مين الغلطان؟

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في عالم تتسارع فيه التقنية لتسهيل حياة البشر، لم يكن غريباً أن نشهد تحوّلَ كثيرٍ من الإجراءات الحكومية إلى المنصات الرقمية، ومن بينها تسجيل الحوادث المرورية عبر التطبيقات الذكية، دون الحاجة لتَكلُّف عناء الذهاب إلى المراكز المرورية أو ذهاب رجال المرور إلى موقع الحادث.

وانطلاقاً من الحرص على توفير أفضل الخدمات المرورية في مملكة البحرين، أطلقت الإدارة العامة للمرور ومنذ فترة ليست بالقصيرة نظاماً يُتيح للسائقين تسجيل الحوادث بأنفسهم عبر تطبيق مخصص، وهي خطوة جيدة تُمثّل نقلة نوعية نحو تسريع الإجراءات وتخفيف العبء عن الجهات المختصة.

ولكن، ماذا لو أخطأ السائق في تقدير الموقف؟ أو اعترف بالخطأ تحت الضغط النفسي والارتباك؟

هذا السؤال ليس افتراضياً أو من محض الخيال؛ حيث تعرّضت إحدى صديقاتي لحادث مروري، ونظراً لمحدودية خبرتها في السياقة وقوانين المرور على الشارع، خصوصاً فيما يتعلق بالحوادث، حيث اعترفت بأنها المتسبّبة في الحادث، وبعد حديثها مع زوجها وشرحها كل التفاصيل، تبيّن أنها ليست مخطئة.

وهنا تكمن الإشكالية؛ حيث تبيّن أن البيانات المُدخلة في التطبيق من قِبل السائق تعتمد رسمياً عند تسجيل الحادث، حتى وإن كان الاعتراف بالخطأ نابعاً من جهل بالقانون أو بسبب الارتباك الذي قد يعقب التصادم.

والسؤال الذي يطرح نفسه؛ هل تقوم الإدارة بمراجعة هذه البيانات والتأكد من صحة تفاصيل الحادث قبل اتخاذ القرار النهائي، خصوصاً في الحوادث المعقّدة والكبيرة؟

لاشك أن التكنولوجيا سلاح ذو حدين، فهي قادرة على تسريع الإجراءات ولكنها في الوقت ذاته قد تترك مجالاً للأخطاء البشرية التي يمكن أن تؤثر على نتائج التحقيق، فهل من المنطق أن يترك تحديد المخطئ بالكامل في يد السائق الذي قد يكون في حالة صدمة أو غير مدرك للقوانين؟ أم أن هناك ضرورة لإجراء تدقيق لاحق من قِبل الجهات المختصّة لضمان تحقيق العدالة؟

في بعض الدول، يتم استخدام التكنولوجيا ليس فقط كوسيلة إبلاغ، بل كأداة تحليل ومساعدة في التحقيق. حيث يتمّ الرجوع إلى الكاميرات المرورية، وأجهزة الاستشعار، وحتى تقارير الجهات المختصّة للتأكد من حيثيات الحادث، فهل يتم تطبيق آلية مماثلة لدينا؟

إن الهدف من أي نظام رقمي هو التيسير، لكن دون المساس بالحقوق والعدالة، وإذا كان التطبيق الحالي يحقق السرعة فلابد من إعادة النظر في آلية اعتماده، وإدخال تعديلات تضمن مراجعة دقيقة للحوادث، خصوصاً تلك التي تتّسم بالتعقيد، فالموضوع لا يتعلّق فقط بتسجيل حادث؛ بل بمسار تحقيق قد يُحدّد مصير حقوق الأطراف المعنية.

وأخيراً؛ فإن مثل هذه الملاحظات قد تساعد في تحسين الخدمات المُقدّمة، إلى جانب ما تقوم به الإدارة العامة للمرور من جهود على مدار الساعة لضمان وضبط الحالة المرورية، من خلال تنظيم السير، والتعامل الفوري مع الحوادث، وتقديم التوعية المستمرة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق