كيف تتجلى الهوية العمرانية في يوم التأسيس؟

صحيفة مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
ها نحن اليوم نحتفل بيوم التأسيس السعودي وهو اليوم الذي يرمز إلى تأسيس مملكة ذات أساس متين، وبنيان قويم، وكيان عظيم، رسمت معالمها ثقافة وحضارة وأصول متجذرة عبر التاريخ. هو يوم نستحضر فيه ذاكرة العمران والوطن، والبناء والوفاء، والولاء والانتماء. وهو يوم تتجلى فيه الهوية العمرانية لتشارك في قراءة الماضي في معرض الحاضر لكتابة المستقبل. حروف خطتها سواعد الآباء كُتبت بألوان دماء الأجداد، ومنجزات ناصعة البياض سطرها الأبناء تنقل رسالة للأحفاد ملؤها نسائم سلام، وتباشير خير ووفاء. ها هي المملكة العربية السعودية بلد العطاء، ومملكة الإنسانية، ملهمة الرؤية، وصاحبة العطايا، وبانية الأمجاد.

سعودية رائدة أطلت بمبادرات سلام تحمل في طياتها مستقبلا زاهرا للشعوب، أصبحت مقصدا للجميع بتجارب ريادية ومبادرات تخطت الأفق المحلي لتمتد للعالم أجمع. خاضت رحلة بسطت نفوذها خارج الحدود، وفتحت نافذة سلام استشرفت المستقبل للشعوب، وتمخضت عنها أفكار طموحة عانقت عنان السماء. مبادرات في مجال البحث والابتكار، والبيئة والطاقة النظيفة، والحفاظ على الحياة الفطرية وبناء المدن الذكية.

إنها الهوية السعودية أراها وقد لاحت في الأفق شكلتها مبادئ تسارع نحو رسم صورة ذهنية حول الوطن وتجليات الممارسة الاجتماعية والثقافة الأصيلة والقيم النبيلة.

تطل الهوية السعودية بركائز هامة نستحضرها عادة في يوم التأسيس، تبني تفردا يحكي قصة المدينة السعودية وأصالتها. ولكن الهوية العمرانية ليست وليدة اليوم ولا حديث الأمس؛ بل هي فكر ونموذج وتجربة سعودية في بناء المجتمعات من الصحراء إلى الفضاء. بناء لم يكن عفويا أو عشوائيا؛ بل هو بناء أكد على تخطيط قادر على الصمود في وجه التحديات البيئية والظروف القاسية ومجتمع تشكلت ملامحه بطبيعة الأرض الطاهرة.

إن بناء الهوية السعودية يؤكد على ترسيخ القيم النسبية للمدن السعودية، بما في ذلك ثقافة المجتمع والعادات والتقاليد، والبيئة الطبيعية، والخصائص المكانية وتأثير ذلك على رسم الإطار الذهني للعمران السعودي. المجتمع قادر على لعب دور محوري في تشكيل الهوية العمرانية تؤكدها الممارسات الحياتية والمشاركة المجتمعية التي تزيد من قابلية الشعور بالانتماء للمكان والتواصل مع الفراغ.

إن تكريس المفهوم الشمولي للهوية السعودية يقتضي بناء تصور وأنموذج فكري لا يقتصر على الرموز التراثية واللغة العمرانية البصرية فحسب؛ ولكن يستلهم الماضي ونتائج الحاضر لاستشراف المستقبل. ولا يستلزم ذلك أن تعمل الهوية العمرانية السعودية على صهر الثقافات المحلية ضمن ثقافة عمرانية سعودية؛ بل أن تكون قادرة على استيعابها لترسيخ القيم الكامنة التي تعكس الهوية المتفردة لكل مدينة. ومع ذلك يظل الصراع محموما على أشده بين العمران المستورد والهوية المحلية، لا سيما مع تسارع خطى البناء والتطوير في عصر التحولات الاقتصادية العالمية.

إن الجهود الحثيثة في سياق الحفاظ على الهوية العمرانية السعودية تؤكد على استيعاب المتغيرات الحديثة ومعطيات المستقبل جنبا إلى جنب، مع التمسك بالأصالة والمفردات الاجتماعية والثقافية بما في ذلك الحفاظ على القيم الأصيلة للمجتمع السعودي، واللغة العربية، واللهجات المحلية، والملابس التقليدية والعادات الإيجابية.

يوم التأسيس هو ليس سردا لحكايات الأمس أو روايات قصصية أو احتفالات عابرة؛ بل هو يوم تكتب فيه الهوية السعودية بحروف الماضي والحاضر والمستقبل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق