
السبيل-
على مدى 470 يوماً من العدوان الإسرائيلي على القطاع الذي بدأ في 7 من تشرين الأول/أكتوبر 2023، واستمر حتى 19 من كانون ثاني/يناير 2025، تعرضت المنظومة الصحية في وسط القطاع وجنوبه لضغوط هائلة نتيجة الارتفاع الكبير في أعداد الشهداء والجرحى، حيث عملت المشافي بأضعاف قدرتها الاستيعابية لمواجهة الأزمة.
وتشكل مناطق الوسط والجنوب مأوى لأكثر من 70 بالمئة من سكان القطاع، ومعظمهم من النازحين الذين بلغ عددهم حوالي مليون ونصف المليون، مما شكل ضغطاً هائلاً على الطواقم الطبية التي واجهت صعوبات في نقل الشهداء والجرحى من مناطق القصف لعدم كفاية السعة الاستيعابية بالمستشفيات.
وتضم المناطق المتضررة مناطق وسط المخيمات (النصيرات، البريج، الزوايدة، المغازي، المغراقة، الزهراء) ومدينة “دير البلح”، بالإضافة إلى مدينتي “خانيونس” ورفح في الجنوب، حيث تعمل المستشفيات العامة مثل “مجمع ناصر الطبي” و”غزة الأوروبي” و”مدينة الأمل” و”شهداء الأقصى” و”أبو يوسف النجار” و”المستشفى الجزائري” و”العودة”، إضافة إلى المستشفيات الخاصة مثل “الصداقة التركي لمرضى السرطان” و”دار السلام” و”مستشفيا الخير والهلال الإماراتي للولادة” و”الكويتي” و”يافا”.
وتبلغ السعة السريرية لـ “مجمع ناصر الطبي” الواقع في مدينة خان يونس، والذي يعد ثاني أكبر مركز طبي في القطاع بعد “مستشفى الشفاء”، 279 سريراً ويضم مبانٍ تخصصية تشمل مركز غسيل الكلى ومبنى الجراحات والعيادات الخارجية وأقسام الباطنة والولادة والنساء.
ومنذ اليوم الأول للعدوان، قصفت طائرات مسيرة إسرائيلية عدة مركبات إسعاف؛ مما أدى إلى تضرر المولدات الكهربائية الرئيسية نتيجة تطاير الشظايا. وتعرض المجمع لحصار وتطويق إسرائيلي استمر 40 يوماً (من 15 من كانون ثاني/يناير وحتى 25 من شباط/فبراير 2024)، حيث اقتحمت قوات الاحتلال المجمع باستخدام عشرات الآليات العسكرية، وحاصرته من الاتجاهات جميعها، رغم وُجود أكثر من 150 موظفاً و750 مريضاً وجريحاً، إضافة إلى 18 ألف نازح.
وخلال فترة الاجتياح، هدم الاحتلال السورين الشمالي والجنوبي للمستشفى، وجرفت ساحاتهما وحولها إلى ثكنات عسكرية، كما حُوِّل قسم الولادة إلى غرف تحقيق، وتضررت مخازن الأجهزة والمعدات الطبية نتيجة حريق القصف الجوي إلى جانب تضرر أنابيب ضخ الأكسجين وتدمير عشرات مركبات الإسعاف.
وقد أقامت إدارة المجمع مقبرتين جماعيتين لاستيعاب رفات 390 شهيداً، وسُخّرت الكلاب لإرهاب النازحين والمرضى، فيما اعتُقل آلاف النازحين منهم 70 من الكادر الطبي، ولا يزال مصير 200 معتقل مجهول.
ويقع “غزة الأوروبي” شرق محافظة خانيونس، ويضم أقساماً متخصصة في جراحة القلب المفتوح والأعصاب والعناية المركزة والرنين المغناطيسي وتفتيت حصى الكلى والتصوير المقطعي، حيث تبلغ سعته 308 أسرة منها 150 مخصصة للعناية المركزة والمتوسطة.
وقد تضررت أجزاء منه في 17 من تشرين الأول/أكتوبر 2023 إثر سقوط قذائف مدفعية أصابت مدخله والأقسام الداخلية، واستمر تقديم خدمات الإسعاف والطوارئ حتى خروجه عن الخدمة في تموز/يوليو 2024 بعد عملية عسكرية نفذها الاحتلال في منطقة الفخاري استمرت خمسين يوماً.
أما مستشفى “شهداء الأقصى” الواقع في مدينة دير البلح بوسط القطاع والذي يضم 274 سريراً، فيخدم حوالي 250 ألف نسمة من أهالي المنطقة، بالإضافة إلى مليون نازح لجأ إليه من مناطق شمال وجنوب القطاع، فقد تعرض لأحداث مروعة؛ ففي 10 من كانون أول/ديسمبر 2023 استهدف الاحتلال محيط المستشفى باستخدام الأحزمة النارية؛ مما أسفر عن تضرر عدة أقسام واستشهاد وإصابة المئات من النازحين.
وفي كانون ثاني/يناير 2024 عاد الاحتلال لقصف المستشفى؛ مما أدى إلى تضرر بالغ لقسم الاستقبال والطوارئ مع تجاوز عدد الشهداء 40، من بينهم الصحفي أحمد بدير، مما تسبب في توقف عمله لمدة شهر كامل. وفي تموز/يوليو 2024 استهدف الاحتلال وحدة طبية ميدانية تابعة للمستشفى أسفرت عن استشهاد 30 فلسطينياً وإصابة 100 آخر، وفي آب/أغسطس 2024 صدر أمر بإخلاء المستشفى؛ مما أجبر مئات المرضى والجرحى وعشرات آلاف النازحين على مغادرته، كما استخدم طيران الاحتلال قنابل حارقة لاستهداف النازحين في محيطه في 14 من تشرين الأول/أكتوبر 2024، ما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات بحروق خطيرة.
ويقع مستشفى “أبو يوسف النجار” في حي الجنينة بمدينة رفح، وهو المستشفى الوحيد في المدينة وأصغر المستشفيات الحكومية في القطاع، حيث يخدم أكثر من 200 ألف نسمة، ويضم 109 أسرّة.
وخلال فترة العدوان، صنف الاحتلال مدينة رفح ضمن المناطق الآمنة، على الرغم من استقبالها لأكثر من 1.2 مليون نازح بين تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى أيار/مايو 2024، مما اضطر المستشفى للعمل بستة أضعاف طاقته الاستيعابية، وأسفر الضغط الشديد عن انتشار حالات الإسهال والإنفلونزا والأمراض المعوية والجدري والأمراض الجلدية والتهاب الكبد الوبائي وشلل الأطفال، إذ كان يستقبل حوالي 1500 حالة يومياً.
وفي أيار/مايو 2024 خرج المستشفى عن الخدمة بعد اجتياح الاحتلال لكامل مدينة رفح، ولاحقاً فجره باستخدام روبوتات مفخخة، ولا تزال قوات الاحتلال متمركزة في عدة نقاط داخل المدينة؛ مما يعوق إنشاء مرافق طبية جديدة.
أما “المستشفى الجزائري” الذي يقع في بلدة عبسان شرق محافظة خانيونس، ويضم 45 سريراً لخدمة بلدات شرق المحافظة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 100 ألف نسمة، وقد خرج عن الخدمة بعد أن دُمرت أراضيه من قبل طائرات الاحتلال في 19 من شباط/فبراير 2024.
وأخيراً، يقع مستشفى “مدينة الأمل” في وسط محافظة خانيونس بسعة 110 أسرّة وهو أحد المؤسسات الطبية التابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، وقد خرج عن الخدمة بين كانون ثاني/يناير وحتى نيسان/أبريل 2024 بعد حصاره من قبل جيش الاحتلال، حيث تم اعتقال 90 من الكوادر الطبية واستيلاء الاحتلال على عشرات مركبات الإسعاف، وتضررت أقسامه الرئيسية نتيجة القصف المدفعي الذي أثر في أجزاء واسعة منه.
0 تعليق