لا يمكن أن نتحدث عن التمكين الاقتصادي دون أن يكون لدينا سياسة واضحة تكون فيها القيادات الرئيسية في جميع القطاعات الاقتصادية الرئيسية في الدولة للبحرينيين.
لا يمكننا أن نقول إننا نسير على الخط الصحيح دون أن نضع خارطة للقطاعات نصب أعيننا، ونرى فيها اكتساح اللون الأحمر للون الأزرق.
لا يمكن أن نقول إننا ناجحون إلا بعد استبدال الأزرق بالأحمر أي الأجنبي بالبحريني، فتلك هي واحدة من أهم مؤشرات نجاح خططنا لتمكين أنفسنا من إدارة اقتصادنا.
فكل أجنبي مديراً في أي قطاع اقتصادي بحريني رئيسي، يُعدّ قصوراً ونقصاً في سياستنا التمكينية، حتى وإن كان ذلك الأجنبي (فريد زمانه) فإن استقطابه لا يُعدّ فوزاً عظيماً، إلا إن كان تأهيل البحريني واحداً من أهداف استقطابه، لا يجب أن تقتصر مهامه على إدارته للمؤسسة بل يسبقها أن يؤهل بحرينياً ويُعدّه ليكتسب مهاراته لا أن نستقطب هؤلاء (الفلتات) ليستوطنوا عندنا.
أي مدير أجنبي تطول مدة بقائه في مركزه أكثر من سنتين لابد من مساءلة سياسية عن الأسباب التي أبقته والأسباب التي لم تسمح للبحريني أن يقوم بأداء مهامه.
نحن لا نوفر ملايين الدنانير فحسب حين تكون القيادات في أيدٍ بحرينية، بل الأهم من توفير الأموال هو تمكيننا للقوى العاملة البحرينية باكتساب المهارات الإدارية المطلوبة لإدارة هذه القطاعات وتوطين الخبرة عندنا (للعلم فقط تبلغ كلفة العمالة الأجنبية في البحرين ومنهم مدراء الشركات الكبرى 180 مليون دينار سنوياً منها مصاريف أبنائهم الدراسية والعلاجية وسكنهم ومصاريفهم الشخصية أثناء سفرهم ووووو).
والأهم أيضاً هو حفظ أمننا واستقرارنا فلا تهزنا الزلازل الاقتصادية وتجعلنا تحت يد من لا يرحمنا، كما لا تضع أسرارنا ومعلوماتنا الأمنية الاقتصادية تحت أيدٍ أجنبية.
من جديد، لسنا ضد استقطاب الخبرات الأجنبية، ولا نملك عقدة تجاههم، ومقتنعون جداً بوجود مهارات لا يوجد لها مثيل في البحرينيين، إنما موضوعنا هو ما هي سياستنا وخطتنا وبرامجنا كدولة في تأهيل البحرينيين لقيادة الاقتصاد؟
نظرة إلى خارطة تلك المناصب سنرى أن اللون الأزرق بدأت مساحته تزداد على حساب الأحمر عن مرحلة السبعينات والثمانينات وحتى التسعينات، وهذا مؤشر تراجع وقصور في التمكين الاقتصادي.
التعليقات التي وصلتني من مدراء سابقين متقاعدين لشركات بحرينية كبرى ولبنوك بحرينية كانت لهم بصمات على نجاح الاقتصاد البحريني على المقالات الخاصة بالمدير الأجنبي تتحسر على مرحلة ذهبية كانت فيه القيادات البحرينية تحتل المقاعد الرئيسية في الصفوف الإدارية، حيث كانت السياسة تقتضي بأن يُمنح البحريني الثقة الكاملة في إدارة القطاعات الاقتصادية الرئيسية، واكتسح البحريني فعلاً تلك المواقع وحقق نجاحات بجدارة واقتدار وهذا الأهم، إنما بدلاً من أن نطور تلك السياسة ونبني عليها ونقتحم مواقع جديدة، تراجعنا مع الأسف.
أود هنا أن نشيد باستراتيجية «التمكين الاقتصادي» للمجلس الأعلى للمرأة، لأنها جعلت من تولي المرأة مناصب قيادية في القطاعات الاقتصادية المهمة هدفاً له برامج ومؤشرات قياس والأهم له متابعة حثيثة ورصد، مما يجعل تلك الاستراتيجية الشاملة التي تستمر بعملها الرقابي حتى استكمال المهمة وتقديم النصح والإرشاد حتى تكتمل، نموذجاً صالحاً للتكرار في التمكين الاقتصادي البحريني، الذي يبدأ بتوطين خبرات الإدارة في القطاعات الاقتصادية الرئيسية في الدولة ليكون هدفاً رئيسياً في السياسة الاقتصادية ومن ثم الإحلال.
ملاحظة:
لا يُعدّ نجاحاً أن يكون الواجهة بحرينياً بلا خبرة والإدارة الحقيقية في يد أجنبي حتى نذُرّ الرماد في العيون، النجاح هو تأهيل ومن ثم تمكين الأحمر ليكون هو صاحب القرار لا الأزرق.
0 تعليق