السعادة المخبّأة خلف الأشياء البسيطة

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عندما كنا صغاراً، كانت الأشياء من حولنا تحمل سحراً خاصاً، وكأننا ندخل عالماً من الدهشة اللامتناهية برغم بساطتها. فالشوكولاتة الجديدة كانت تشكّل مناسبة جديرة بالاحتفال مع أبناء الحي، والآيسكريم الجديد كان كنزاً لا يمكن التفريط فيه. كنا نفرح بما هو بين أيدينا، وكان ذلك هو كل ما نحتاجه لأن تمتلئ قلوبنا بالفرح، وذاكرتنا بالبهجة.

أما الآن، فقد تحولنا إلى وحوش استهلاكية لا تشبع، ولا تعرف حداً لنهمها نحو المزيد! لم تعد الأشياء البسيطة تقنعنا. صارت المقاييس أعلى لأننا نلهث خلف قوائم ومعايير غير حقيقية للسعادة، فمهما أنفقنا وكدّسنا من حاجيات لايزال هناك فرح ناقص، وسعادة معلّقة في مكان ما لا نستطيع الوصول إليها.

يقول الفيلسوف اليوناني إيبيكتيتوس: «السعادة لا تأتي من الأشياء التي نملكها، بل من الطريقة التي ننظر بها إلى الأشياء». ففي الماضي، كانت لدينا القدرة على أن نستشعر الفرح، لأننا لم نكن نطمع أو نفكر في شيء أكثر من اللعب والاستمتاع مع أقراننا. لم تكن الحياة معقّدة، ولم نكن نفكر في أشياء لا نملكها. لم يكن الأمر يتعلّق بالمال أو بالمكانة الاجتماعية، بل باللحظات التي نشعر فيها بالامتلاء الداخلي. أما الآن فعلينا أن نواكب هذا العالم الفارغ الذي أغرقنا في دوامة من المقارنات المستمرة وجعلنا نفقد القدرة على الامتنان والاستمتاع بما هو موجود. وكأن السعادة مرتبطة بمظاهر النجاح المادي والإنجازات الكبرى، وقيمة حساباتنا البنكية. صرنا نعيش تحت وطأة الشقاء والضغط النفسي لأننا لا نتشابه مع من نراهم في حسابات التواصل الاجتماعي المضللة.

ربما علينا أن نتوقف قليلاً ونعيد اكتشاف جمال الأشياء من حولنا، ونستمتع باللحظات البسيطة، التي كانت في الماضي تجعل قلوبنا تطير فرحاً. فالسعادة ليست فيما نملك، بل في قدرتنا على تقدير ما نملك. وشتان بين الأمرين.نحن اليوم، في سعي مستمر للحصول على المزيد، وننسى أن السعادة تكمن في حديث عميق مع صديق، كوب قهوة مثالي، كتاب جيد أو حتى قطعة ملابس دافئة. فالسعادة الحقيقية لا تكمن في تراكم الأشياء أو الأموال، بل في قدرتنا على استشعار النعم والاستمتاع بما هو بسيط.فإذا أردنا الشعور بالسعادة مثلما كنا أطفالاً، يجب أن نتعلم كيف نعيش اللحظة، ونقدّر الأشياء الصغيرة التي هي جوهر حياتنا اليومية. فالسعادة ليست حلماً بعيداً، بل هي أساساً حالة من الرضا الداخلي والقناعة بما قدّره الله لنا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق