لقد كان ومازال التعليم محل اهتمام المجتمع البحريني على مر العصور، فقبل ظهور التعليم النظامي في مملكة البحرين عام 1919 بافتتاح مدرسة الهداية الخليفة في المحرق، لعبت المدارس الأهلية، دوراً كبيراً في تعليم الأجيال، ونشر العلم بين أفراد المجتمع، وقد سُمّيت بالمدارس الأهلية لأنها تقوم على العمل الأهلي بتطوع المعلمين لتعليم الطلبة، والاعتماد على تبرعات وأوقاف الأهالي الخيرية، وقد كانت هذه المدارس تعتمد على جهود الأفراد والتجار وعلماء الدين الذين آمنوا بأهمية التعليم في تنمية المجتمع، وقد كانت المدارس الأهلية في ذلك الوقت تركز على تقديم الدروس في القرآن الكريم واللغة العربية والحساب إلى جانب التركيز على بعض العلوم الدينية والأدبية.
وقد كان معظم هذه المدارس هو عبارة عن حلقات تعليم في منزل المعلم والذي كان يتطوع مجاناً لتعليم الأطفال والكبار القرآن الكريم حتى منحه الناس لقب "المطوع" أي المتطوع للتعليم، وكان بعض المعلمين المتطوعين "المطوع" يقدمون الدروس التعليمية في حلقات تُقدّم في المساجد، ومع ازدهار الوضع الاقتصادي والثقافي في البحرين بدأ بعض التجار يُسهم في دعم التعليم ودعم المعلمين المتطوعين، بوقف مبانٍ على التعليم أو التبرع بها لتكون مدارس موقوفة وقفاً أهلياً، وكانت تلك المدارس أكثر تنظيماً، حيث يقوم المعلمون المتطوعون بالتدريس في هذه المدارس وتنظيم المراحل التعليمية بالمدرسة، وتنويع المواد الدراسية التي تُدرس، كما كانت تُستخدم هذه المدارس كمقر لتجمّع أهل العلم والمعلمين المتطوعين للتباحث في بعض القضايا العلمية في مجال اختصاصهم، والفتوى أحياناً، والتباحث في واقع التعليم آنذاك والمشاكل والتحديات التي تلاقيهم وطرق معالجتها. وقد كانت معظم هذه المدارس هي مبانٍ أوقفها أو تبرع بها التجار والمحسنون لصالح التعليم.
وقد كانت المدارس الأهلية نواة للتعليم النظامي الحديث ساهمت في تمهيد الطريق أمام تأسيس المدارس النظامية لاحقاً، ومن هذه المدارس: مدرسة الشيخ راشد بن عيسى التي تأسست عام 1829، ومدرسة محمد بن حسن آل خاطر والتي تأسست عام 1853، ومدرسة حجي بن أحمد الزياني والتي تأسست عام 1883 ومدرسة سعيدة بنت بشر عام 1887، ومدرسة حسين بن سلمان بن مطر والتي تأسست عام 1911 بالمحرق، ومدرسة علي بن إبراهيم الزياني والتي تأسست كمدرسة أهلية خيرية في عام 1912 أي قبل افتتاح مدارس التعليم النظامي بسبع سنوات، على نفقة المحسن علي بن إبراهيم الزياني وكيل الدولة العثمانية آنذاك، حيث تحمّل نفقة البناء ونفقة كل ما يتعلق بالتدريس، من توفير الاحتياجات اللوجستية للطلبة كتوفير الماء والألواح التي يكتبون عليها وغيرها. وكانت تحتوي على ثمانية فصول دراسية وتتّسع هذه الصفوف لخمسين طالباً وطالبة بإدارة الأستاذ حافظ وهبه، ثم استُخدمت هذه المدرسة كمقر مؤقت لمدرسة الهداية الخليفة وهي أول مدرسة نظامية تأسست عام 1019، كما تأسست على أرض المحرق "مدرسة الفلاح" لصاحبها محمد علي زينل في عام 1931، وبلغ عدد طلابها ما يقرب من خمسين طالباً.
ويمكننا القول إن المدارس الأهلية التي كانت تقوم على التطوع وعلى الوقف الخيري وعلى التبرعات الخيرية من قِبل أفراد المجتمع في البحرين لنشر التعليم قبل تأسيس النظام التعليمي الحكومي، قد مهّدت الطريق لتأسيس النظام التعليمي الحكومي في البحرين.ِ
0 تعليق