشرقية والفلسطينيين، وتقوض استقرار مصر وإسرائيل على حد سواء.

وتوقع فريدمان أن تثير خطة ترمب ردودا عنيفة ضد سفارات الولايات المتحدة ومصالحها في العالم العربي والإسلامي، محذرا من أن المسلمين في أوروبا والشرق الأوسط وآسيا سيخرجون إلى الشوارع لمقاومة تهجير الفلسطينيين من أرضهم، حيث توعد ترمب بامتلاك قطاع غزة وبأن الفلسطينيين لن يكون لهم الحق في العودة إليه.


وأشار إلى أن هذه ستكون "أعظم هدية" يمكن أن يقدمها ترمب لإيران لكي تعود إلى الشرق الأوسط من خلال إحراج جميع الأنظمة السنية الموالية لأميركا، وستتعرض الشركات الأميركية -مثل ماكدونالدز وستاربكس -التي واجهت بالفعل مقاطعة نتيجة تسليح أميركا لإسرائيل في الحرب على قطاع غزة لضربة كبرى.

 

لكن فريدمان -وهو كاتب أميركي يهودي- يرى أن ترمب محق في اعتبار حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منظمة "مريضة ومنحرفة"، وأن غزة أصبحت الآن جحيما نتيجة لأفعالها.


ومع ذلك، فهو يعتقد أن استئناف أي نوع من عملية السلام لن يكون سهلا، لكن القول إن التطهير العرقي هو الخيار الوحيد المتبقي، بعد تجربة كل البدائل، هي فكرة خاطئة.


إحدى كبرى المشاكل التي يعاني منها فريق ترمب هي أنه ينظر إلى الشرق الأوسط من خلال عدسة اليمين الإسرائيلي المتطرف والمسيحيين الإنجيليين
وفي تقديره أن إحدى كبرى المشاكل التي يعاني منها فريق ترمب هي أنه ينظر إلى الشرق الأوسط من خلال عدسة اليمين الإسرائيلي المتطرف والمسيحيين الإنجيليين، وأن كل ما يعرفه عن العالم العربي هو من خلال مجتمع المستثمرين في الخليج العربي. ولعلهم لهذا السبب "مغرمون تماما" برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حسب وصف فريدمان.

ويمضي الكاتب إلى القول إنه إذا كان ترمب يريد حقا أن يُحدث تحولا جذريا ويستفيد من بعض الخوف الذي يغرسه في نفوس الناس، فلن يكون ذلك من خلال هذا الاقتراح "الصبياني" في غزة، بل باستدعاء جميع الأطراف علنا ليتحدّي كل واحد منهم الآخر بأن يقوم فعلا، وبحسن نية، بالأمور الصعبة المطلوبة للخروج من هذا الجحيم.


وقدم فريدمان مقترحا بديلا يتمثل في ضرورة إصلاح السلطة الفلسطينية وحملها على تعيين زعيم جديد غير فاسد ورئيس وزراء جديد -مثل سلام فياض- وتشكيل حكومة تكنوقراط تدعو قوة حفظ سلام عربية لاستلام قطاع غزة من إسرائيل، واستكمال "طرد" قيادة حماس، والتماس المساعدة الدولية اللازمة لإعادة إعمار غزة.

وأردف قائلا إنه سيتوجب على القوة العربية الالتزام بتدريب عناصر أمن تابعين للسلطة الفلسطينية، وتقسيم قطاع غزة إلى منطقتين "أ" و"ب"، بحيث تتحكم السلطة الفلسطينية وقوة حفظ السلام العربية في الأولى بجميع مراكزها السكانية، في حين يمكن للجيش الإسرائيلي البقاء في كامل محيط المنطقة الثانية.


وبعد ذلك -يواصل فريدمان في توضيح مقترحه- ينخرط الفلسطينيون في تنظيم انتخابات في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتفاوض على حل الدولتين مع إسرائيل في كلتا المنطقتين، أما خطة ترحيل أهل غزة فإنها سوف تزعزع استقرارالدول في الشرق الأوسط، حسب رأيه. (نيويورك تايمز)

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق