• هل يمكن أن يبتلي الله تعالى الإنسان بمعصية؟ وما هو المقصود بالابتلاء؟
الابتلاء هو ما يعرض للمكلف من مصاعب ومشاق تحتاج إلى صبر واحتمال للأذى، وتتطلب صبرًا جميلًا، وكظمًا للغيظ، وتوثيق الصلة بالله تبارك وتعالى، لأجل التغلب على هذه الكروب، ومجاوزة المحن، وليثبت الله تبارك وتعالى عبده، أما أن يعرضهم للفتن بالمعاصي والمحرمات، فهذا لم أطلع عليه وهناك أثر يرويه بعضهم مرفوعًا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أن "الأنبياء أشد الناس ابتلاءً، ثم الأمثل فالأمثل"، وفي بعض الروايات أن "الله تعالى يبتلي العباد بقدر إيمانهم"، ولكن هذه الآثار لا تخلو من مقال من حيث أسانيدها.
أما من حيث ما تدل عليه متونها، فنحن نجد أن الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام هم أعظم الناس ابتلاءً، فقد ابتلوا بصنوف من التكذيب، والعداوات، والتنكيل، والتهجير، والاستهزاء، والسخرية، والوصف بأسوأ الأوصاف، والقطيعة ويكفينا أن نأخذ سيرة أبي الأنبياء خليل الرحمن عليه السلام لننظر في أنواع الابتلاءات التي ابتلي بها، وهكذا كان شأن الأنبياء والرسل من بعده إلى نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، حتى إنه لا يكاد يوجد نوع من البلاء الذي مر به الأنبياء والرسل قبله عليه الصلاة والسلام إلا وقد أصيب به هو أيضًا، أو بشيء منه.
فإذا كان هذا حال الأنبياء والرسل، وهم أعظم الناس مكانة عند الله تبارك وتعالى، وأعلاهم منزلة، فكيف بمن سواهم من الناس؟ وما هذا إلا لأجل التمحيص والتطهير ورفع الدرجات، ولأن الله تبارك وتعالى يحب من عباده أن يتقربوا إليه بالذكر والدعاء، وبالاستمساك بعروته الوثقى، فمن شأن المسلم دائمًا، حتى وإن عرضت له فتن من المعاصي والمحرمات، أن يكون ثابتًا على الصراط المستقيم، متوجهًا إلى الله تبارك وتعالى، متذكرًا للآخرة، ساعيًا إليها، مدركًا وموقنًا أن الحياة الدنيا إنما هي فتنة، فهي دار ابتلاء واختبار، قال تعالى: "الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملًا" والله تعالى الموفق.
• هل ورد شيء من الأدعية التي تقال بعد القيام من التراويح؟
لا، هي من عموم الذكر المباح، لا سيما في ليالي رمضان، لأنها ليالٍ يستحب فيها الإكثار من الذكر والصلاة وقراءة القرآن، فهي من الذكر، ولأجل هذا سميت التراويح، لأن المسلمين كانوا يستريحون بين القيام والآخر، فيستريحون ويأخذون شيئًا من الراحة، يذكرون الله تبارك وتعالى ويدعونه، ثم بعد ذلك يواصلون قيامهم.
والأدلة التي تشهد لها هي الأدلة العامة الواردة في عموم استحباب ذكر الله تبارك وتعالى، لا سيما في ليالي شهر رمضان، وعموماً، وفي الليالي العشر على وجه الخصوص، والله تعالى أعلم.
• لماذا عبر الله عز وجل في سورة الإسراء عن فرعون "فَأَرَادَ أَن يَسْتَفِزَّهُمْ مِّنَ ٱلْأَرْضِ فَأَغْرَقْنَٰهُ وَمَن مَّعَهُۥ جَمِيعًا"، بينما في مواضع أخرى قال سبحانه: "وَإِذْ نَجَّيْنَٰكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ؟"
الجواب يبدأ بمعرفة معنى الاستفزاز الوارد في هذه الآية الكريمة وفي مواضع أخرى من كتاب الله عز وجل، الاستفزاز يعني الإخراج باضطرار مع إذلال وإهانة، فلما وصف الله تبارك وتعالى في سورة الإسراء أن فرعون كان حريصًا على أن يستفز المؤمنين، أي يستفز موسى ومن معه من المؤمنين، فإن المقصود من ذلك أنه أراد إخراجهم، أراد طردهم بأن يدفعهم إلى ذلك اضطرارًا، مع إهانتهم وإذلالهم، أي دون الحصول على مبتغاهم.
هذا هو المقصود من هذه الآية، ولا تعارض بين هذا الذي وصف به فرعون هنا، وبين ما كان من شأنه من التنكيل ببني إسرائيل، من تعذيبهم بتقتيل أولادهم، واستحياء نسائهم، بما كان يوقعه عليهم من سوء العذاب، فإن ذلك كان صنيعه بهم قبل مجيء موسى عليه السلام،
ثم أرسل الله تبارك وتعالى عباده موسى إلى فرعون وملئه، ولبني إسرائيل هاديًا إلى الحق، وداعيًا إلى العدل، والإيمان بالله تبارك وتعالى، والتوحيد، فكان من شأنه ما قصه لنا ربنا تبارك وتعالى في كتابه الكريم.
فلا علاقة بين ما كان عليه فرعون من أوصاف ذكرها الله تعالى في كتابه لما كان يذيقه بني إسرائيل من صنوف العذاب، وبين هذا الموضع الذي ذكر فيه الاستفزاز المقصود، من ذلك أن فرعون أراد إهانتهم واستخفافهم لأجل طردهم، بإذلال وإهانة، وذلك أن هذه المفردة، كما قلت، وردت أيضًا في وصف ما كان عليه المشركون مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حيث قال: "وَإِن كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ ٱلْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا"، فهي بمعنى الاستخفاف بالاضطرار مع الإهانة والإذلال وفي الآية الثانية، التعبير عن "آل فرعون"، وليس عن فرعون بنفسه، والمقصود بـ"آل فرعون" هو الرجل ومن معه ممن اشترك معه في أمر جامع بينهم، من قرابته، ومن مالئه من غير قرابته فآل فرعون هم خاصته وأعوانه وجنده وكل من كان معه في العداء للحق ولدعوة موسى عليه السلام، وامرأة فرعون، على سبيل المثال، مع أنها من أهل بيت فرعون، إلا أنها بسبب إيمانها تخرج من هذا الوصف، فالإيمان قطع صلتها بفرعون وآله.
وكذلك قارون كان من قوم موسى، وعند طائفة من المفسرين هو من بني إسرائيل، ولكن يُعد في آل فرعون لكفره ولممالأته لفرعون ولسيره معه في الضلال والغي، وفي التنكيل بعباد الله المؤمنين، هذا هو المقصود والله تعالى أعلم.
• ما حكم الكسب من منصة يوتيوب عبر نشر مقاطع مرئية خالية من أي محظور شرعي أو قانوني، ولكن العائد المالي يأتي من الإعلانات التي قد تتضمن موسيقى أو صورًا لنساء متبرجات، يكون مشروطًا بعدم التحكم في نوعية الإعلانات المعروضة؟
إذا كان صاحب القناة لا يستطيع التحكم في الإعلانات أو اختيار ما يظهر على قناته، فإن التكسب من ذلك المال يكون محرمًا، وذلك لأن الإعلانات قد تتضمن ما يخالف الأحكام الشرعية، مثل الموسيقى أو الصور المخلة، إذا كانت الإعلانات التي تعرض على القناة تتضمن محتوى محرمًا أو يتعارض مع القيم الدينية والأخلاقية، فإنه لا يجوز لصاحب القناة أن يتكسب من ذلك المال وهذا يشمل ما قد يكون من معارضي العقيدة الإسلامية أو ما يرتبط بالانحلال الأخلاقي والفجور إذا كان صاحب القناة لا يستطيع التحكم في محتوى الإعلانات، فهو لا يملك الحق في أن يتكسب من هذه الإعلانات.
إذا كان له تحكم كامل في الإعلانات ويستطيع اختيار ما يعرض على قناته، فإن ذلك يكون جائزًا بشرط أن تكون الإعلانات خالية من المحظورات الشرعية، والله تعالى أعلم.
0 تعليق