مشاعرنا الدافئة

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

* عندما نتحدث عن المشاعر الدافئة، فإنما نتحدث عن أحاسيس الحياة اليومية التي نعيشها، وتلك اللحظات التي نتبادل فيها المشاعر، ونستشعر فيها قيمة الأشياء التي نتلذذ بها في حياتنا. المشاعر الدافئة هي تلك التي نعيشها مع أحبابنا وأصحابنا وأعمالنا وحياتنا كلها، فنقدِّر قيمة «الإنسانية» التي نستمتع بها، ونقدِّر الخير الذي نقدمه للآخرين، ونهتم بالكل على حساب الجزء، فنهتم بجمال الصورة وإيجابيتها وحنانها وأثرها على مشاعرنا، وفي المقابل لا نعطي اهتماماً لتلك النقطة الصغيرة التي نسي الفنان أن يضع ألوانه فيها.

فهي لا تؤثر في نظرتنا ما دامت نظرتنا شاملة لمعاني الإيجابية، تعطي الدفء الحقيقي لكل من يقابلها، وتقدِّر جهود الغير، وتنظر للتغيير على أنه شعاع من الأمل والإيجابية، وتنظر لجمال الكون على أنه جزء لا يتجزأ من ابتسامتنا الحيوية، وجمال أرواحنا، وسعادتنا. هي المشاعر التي يجب أن نتبادلها بحب وشوق وامتنان، لا أن نصطاد العيوب الصغيرة على حساب الجمال الحقيقي للإنجاز، ونبادل الحب بالحب، ونثني على الإنجاز، ونتواصل بمشاعر تجعل الطرف الآخر يحس بما تشعر، ويحس أن هناك من يعرف أنه يسير في الاتجاه الصحيح. هي المشاعر التي تعزز المحبة، وتزيد من معاني الثقة، وتفسح المجال للنجاح والإنجاز والارتقاء في مدارج الخير.

* المخرج المُبدع «أحمد الشيخ»، عرفته منذ سنوات في أكثر من مناسبة، وأهمها برنامج «تم» بأجزائه الثلاثة، الذي هدف إلى إبراز ثقافة العطاء بين أبناء المجتمع، وكانت لي الفرصة للعمل معه في الإعداد، وكان العمل ممتعًا إلى أبعد الحدود، وبخاصة التواجد الفعلي بين الناس عند تصوير هذه الحلقات. وما زلت أذكر حلقة «عمال النظافة» التي كانت بالفعل رسالة جميلة للمجتمع، واستشعار النعم التي نعيشها، والمشاعر التي يعيشها أولئك الذين حُرموا من مشاعر (الأسرة). تجربتي في «تم» مع الأخ أحمد الشيخ كانت تجربة ثرية ورائعة، ومن المحطات الجميلة التي ما زلت أتذكرها وما زالت أصداؤها في نفسي. الأخ أحمد الشيخ لم يكتفِ بذلك، بل انتقل للعمل بفكر وعمل جديد من خلال برنامج (كفو)، الذي أبرز شخصيات وطنية معطاءة في مجالاتها، وانتقل هذا البرنامج بنسخته الثرية ليسلط الأضواء على قصص نجاح من المملكة العربية السعودية الشقيقة، وامتد أثر البرنامج لينفذ في دولة الكويت الشقيقة هذا العام، وقد استعرض البرنامج قصص نجاح مؤثرة من أبناء الكويت الشقيقة، تبث رسائل خير وعطاء، وتعطي رسائل الأمل للمجتمع، وتحفز الشباب ليكونوا قدوات خير وعطاء وأثر في أوطانهم. نحتاج إلى مثل هذه الأفكار الجميلة، أفكار (تم) و(كفو)، التي توصل رسائل خير للمجتمع، وتبث روح العطاء الإيجابي، وتجعلنا نستشعر كل النعم التي بين أيدينا.

* في حديثي اليومي في جامع الإيمان الكائن في حالة بوماهر، والذي اعتدت أن أتحدث فيه بخواطر يومية بعد صلاة العصر طيلة أيام الشهر الفضيل، استعرضت في هذه الأيام الحديث عن فضائل المسجد ضمن سلسلة دروس شهر رمضان المبارك التي أعدها قسم المساجد والإرشاد الديني بإدارة الأوقاف السنية. حقيقةً، من يقرأ بعض الأحاديث الخاصة بفضائل المسجد، يرى نفسه مُقصراً في حق المولى الكريم، ويكفي أن نعرف أن المساجد هي بيوت المتقين، لما ورد عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: «لتكن المساجد بيتك؛ فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المسجد بيت كل تقي، وتكفل الله لمن كان المسجد بيته بالروح والرحمة، والجواز على الصراط، إلى رضوان الله إلى الجنة»»، رواه البزار وحسنه المنذري والألباني. جميلة هي هذه اللحظات التي نقضيها في بيت من بيوت الله تعالى، نتدارس فيها كتاب الله تعالى، ونتدارس فيها الخير، ونلتقي برواد المسجد، فتتآلف القلوب، ويعم التراحم والتكافل بين الجميع. ما أجمل المساجد، وما أجملها في رمضان بصورة خاصة.

* وبدأت العشر الأواخر من رمضان، ومضت «الأيام المعدودات» سريعاً، فليحرص كل واحد منا أن يتأسى بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، الذي كان يجد ويجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها، وكان عليه الصلاة والسلام إذا دخلت العشر الأواخر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله. فحري بنا، يا من قصرنا فيما مضى من رمضان، أن نسارع الخطى لاستثمار أوقات العشر الأواخر من هذا الشهر الفضيل، لعلنا ندرك فيها فضيلة قيام ليلة القدر، فمن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

هي فرصة للقرب من الله تعالى، والإكثار من الطاعات، والتفرغ للعبادة، وترك هوامش الدنيا، فهي أيام جميلة، تتنزل فيها الخيرات والبركات والملائكة، وفيها العتق من النيران، فكلٌّ يعمل من أجل مرتبته في الجنان.

ومضة أمل

اللهم الطف بأحوال أهلينا في غزة، فقد اشتد بهم الخطب وعظم الكرب، ونسألك يا رب أن ترفع عنهم البلاء، وتنزل عليهم الطمأنينة والثبات، وتصبرهم على ما هم فيه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق