كيف يتفاعل الطيارون مع سلسلة حوادث الطيران الأخيرة وقلق الركاب المتزايد؟ - الأول نيوز

cnn 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- حوادث تمّ تفاديها في اللحظات الأخيرة.. وأخرى استدعت هبوطًا اضطراريًا.. لكنّ بعضها كان مأساويًا وأودى بحياة الكثيرين حول العالم في الأسابيع الأخيرة.. فلا عجب أن ثقة الجمهور بالطيران سجّلت تراجعًا.

وأظهر استطلاع رأي أجرته وكالة أسوشيتد برس ومركز نورك لأبحاث الشؤون العامة في فبراير/ شباط، عقب حادثة تحطم طائرة تابعة للخطوط الجوية الأمريكية ومروحية في واشنطن العاصمة، أنّ 64% من البالغين في الولايات المتحدة يعتقدون أن الطيران لا يزال آمنًا، أو آمنًا جدًا. ورغم أن هذه النسبة تُمثل الغالبية، إلا أنها تُسجّل تراجعًا عن استطلاع مماثل أُجري العام 2024، إذ وافقت نسبة 71% من البالغين بأنه آمن. 

أُجري الاستطلاع بعد حادثة تحطم طائرة واشنطن العاصمة، إنما قبل انقلاب طائرة تابعة لشركة دلتا إيرلاينز أثناء هبوط اضطراري في مطار تورنتو بيرسون الدولي في 17 فبراير/ شباط.

بالنسبة للعديد من الركاب، فإنّ حقيقة جلوس الطيارين خلف أبواب قمرة القيادة المغلقة، وتلقي صوتهم عبر نظام الصوت العام (PA)، غير مطمئن.

في المقابل، يبدو أن بعض الطيارين بدأوا يستبقون مخاوف الركاب.

فديفون هول، ممرضة من أتلانتا، صعدت على متن طائرة لشركة دلتا متجهة من لاس فيغاس في 24 فبراير/شباط، عندما أطلّ الطيار ليتحدث إلى ركابه.

قال الكابتن فيل "ريتز" سميث: "من الإقلاع إلى الهبوط، وخلال تلك الساعات الثلاث و24 دقيقة، لا يوجد أحد أهم في حياتي منكم ومن الطاقم. سأبذل قصارى جهدي أولًا، لأوصلكم بسلام إلى أتلانتا؛ وثانيًا، بأسرع وقت ممكن".

ثم شكر جميع الركاب على حجزهم رحلة ذلك اليوم.

أعربت هول عن قلقها حينها بسبب العناوين الرئيسية الأخيرة، مشيرة إلى أنه "من الصعب على المرء ألا يشعر بقلق أكبر تجاه كل ما يتعلق بالطيران".

لكن إعلان سميث "حسّن مزاجي".

ولفتت إلى أنّ "سماع شخص يقول أمرًا عاطفيًا ولطيفًا للغاية في وقت لم يكن مضطرًا فيه لذلك، كان له أبعد الأثر. فقد أسعدني كثيرًا أن أرى أن ذلك يُساعد الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في الطيران، لأنني كنت مترددة أيضًا".

حوادث الطيران
من اليسار: تشمل حوادث التحطم الأخيرة الخطوط الجوية الأذربيجانية بكازاخستان، وخطوط دلتا الجوية بتورنتو، والخطوط الجوية الأمريكية بواشنطن العاصمة، وشركة جيجو الجوية بكوريا الجنوبية. كلها أسفرت عن خسائر بالأرواح باستثناء هبوط دلتا الاضطراري. Credit: Reuters/Getty Images

 مسافرٌ آخر، صحافي، أعرب لطاقم طائرة رحلة الخطوط الجوية البريطانية للعام ٢٠٢٣ المتجهة من مطار هيثرو بلندن إلى ريو دي جانيرو،  عن قلقه بشأن الرحلة التي تستغرق ١٢ ساعة.

نقل طاقم الطائرة مخاوفي إلى القبطان، الذي طمأنني شخصيًا قبل الإقلاع، ثم عاد خلال الرحلة للدردشة، ورسم مخططاتٍ للديناميكا الهوائية شرح لي من خلالها لِمَ لن تتحقّق أسوأ مخاوفي. فساعدني على تخطي مخاوفي تجاه تلك الرحلة، والطيران منذ ذلك الحين.

وأوضحت  آمي ليفرسيدج، الأمينة العامة لاتحاد الطيارين البريطانيين (BALPA)، أنّ أعضاءها لم يغيروا أسلوب حديثهم مع الركاب في الأسابيع الأخيرة.

وقالت: "الطيارون بارعون جدًا بالتحدث بصوت مطَمئِن عبر مكبرات الصوت.. وهو جزءٌ أساسي من دور القبطان بأن يكون ذلك الصوت الموثوق به من قمرة القيادة".

"شعورٌ متزايدٌ بالقلق"

حوادث الطيران

بالنظر إلى خطاب الكابتن سميث المُطمئن، قد يظن المرء أن الطيارين غير مُبالين بسلسلة الحوادث الأخيرة.

في الواقع، يقول باتريك سميث (لا صلة قرابة بينهما)، الذي يُقدم موقعه الإلكتروني "اسأل الطيار" (Ask the Pilot)، نصائحه لجمهور الطيران حول كل ما يتعلّق بالطيران، إنّ القلق الحالي يجب أن يُقابل بـ"رؤية أوضح".

ولفت إلى أنه "حتى مع أخذ الموجة الأخيرة بالاعتبار، فإنّ حوادث الطيران الخطيرة أقل بكثير وأبعد ممّا كانت عليه في السابق. إذا نظرنا إلى فترة ستينيات القرن الماضي وحتى مطلع القرن الـ21، نجد أنّ حوادث تحطم الطائرات الكبرى المتعدّدة كانت هي القاعدة. لكن هذا ببساطة لم يعد صحيحًا الآن. غير أن هذا المنظور قد فُقد خصوصًا لدى الشباب".

بالنسبة لسميث، الطيار منذ العام ١٩٩٠ ويعمل لدى إحدى شركات الطيران الأمريكية الكبرى، "هناك بالتأكيد شعورًا متزايدًا بالقلق في الوقت الحالي". فهو يتلقى رسائل عبر البريد الإلكتروني تعبر عن قلق متزايد لدى الناس حول ما إذا كان السفر آمنًا. 

وعليه تطرّق سميث إلى ما أسماه "عوامل ضغط على النظام"، خصوصًا النقص بالموظفين في مراقبة الحركة الجوية الأمريكية. وسأل: "هل يعني هذا أننا بحاجة إلى توخّي الحذر؟ بالتأكيد. هل يعني هذا أن النظام غير آمن؟ لا. هناك فرق بين أقل أمانًا وغير آمن"، مضيفًا أنّ هذه العوامل المجهدة موجودة منذ فترة طويلة".

"القدر يصرخ فينا لنقوم بأمر ما"

بالنسبة للكابتن دينيس تاجر، المتحدث باسم رابطة الطيارين المتحالفين، التي تضم ١٦ ألف طيار من الخطوط الجوية الأمريكية، فإنّ زملاءهم يدقون ناقوس الخطر منذ فترة.

وأشار تاجر إلى أنه منذ الجائحة، شهدت صناعة الطيران انتعاشًا كبيرًا بعد الإغلاق من "صفر إلى 60"؛ وزاد الطلب على السفر "الانتقامي"؛ إلى إقبال جماعي على التقاعد في جميع أنحاء القطاع، شُجِّع على العديد منها كوسيلة لتوفير المال للشركات أثناء توقف الطائرات عن العمل، مضيفًا أن حالة التعافي كانت "غير مسبوقة".

إذا أضفنا إلى ذلك عدم تحديث التكنولوجيا، والضغط لإعادة تشغيل الطائرات وإنزالها بسرعة، فإننا نواجه مشكلة.

حوادث الطيران
يجلس الطيارون في قمرة القيادة لطائرة مستأجرة في مطار دالاس لوف فيلد في فبراير 2024.Credit: Shelby Tauber/Bloomberg/Getty Images

وأشار تاجر إلى أنه في حال تأخر الطيارون دقيقة واحدة عن مغادرة البوابة، فغالبًا ما يُسألون عن السبب، في حين هم يركزون على الاستعداد للإقلاع، معلّقًا أنّ هذا "وقت مقدس. يجب أن تكون قمرة القيادة معقمة. من لحظة انطلاقك إلى موقف الطيارات عند البوابة، يجب أن تكون بعيدًا عن أي مشتتات".

وأضاف تاجر أن لا سوء نية في الأسئلة، لكن "الضغط التجاري الشديد" في قطاع الطيران يعني أنه عندما يشتت انتباه الناس "يمكن أن يصبح الأمر خطيرًا".

حوادث الطيران
في لقطة الشاشة هذه المأخوذة من مقطع فيديو، تظهر طائرة تابعة لشركة Southwest Airlines وطائرة خاصة في حادث تصادم قريب في مطار ميدواي الدولي بشيكاغو، في 25 فبراير.Credit: from StreamTime Live

ليس فقط من حيث حوادث التحطم الجوية. ففي الشهر الماضي، لقي موظف في الخطوط الجوية الأمريكية حتفه في مطار شارلوت عندما صدمته قاطرة تسحب الطائرات من وإلى البوابات. وفي العام 2022، لقي عامل أمتعة حتفه سحقًا في مطار هيثرو بلندن أثناء تفريغ طائرة تابعة لطيران الإمارات.

وأكد تاجر أنّه "عملٌ جاد، ولا يرحم إن لم تحترم الإجراءات والانضباط".

وبرأي ليفرسيدج فإنّ الإقلاع والهبوط هما "أهمّ جزأين في الطيران"، مضيفة أنّ "هناك قواعد وإجراءات صارمة للغاية من أجل ضمان وجود طيارين قادرين على التركيز الكامل على ما يجري".

وكشف تاجر عن مخاوف أعضاء الرابطة بشأن إدارة الطيران الفيدرالية، التي شهدت تناوبًا بين مسؤوليها التنفيذيين على مدار السنوات القليلة الماضية، والمشاكل المستمرة المتعلقة بالطائرات، مثل انفجار سدادة باب طائرة بوينغ العام الماضي، والكشف في يونيو/ حزيران عن وجود عيب آخر في تصميم طائرة بوينغ ماكس المتعثرة، الذي قد يؤدي إلى امتلاء المقصورة بالدخان أثناء اصطدامها بطائر.

وشدّد تاجر على أن المؤشرات السابقة كافية للتحرك.

إلا أنه يحرص على التأكيد أنه لا ينبغي للركاب أن يخشوا السفر جوًا. ويضيف: "لا بأس من القلق" وأن الطيارين سـ"يساندونك".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق