الزواهرة تنسج بفن الكروشيه مفردات فنية تنبض بالحياة

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان- طاقة من الحب والإيمان وإحساس دافئ وعميق ينبض بالإبداع وطموح حدوده السماء، بكل هذه الأحاسيس تمضي بيان الزواهرة (25 عاما) نحو حلمها الذي نسجته بالصبر والمثابرة وفي داخلها قوة خفية تحرضها على أن تكون شغوفة بكل ما تقدمه، هي ولأنها طموحة تحب كل ما تفعله وتؤمن به، لم تقبل إلا أن تستمع لذلك الصوت الداخلي المحفز على الإبداع، فاستحقت أن تكون امرأة ناجحة وملهمة للكثيرات. اضافة اعلان
بيان كامرأة شغوفة لم تفقد البوصلة نحو أحلامها يوما ولم ترض إلا أن تكون استثناء بنجاحات صنعتها من الصفر بجهدها الشخصي، هي تعلمت أن تكتشف ذاتها وتنصت لنداء التجربة حتى لو كانت الوجهة مجرد احتمالات، المهم بالنسبة لها أن تبدأ وتضع خريطة لطريق قد يكون متعبا، لكنه أيضا يستحق. دراستها لتخصص اللغات في الجامعة الأردنية لم يكن نهاية المشوار، كما يعتقد البعض، كما لو أن الأحلام هنا توقفت، بل بداية لحلم جديد قررت أن تعطيه من روحها وتراهن عليه. 
"توليب" هو مشروعها الخاص الذي يحمل اسم طفلتها، وهو طريق آخر اختارته بيان لتسكب فيه وقتها وجهدها ومشاعرها، وهي على ثقة بأن النجاح جزء من رحلتها. بيان كأم وزوجة وموظفة لم تمنعها مسؤولياتها هذه من أن تلحق شغفها في فن الكروشيه وتضفي لمساتها الخاصة على قطع تصنعها بحب، بل نجحت نجاحا لافتا فيه. 
تقول بيان، في حديثها لـ"الغد": "الشغف يجعل من التعب متعة والوقت استثمارا، والنجاح ضرورة وليس خيارا"، لذلك هي تبحث دائما عما يشغل وقتها حتى وإن لم يكن لديها وقت، شعورها المستمر بأن هناك شيئا ما عليها أن تكتشفه فيها يدفعها لأن تجرب أشياء جديدة باحثة عن حياة مختلفة تستطيع من خلالها أن تخلق الفرص بدلا من أن تنتظرها، لذا هي لا تتردد في المحاولة مرة بعد أخرى لأن الدافع في داخلها أقوى من أي تراجع. 
وتلفت إلى أن تعلمها حرفة الكروشيه لم يكن بالصدفة، بل هو نتيجة حس فني تمتلكه ربما من دون أن تشعر، وكانت بداية هذا المشوار قبل ثلاثة أشهر تقريبا، ونتيجة لإحساسها الدائم بأن الحياة يجب أن تبقى ممتلئة، فهي حريصة جدا على استثمار وقتها بكل ما هو مفيد، لافتة إلى أنها لا تجد راحتها في كل ما يتعلق بالتكنولوجيا سواء كان هاتفا أو تلفازا، هي بعيدة تماما عن هذه الأجواء ولا تفضلها نهائيا. 
بيان أحبت فن الكروشيه لكونها تجد فيه سعادتها، إضافة إلى المتعة الكبيرة التي تعيشها مع كل قطعة تصنعها، تقول إنه رغم صعوبة هذا الفن والتعب المرافق له، إلا أن الوقت الذي تقضيه بين الخيوط يمنحها شعورا بالراحة والهدوء، هي مع كل قطعة تنسجها تسافر إلى عوالم مختلفة، مبينة أن متعتها الحقيقية هي عندما تنجز القطعة وتضع فيها بصمتها وشيئا من روحها، فمع كل قطعة تكتمل تبدأ بيان حياة جديدة أكثر شغفا وطموحا. 
وتشير إلى أن الكروشيه ليس حرفة يدوية فقط، بل هو أيضا فن ينبض بالحياة يحمل في كل غرزة طاقة وإبداعا وحبا، هو ذلك الخيط الذي ينسج الأحلام بين أنامل عشاقه فتتحول العقد المتشابكة إلى قطع فنية تحمل لمسة شخصية مميزة.
تقول "لكل خيط ينسج هناك قصة، ولكل غرزة إحساس خاص"، فهي عندما تمسك بإبرة الكروشيه وتبدأ بالعمل تدخل في حالة من التأمل العميق وكأن العالم من حولها يهدأ ليأخذها إلى تلك التفاصيل التي يكون فيها الإبداع بلا حدود.
وتبرز أناقة تلك التصاميم في الحقائب والإكسسوارات والورود والديكورات المنزلية وحتى دمى الأطفال. الألوان المتناسقة والغرز المتنوعة والأشكال المميزة المحبوكة بإتقان، كلها تفتح أبوابا واسعة أمام عشاق هذا الفن ليبتكروا ما يعكس شخصيتهم ويترك بصمتهم الخاصة على القطع. 
"توليب" اسم مشروعها الخاص الذي يحمل اسم طفلتها، يعود سبب تسميتهما بهذا الاسم إلى حبها الكبير لزهرة التوليب، منوهة إلى أن ابنتها هي الحافز الأول لها ومصدر إلهام لتبدع أكثر وتجتهد، لذلك تحاول منذ الصغر أن تربيها على استثمار الوقت والبحث عما يسعدها من الداخل ويغذي روحها وإحساسها. 
أما عن زينة رمضان، فتبين أن بوابتها لتقديم قطع فنية تحمل روحانيات الشهر الكريم كانت منصة "يوتيوب"، إذ فتحت المجال أمامها للتعلم ذاتيا، فتعرفت على كيفية صناعة المجسمات الخاصة برمضان بخيط المكرمية، تقول "لم يكن الموضوع سهلا في البداية لكونه يتطلب تركيزا عاليا ودقة وانتباها، إضافة للصبر الذي ساعدها كثيرا في تخطي الكثير من الصعوبات".
وتلفت إلى أن أقل خطأ قد يؤدي إلى تلف القطعة والعودة إلى نقطة الصفر لتبنيها من جديد، لكن مع الوقت بدأت تتمكن من الحرفة وتفهم أسرارها بل وتتآلف معها روحيا، وهذا ما يجعل بيان تبتكر أفكارا جديدة وتنسيقات غير تقليدية لتكون مميزة بكل ما تصنعه، وأكثر ما يساعدها على النجاح في هذا المجال هو اتسامها بالدقة في كل شيء، إلى جانب الأمانة التي تجعلها تستشعر وجود الله معها في كل خطوة.
وتبين أنها بعد كل قطعة تنجزها تتملكها رغبة بأن تعطي أكثر، لدرجة أنها تشعر أن ما لديها من أفكار عمرها كله لا يكفي لتحقيقها. ومن المجسمات التي نفذتها لاستقبال الشهر الفضيل الفوانيس والمئذنة والهلال بطول يصل إلى 170 سم، والمعلقات الجدارية بشكل النجمة والفانوس ومجموعة من الشمعدانات، وغير ذلك. 
وعن العلاقة التي تجمعها بقطعها، توضح بيان أنها علاقة مغلفة بالدفء والإحساس، إذ إن هناك تفاعلا مباشرا بين اليد والخيط، فرؤية الألوان تمتزج بسماع صوت الإبرة وهي تخترق الخيط كلها تفاصيل ومشاعر تتجاوز تلك الخيوط المتشابكة مع هذه القطع، وتعكس شخصيتها ومشاعرها وحتى ذكرياتها، فهي ليست حرفة فقط بل لغة تتحدث بها عبر الخيوط والألوان تروي قصصا صامتة لا يفهمها إلا من يدرك قيمة الفن المصنوع بحب. 
هذا، وتلفت إلى التحديات التي تواجه هذه الحرفة، بقولها "هناك تحديات كثيرة من بينها قلة التقدير، فهناك من ينظر إلى الكروشيه على أنه هواية منزلية أو حرفة تقليدية وليست مصدرا للدخل، وارتفاع تكلفة المواد الخام، وقلة المنصات التسويقية، وعدم توفر دورات تدريبية كافية، والصورة النمطية التي تلاحق الحرف اليدوية، كاعتقاد البعض بأنها تقتصر فقط على كبار السن".  وتختم حديثها بالقول "الكروشيه هو رحلة من الحب والإبداع ووسيلة للتعبير عن الذات والاستمتاع بلحظات من السعادة الخالصة، إضافة إلى أنه عالم ساحر تتحول فيه الخيوط البسيطة إلى تحف فنية تنبض بالحياة".  
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق