هل للإمام المسافر أن يصلي بالناس ثلاث ركعات الوتر بعد التراويح؟
نعم، له ذلك، لا مانع، بل قد يكون من الأفضل إذا صلى التراويح أن يصلي بهم الوتر ثلاثًا، والله تعالى أعلم.
إذا أخطأ الإمام في نطق حرف أو كلمة في تلاوته، ودفعتني نفسي إلى تصحيحها عن طريق تحريك شفتي بالصواب، هل هذا يؤثر على صلاتي؟
لا، لا يؤثر على صلاته، بل الأصل أنه ليس له أن يتابع الإمام إذا أخطأ الإمام في نطق حرف، سواء في إعطائه حقوقه، أو في إخراجه من مخرجه الصحيح، أو في الإتيان به بصفاته، فإن لم يتيسر للإمام ذلك، فهذا لا يعني أن يقلده المأمومون، بل على المأموم أن يأتي به صحيحًا من مخرجه الصحيح، وبصفاته التي يعرفها، دون أن يرفع صوته بذلك، بقدر ما يسمع نفسه، وهذا لا حرج فيه إن شاء الله تعالى.
ما الحكم من التكرار في قوله تعالى: «وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقًا لما بين يديه من التوراة» ثم في نفس الآية «مصدقًا لما بين يديه من التوراة»؟
في الآية الكريمة، لنقرأها: «وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ» إذن، «مصدقًا لما بين يديه من التوراة» الأولى جاءت لبيان حال عيسى عليه السلام.
أما الثانية، فإنها جاءت بعد قوله تعالى: «وآتيناه الإنجيل فيه نور وهدى ومصدقًا لما بين يديه من التوراة»، فهي وصف للإنجيل، فالأولى وصف لعيسى عليه السلام، والثانية وصف لما أوتي إياه، وهو الإنجيل، فليس هناك تكرار في الآية الكريمة، وهذا الذي أحفظه، ومما ذكره المفسرون، وهو المناسب لسياق الآية الكريمة.
وحين تُقرأ الآية كلها، يتبين أن الوصف الثاني «ومصدقًا لما بين يديه من التوراة» إنما هو للإنجيل الذي أوحي به إلى سيدنا عيسى عليه السلام، وأما الوصف الأول «مصدقًا لما بين يديه من التوراة» بعد قوله «وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم»، فهو وصف لما كان عليه عيسى عليه السلام، والله تعالى أعلم.
في قوله تعالى: «الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»، هل يمكن أن نفهم من لفظ «أجدر» أن الأعراب لابد أن يبقوا على جهلهم بحدود الله تعالى لسوء طباعهم؟
لا، ليس كذلك، «أجدر» تعني كما فهم العلماء: أحق وأولى، وذلك بالنسبة لمن تقدم ذكرهم من المنافقين من أهل المدينة، ثم انتقل السياق إلى بيان حال الأعراب الذين يسكنون البوادي بعيدًا عن الحاضرة، فقال: «الأعراب أشد كفرًا ونفاقًا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله»
فهذه حكاية حال، وذلك لأسباب ترجع إلى طبيعة معيشتهم في البادية، بعيدًا عن الحواضر، وهذه الحياة أورثتهم جفاءً وغلظة، وأبعدتهم عن معايشة الوحي الذي كان يتلقاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي حكاية حال لبيان وصفهم، وأن كونهم أبعد عن التعرف على أحكام الدين وما يتنزل من وحي الله تبارك وتعالى إنما يرجع إلى كونهم أعرابًا بعيدين عن الحواضر، بعيدين عن المدينة، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والآية الكريمة تشير إلى أن الأصل أن يتعلم هؤلاء الأعراب، وأن يقصدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن بعده عليه الصلاة والسلام، أن يتجهوا إلى الحواضر لتلقي العلم والتعرف على الأحكام الشرعية وتلقي القرآن الكريم.
فالآية تشير إلى هذا المعنى، وليس إلى أنهم سيبقون على جهلهم، وإنما إلى حالهم وقت نزول الآية بسبب بعدهم عن مركز الوحي والتعليم، كما أن بعض الناس دائمًا ما يستشهد بهذه الآية الكريمة وكأن هذا الوصف ملازم للأعراب، وهذا غير صحيح، فإن الله تبارك وتعالى بعد هذه الآية الكريمة قال: «ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول»، فأشاد بصنف من الأعراب، واستثناهم مما ذكره سابقًا، وامتدحهم بصدق إيمانهم وبذلهم في سبيل الله تبارك وتعالى.
فلا يصح التعميم بإطلاق هذا الوصف على جميع الأعراب، فهذا غير صحيح، وهذا يشبه ما يفعله البعض من استخدام بعض الآيات أو الأحاديث في غير سياقها، مثل قولهم للنساء: «إن كيدكن عظيم»، في حين أن هذا الوصف جاء خاصًا بنسوة يوسف عليه السلام وما دبّرن له، وليس عامًا لكل النساء، وكذلك قولهم: «ناقصات عقل ودين»، فقد بيّنته سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ليس عامًا في جميع الأحوال، بل في بعض التكاليف الشرعية التي تقابلها مسؤوليات أخرى نيطت بالمرأة أيضًا.
فاستخدام بعض الأدلة الشرعية في غير سياقها، بقصد التندر أو السخرية أو التنقص، فيه خطورة ينبغي للمسلم أن يترفع عنها، والله تعالى المستعان.
كنت مسافرًا ودخلت مسجدًا لأداء صلاة العشاء، فوجدت الجماعة الراتبة على وشك الإقامة، فهل يجب عليَّ أن أدخل معهم من باب «إذا أقيمت المكتوبة فلا صلاة إلا المكتوبة»؟ أم يصح لي أن أصلي المغرب ثم ألتحق بالجماعة بعد انتهائي من صلاة المغرب؟
يعني هو في أول سؤاله قال: على وشك إقامة الصلاة، فطالما أنهم لم يشرعوا بعد في أداء صلاة الجماعة، فليأخذ مكانًا من المسجد، حبذا أن يكون في صرحة المسجد، أو أن يكون بعيدًا، ويشرع في صلاته، ثم بعد ذلك يستدرك معهم، وهذا الأمر هو الأولى في حقه، لأنهم لم يبدؤوا بعد في الصلاة، فهكذا ورد في سؤاله أنهم لم يشرعوا، أو على وشك أن تقام الجماعة، فليدخل، عسى أن ينتظروه هم، أو أن يؤخرهم.
الحاصل أن الصلاة لم تُقم بعد، فليأخذ ناحية من المسجد، حبذا أن تكون بعيدة حتى لا يشوّشوا عليه، يصلي الأولى، ثم يلتحق معهم، أما لو كانوا قد شرعوا في الصلاة، ففي المسألة خلاف، قيل بهذا القول المتقدم، وهو أن يأخذ ناحية من المسجد فيؤدي صلاته، ثم يستدرك معهم، وقيل بأن عليه أن يدخل معهم، للحديث المذكور في السؤال: «إذا أقيمت المكتوبة فلا صلاة إلا المكتوبة».
وهؤلاء اختلفوا، هل يجعل صلاته معهم نافلة، أم تكون هي الفريضة الحاضرة ثم يقضي بعد ذلك الصلاة التي فاتته، هذان قولان أيضًا.
فالمسألة فيها خلاف، إذا كانت الصلاة قد أقيمت، ودخل هو ولم يصلِّ بعد الصلاة الأولى لأنه مسافر، وكان ينوي الجمع تأخيرًا، ففي المسألة هذه الأقوال: قيل إنه يصلي الفريضة الأولى أولًا، ثم يلتحق معهم للفريضة الثانية، وقيل إنه يلتحق معهم متنفّلًا حتى لا يفوته أجر الجماعة، ثم يأتي بصلاتين، وقيل إنه يصلي معهم الفريضة الحاضرة، ثم يقضي الصلاة الفائتة.
وينبغي للمسلم أن يجتنب الوقوع في مثل هذه الأحوال، فمواعيد الصلاة أصبحت معلومة معروفة منضبطة، ويمكن له أن يختار الوقت المناسب ليؤدي فيه الصلاة دون أن يوقع نفسه في مثل هذا الحرج، والله تعالى أعلم.
0 تعليق