المشاريع المنزلية.. من ملاذ مؤقت إلى مسار مهني ناجح

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان- كثيرا ما يصادف الشخص إعلانات وصفحات تروج لمشاريع منزلية متنوعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تمتد عبر مجالات متعددة، في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة وضغوطات الحياة ومتطلباتها التي لا تنتهي.اضافة اعلان
أصبحت هذه المشاريع خيارا إستراتيجيا للكثيرين ممن أنهكتهم البطالة، أو الذين يسعون لتحقيق استقلال مالي بعيدا عن قيود الوظائف التقليدية.
 وقد شهدت نموا سريعا وتقدما رياديا، وفيها تحد للظروف وابتكار للحلول من داخل المنازل.
يؤكد الخبير الاقتصادي حسام عايش أن السنوات الأخيرة شهدت توجه العديد من الشباب، والنساء، وحتى المتقاعدين نحو تأسيس مشاريع صغيرة من منازلهم، مستفيدين من وسائل التواصل الاجتماعي لتسويق منتجاتهم وخدماتهم بفاعلية.
ويؤكد أن هذه المشاريع كانت متنوعة، منها ما يتعلق بإعداد المخبوزات المنزلية والاكسسوارات، أو تصميم الملابس، أو حتى تقديم الاستشارات عبر الإنترنت، هذه المشاريع ليست مجرد حلول مؤقتة أو لأوقات محددة، بل نماذج عمل قد تكون مستدامة وتدر دخلا على أصحابها ويمكن أن تتوسع لتصبح مشاريع كبيرة.
ويلفت عايش إلى أن هذه المشاريع تتمتع بعدد من المزايا التي جعلتها جذابة بشكل خاص، فإلى جانب تقليل التكاليف التشغيلية مقارنة بالمشاريع التقليدية، فإنها توفر هذه الأعمال حرية تحديد ساعات العمل، وتتيح لصاحب المشروع أن يكون مديرا لنفسه، مما يمنحه شعورا قويا بالاستقلالية والإنجاز الشخصي.
الثلاثينية سارة تروي قصة مشروعها فتقول "بعد فقداني لوظيفتي بسبب جائحة كورونا، قررت أن أبدأ مشروعا منزليا لصنع الشموع الطبيعية، كنت متوترة في البداية، لكن مع مرور الوقت، أصبحت أمتلك قاعدة عملاء واسعة، وأدير عملي من منزلي بأقل التكاليف حتى أني اليوم لدي موقع وطلبات أسبوعية لدول الخليج أيضا".
كانت جائحة كورونا سببا في فقدان أميرة وظيفتها، لكنها لم تستسلم، بل استغلت موهبتها في إعداد الحلويات الشرقية والغربية، وأطلقت مشروعها الخاص من مطبخها.
 بدأت بتسويق منتجاتها عبر منصات التواصل الاجتماعي، معتمدة على صور احترافية وتعليقات عملائها الراضين لتعزيز انتشارها.
وخلال عامين، تمكنت أميرة من تأسيس علامة تجارية معروفة في إربد، وتوسعت لتوفير الطلبات للحفلات والمناسبات، وحتى للمحافظات عبر خدمات التوصيل، مما وفر لها دخلا ثابتا يفوق ما كانت تحصل عليه في وظيفتها السابقة.
أما هيا، خريجة الفنون الجميلة، فقد وجدت نفسها بلا عمل بعد التخرج، وبدلا من انتظار وظيفة تقليدية، قررت استثمار مهاراتها في تصميم الإكسسوارات اليدوية باستخدام الخرز والمواد المعاد تدويرها.
توضح هيا عبدالرحمن أن الطلب على منتجاتها في تزايد مستمر، ما دفعها للتفكير في توظيف مساعدة لتؤمن حجم الطلبيات المتزايد.
 وتبين أن الطلبات تزداد على منتجاتها ما جعلها تفكر بأن تنضم له موظفة تساعدها على إنجاز الطلبيات.
أما مؤمن، وهو شاب موهوب في الكتابة وصناعة المحتوى وتصوير الفيديو، فقد بدأ مشروعه من المنزل بنشر بعض من أعماله، وسرعان ما بدأ بتلقي طلبات للعمل الحر "فري لانس"، حيث قدم خدمات كتابة المقالات وصناعة المحتوى التسويقي للشركات الصغيرة والمتوسطة. استغل منصات العمل الحر مثل Upwork وFiverr لبناء قاعدة عملاء عالمية، ومع مرور الوقت، نجح في توسيع نشاطه.
 واليوم، يدير فريقا صغيرا من الكتاب والمصممين، ويحقق دخلا يفوق رواتب الوظائف التقليدية في مجاله.
تعكس هذه التجارب أن المشاريع المنزلية ليست مجرد حلول مؤقتة، بل يمكن أن تكون نقطة انطلاق لنجاح طويل الأمد، شريطة المثابرة والإبداع.
لكن، وبالرغم من النجاحات التي تحققها هذه المشاريع، يؤكد الخبير الاقتصادي حسام عايش أن التحديات ما تزال قائمة، مثل صعوبة الوصول إلى أسواق أوسع، وضمان الاستمرارية في ظل المنافسة المتزايدة. إلا أن الإصرار على التعلم والتطوير المستمر يبقى العامل الحاسم في تجاوز هذه العقبات.
اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي يؤكد أن المشاريع المنزلية لم تعد مجرد ملاذ من البطالة، بل أصبحت مسارا مهنيا حقيقيا يعكس إبداع الأفراد وقدرتهم على تحويل أفكار بسيطة إلى قصص نجاح ملهمة، في عالم يتغير بسرعة. فالعمل من المنزل لم يعد مجرد خيار ذكي، بل ربما يمثل مستقبل الاقتصاد الجديد، لا سيما مع انتشار نماذج عمل دولية تشترط العمل عن بعد، مع الحضور إلى المكتب مرة أو مرتين في الأسبوع أو الشهر.
ويشير خزاعي إلى أنه في ظل التحديات الاقتصادية المتزايدة، أصبحت المشاريع المنزلية خيارا واقعيا يمنح الأمل للكثيرين، بدلا من الانتظار لسنوات للحصول على وظيفة قد لا تأتي، ما قد يجعلهم يصلون إلى مرحلة عمرية تبتعد عن متطلبات السوق والخبرة المطلوبة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق