
السبيل – خاص
في مشهد لافت؛ أظهرت لقطات مصورة أحد الأسرى الإسرائيليين وهو يقبّل رأس مقاتلي “كتائب القسام” أثناء تسليمه إلى الصليب الأحمر في النصيرات وسط قطاع غزة.
جاء ذلك ضمن عملية تبادل جديدة أعلنت عنها المقاومة الفلسطينية، حيث سلمت “كتائب القسام” عدة أسرى إسرائيليين مقابل الإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال.
وقد أثار تصرف الأسير الإسرائيلي جدلاً واسعاً، إذ اعتبره كثيرون مؤشراً على المعاملة الأخلاقية التي تلقاها الأسرى داخل سجون المقاومة، على عكس الانتهاكات التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال.
تحليل دلالات المشهد
لم يكن مشهد تقبيل الأسير الإسرائيلي لرأس مقاتلي القسام مجرد تصرف عفوي، بل يحمل في طياته دلالات أعمق تتجاوز اللحظة نفسها. فما هي أبرز الأبعاد التي يمكن استنتاجها من هذا المشهد، وما قد يعنيه في سياق المعركة القائمة بين المقاومة والاحتلال؟
1- الانتصار الأخلاقي للمقاومة
يعكس تصرف الأسير الإسرائيلي حجم الفارق بين تعامل المقاومة الفلسطينية مع الأسرى وتعامل الاحتلال مع المعتقلين الفلسطينيين. فبينما يتعرض الأسرى الفلسطينيون للتعذيب والإهانة، ظهر الأسير الإسرائيلي ممتناً لمن كان يحتجزه، في صورة تعكس التزام المقاومة بالمعايير الأخلاقية حتى في أحلك الظروف.
2- انهيار الصورة الذهنية عن “العدو”
هذا المشهد يُظهر أن الدعاية الصهيونية التي تزرع في عقول جنودها صورة سلبية عن الفلسطينيين تنهار عندما يواجه الجنود الواقع. فالأسير الذي كان يعتبر المقاومة “إرهابية” وجد نفسه يتلقى معاملة إنسانية، ما قد يغير نظرته للصراع بأكمله.
3- كسر هيبة “الجيش الذي لا يُقهر”
لطالما زعمت “إسرائيل” أن جيشها “لا يُهزم”، لكن مشهد الأسير وهو في موقف الخاضع لمن كانوا “أعداءه” يكشف زيف هذه الصورة. فبدلاً من التحدي أو العداء، أظهر الأسير سلوكاً أشبه بالامتنان، وهو ما يعكس مدى قوة موقف المقاومة في هذه المعركة.
4- رسالة للعالم عن معركة القيم
هذا المشهد يبرز الفرق بين الاحتلال الذي يمارس القتل والتنكيل، والمقاومة التي تلتزم بالقيم حتى مع أسرى العدو. إنها رسالة واضحة بأن هذه المعركة ليست فقط بالسلاح، بل أيضاً بالمعايير الأخلاقية التي تفضح ممارسات الاحتلال أمام المجتمع الدولي.
5- أثره على المجتمع الإسرائيلي
داخل “إسرائيل” قد يثير هذا المشهد أسئلة محرجة عن حقيقة ما يروج له الجيش حول المقاومة. فعندما يرى الإسرائيليون أحد أسرى جيشهم يُظهر هذا السلوك؛ قد يدفعهم ذلك لإعادة التفكير في طبيعة الصراع، وربما التشكيك في الخطاب الرسمي لحكومتهم.
ختاماً.. لم يكن هذا المشهد مجرد لقطة عابرة، بل هو تجسيد لمعركة الوعي التي تخوضها المقاومة. ففي الوقت الذي يسعى فيه الاحتلال لشيطنة الفلسطينيين، يأتي هذا المشهد ليقدم دليلاً حياً على أن المعركة ليست فقط في الميدان، بل أيضاً في القيم والمبادئ التي تجعل العدو نفسه يعترف بأخلاقيات المقاومة، ولو بحركة بسيطة مثل تقبيل الرأس.
0 تعليق