من المتوقع أن يسجل حجم الإنفاق على الرعاية الصحية في دولة الإمارات، معدل نمو سنوي مركب يبلغ 6.7%، ليصل إلى 41.1 مليار دولار (150.8 مليار درهم) بحلول عام 2029، بحسب تقرير لـ «ألبن كابيتال» الشرق الأوسط، شركة الاستشارات الاستثمارية والمصرفية المدرجة في مركز دبي المالي العالمي.
ويضيف التقرير أن إطلاق لوائح التأمين الصحي الإلزامي الجديدة، التي تغطي جميع إمارات الدولة، وازدهار صناعة السياحة العلاجية، وارتفاع معدل الشيخوخة بين السكان، كلها عوامل تؤدي إلى زيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية في الدولة. وفي نفس الوقت، من المتوقع أن ينمو الانفاق الحالي على هذه الرعاية في الإمارات كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي في البلاد من 5.5 %، عام 2024، إلى 5.8%، عام 2029.
ووفقاً للتقرير، فقد أدى عبء الأمراض المتزايد في البلاد، والذي يشير إلى ارتفاع معدل انتشار الأمراض القلبية الوعائية والمزمنة، بسبب العادات الغذائية السيئة، إلى زيادة الطلب على خدمات الرعاية الممتدة والمستمرة. وبناءً على ذلك، من المتوقع أن يرتفع الطلب على أسرّة المستشفيات في دولة الإمارات إلى 21،767 سريرا، بحلول عام 2029، وهو ما يمثل طلباً إضافياً على 761 سريراً جديداً، خلال الأعوام 2024 إلى 2029.
وتسرع الحكومة الإماراتية وتيرة الخصخصة، ولدى دولة الإمارات حوالي 700 مشروع رعاية صحية قيد التطوير باستثمارات إجمالية قدرها 60.9 مليار دولار، ويجري حالياً بناء العديد من المستشفيات متعددة التخصصات في جميع أنحاء البلاد، من جانب القطاع الخاص ومن خلال مبادرات الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ومن أبرز المشاريع المقبلة ضمن قطاع الرعاية الصحية في الإمارات، مستشفى حمدان بن راشد للسرطان (250 سريراً)، ومستشفى لاندمارك التخصصي - مدينة خليفة أ (100 سرير)، ومدينة الشيخ سخبوط الطبية، ومستشفى الجهاز الهضمي - مدينة دبي الطبية، ومستشفى أسان - الإمارات العربية المتحدة لأمراض الجهاز الهضمي - مدينة دبي الطبية (المرحلة 2)، وغيرها من المشاريع الأخرى.
وأطلقت «ألبن كابيتال» أحدث تقاريرها عن قطاع الرعاية الصحية في دولة الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، وجرى إطلاق التقرير، خلال ندوة عبر الانترنت، تلاها حلقة نقاشية شارك فيها د. رازا صديقي، الرئيس التنفيذي لــ «مجموعة الرعاية الصحية العربية» والمدير التنفيذي لــ «مستشفى رأس الخيمة»، والدكتور «مهيمن عبد الغني»، الرئيس التنفيذي لــ «مستشفى فقيه الجامعي»، و«أوليفيير تريكو»، المدير الإداري لشركة «ألبن كابيتال». وتولى «حميد نور محمد»، المدير الإداري لــ «ألبن كابيتال»، إدارة الحلقة النقاشية.
وقالت سمينا أحمد، العضو المنتدب لــ «ألبن كابيتال»: «يستعد قطاع الرعاية الصحي في دول مجلس التعاون الخليجي لنمو قوي مدفوعاً بعوامل الاقتصاد الكلي وتنامي عدد السكان وارتفاع معدل الشيخوخة والتوسع في تطبيق سياسة التأمين الصحي الإلزامي. وستواصل استراتيجيات التنويع الاقتصادي التي تقودها الحكومات وخطط التنمية الوطنية التي تنفذها دول المجلس إسهامها في تحسين مستويات البنية التحتية والمنشآت الخاصة بقطاع الرعاية الصحية والارتقاء بها لتتوافق مع المعايير الدولية. وسيشهد القطاع مزيدًا من النمو بدعم من مبادرات الخصخصة والاستثمارات الهائلة في التحول الرقمي والطلب المتنامي على خدمات الرعاية الصحية التخصصية. وعلى صعيد التوقعات المستقبلية، نتوقع أن يتيح القطاع فرصًا مبتكرة للمستثمرين والمشغلين لتوسيع نطاق حضورهم وتقديم خدمات رعاية صحية متطورة وعالية الجودة».
وقال أوليفيير تريكو، العضو المنتدب لــ «ألبن كابيتال»: «يشهد قطاع الرعاية الصحية تحولًا هائلًا مدفوعاً بالطلب المتنامي على المراكز الطبية المتخصصة وانتعاش السياحة العلاجية. واستجابةً لهذا التحول، تستثمر الشركات الخاصة بكثافة في توسيع نطاق خدمات الرعاية الصحية وتلبية احتياجات الخليط السكاني المتنوع. وتشمل الاتجاهات الرئيسية التي تسهم في تشكيل ملامح القطاع في التبني المتسارع للذكاء الاصطناعي والرقمنة، والتي تحسن مستويات التشخيص ورعاية المرضى والكفاءة التشغيلية. وعلاوة على ذلك، ثمة زيادة بارزة في العيادات التخصصية للتصدي للحالات الطبية المعقدة ولتلبية الاحتياجات المحددة لدى السكان ذوي التركيبة الديموغرافية المتنوعة. وللاحتفاظ بتنافسيتها، تطور مؤسسات الرعاية الصحية خطط استراتيجية من شأنها تحقيق الاستفادة القصوى من التكنولوجيا والخدمات متعددة الاختصاصات. ومن المتوقع أن يحفز هذا التحول المستمر مشهد صفقات الدمج والاستحواذ الديناميكي، في ظل سعي المشغلين إلى التوسع والابتكار وتلبية متطلبات الرعاية الصحية المتزايدة في المنطقة».
قيمة الإنفاق
وبحسب توقعات «ألبن كابيتال»، فمن المتوقع أن ترتفع قيمة الإنفاق الجاري على الرعاية الصحية في دول مجلس التعاون الخليجي من حوالي 109,1 مليار دولار في عام 2024 إلى 159 مليار دولار في عام 2029، بمعدل نمو سنوي إجمالي مركب يبلغ 7.8%. وثمة عوامل من شأنها أن تتضافر وتؤدي مجتمعة إلى تحفيز هذا النمو في الإنفاق على القطاع، ومنها: القاعدة السكانية المتسعة في دول المجلس وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض غير السارية وارتفاع كلفة العلاج والتضخم الطبي، علاوة على الانتشار المتزايد للتأمين الصحي.
ومن المتوقع ارتفاع نسبة الإنفاق الجاري على الرعاية الصحية إلى الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي من 5.0 % في 2024 إلى 5.7% في 2029.
ويتفاوت النمو على نطاق واسع بين دول المجلس، وهو ما يعزى بشكل كبير إلى التوقعات السكانية الخاصة بكل دولة والظروف الاقتصادية وكلفة الرعاية الصحية، ضمن عوامل أخرى. ومن المرجح أن تشهد السعودية معدل النمو الأعلى، بنسبة 8.8%، بينما من المتوقع أن يسجل قطاع الرعاية الصحية في الإمارات معدل نمو سنوي إجمالي مركب يبلغ 6.7% خلال الفترة التي يغطيها التقرير. وفيما يتعلق بالتصنيفات السوقية، فمن المتوقع أن تبقى كما هي بدون تغيير، إذ ستبقى السعودية والإمارات هما المهيمنتان على الإنفاق الجاري على الرعاية الصحية في دول المجلس، بحصة إجمالية تبلغ 82.6% بحلول عام 2029. ومن المتوقع أن يشهد الإنفاق الجاري على الرعاية الصحية خلال الفترة من 2024 إلى 2029 في كل من قطر والكويت والبحرين وعُمان نموًا سنويًا إجماليًا مركبًا بمعدلات تبلغ 8.3% و6.3% و6.0% و4.0%، على التوالي.
12317 سرير
ويتوقع التقرير أن دول المجلس قد تحتاج إلى 12317 سرير مستشفى جديد خلال الفترة من 2024 إلى 2029. ويعني هذا متوسط نموي سنوي يقدر بنحو 1.9% بدءًا من عام 2024، بحيث تصل السعة السريرية الإجمالية في دول المجلس إلى 140،572 سرير بحلول العام 2029. ومن المتوقع أن يكون القطاع الخاص هو المحرك الرئيسي لهذه الأعداد الإضافية المطلوبة من أسِرَّة المستشفيات، ذلك أن حكومات دول المجلس بدأت في التركيز على الخصخصة لخفض عبء الكلفة والارتقاء بمعايير الرعاية الصحية. ومن المرجح أن تشهد السعودية الطلب الأعلى على أسِرَّة المستشفيات بين دول المجلس، حيث ستحتاج إلى أكثر من 8500 سرير جديد، أي ما يعادل 69،0 % من الأسِرَّة الإضافية الجديدة المطلوبة في دول المجلس خلال الفترة التي يغطيها التقرير.
ويسلط التقرير الضوء على حقيقة مفادها أنه من المتوقع أن يؤدي النمو الاقتصادي، معززًا بتركيز الحكومات على التنوع الاقتصادي، إلى زيادة الاستثمارات في قطاع الرعاية الصحية، وتحديدًا في البنية التحتية وتطوير رأس المال البشري. وثمة اتجاهات رئيسية ديموغرافية تحدد شكل الطلب على القطاع في دول المجلس، ومن أهمها النمو السكاني وارتفاع متوسط العمر المتوقع عند الولادة والتحسنات في خفض معدلات وفيات الأطفال. ومن أبرز الاتجاهات المتوقعة في التقرير ارتفاع نسبة السكان الذين تزيد أعمارهمم عن 50 عامًا إلى اجمالي السكان في دول المجلس، من 12.7% في 2024 إلى 13.8% في 2029، ما يعني مزيدًا من الارتفاع في الطلب على خدمات الرعاية الصحية المتخصصة. وعلاوة على ذلك، من المتوقع أن يؤدي التوسع في تغطية التأمين الصحي والارتفاع في السياحة العلاجية إلى تعزيز التوجه إلى استخدام المستشفيات وخدمات الرعاية الصحية الخاصة.
وبرغم هذه المحركات القوية للنمو، يواجه قطاع الرعاية الصحية في دول المجلس تحديات عديدة، إذ يظل القطاع معتمداً إلى حد هائل على المحترفين الأجانب عبر مختلف التخصصات الطبية. وثمة فجوة تبقى قائمة أيضًا في إمدادات وحدات العناية المتخصصة في قطاع الرعاية الثالثية، وهو ما يساهم في ارتفاع السياحة العلاجية المتوجهة إلى خارج دول المجلس. وعلاوة على ذلك، تواصل كلفة خدمات الرعاية الصحية ارتفاعها نظرًا للانتشار الكبير في الأمراض غير السارية وزيادة الطلب على العلاجات المتطورة والاعتماد على الإمدادات الطبية المستوردة ونقص المراكز العلاجية التخصصية.
واستجابةً لهذه التحديات، تنشط الحكومات في دول المجلس في الترويج للخصخصة من خلال نماذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص لزيادة جودة وكفاءة الرعاية الصحية. وتهدف الاستثمارات الكبيرة في التحول الرقمي إلى دمج التقنيات المبتكرة من أجل تحقيق نتائج أفضل. وثمة اتجاه رئيسي آخر يتمثل في اكتساب الطب الدقيق وعلم الجينوم للرواج بهدف تطوير علاجات ذات أهداف محددة. وبالإضافة إلى ذلك، يؤدي الطلب المتنامِ على العلاجات المتخصصة والمتطورة إلى التعجيل بإنشاء مراكز للتميز ووحدات للرعاية الصحية طويلة الأجل بعد الحالات المَرَضية الحادة وتوفير خدمات الرعاية الصحية بالمنازل.
151 مليار درهم الإنفاق على الرعاية الصحية في الإمارات 2029

151 مليار درهم الإنفاق على الرعاية الصحية في الإمارات 2029
0 تعليق