حين تُزهر القلوب وتضيء الأرواح

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أميرة البيطار

في رحلة الحياة، نجد أنفسنا مراراً نبحث عن ذلك الشعور الذي يعيدنا إلى الحياة، إلى النور، إلى السعادة. لكن ما يُحيينا حقاً ليس البعيد المنال أو المستحيل، بل هو في القرب من أولئك الذين يملؤون أرواحنا دفئاً، ويعيدون ترتيب فوضى مشاعرنا، ويُذكِّروننا أنَّنا ما زلنا أحياء، نبضنا ينبض بالأمل.

كما أن البذرة تحمل في داخلها سر الشجرة العظيمة، نحن أيضاً نحمل في أعماقنا طاقة عظيمة، تنتظر فقط منا أن نصدقها ونرعاها. فكل ما نبحث عنه موجود بداخلنا، لكننا بحاجة إلى الإيمان بأننا نستطيع، تماماً كما تؤمن البذرة أن بإمكانها أن تصير شجرة تُظِل العالم.

ومهما اشتدت الظلمة أو أغلق اليأس أبوابه، يبقى هناك مخرج، طريق سري لا يراه إلا أولئك الذين يصرون على المضي قُدماً. فالليل مهما كان طويلاً، له قمر يضيئه، وعمقنا المظلم يحمل نوافذ صغيرة تنتظر من يفتحها للنور. اقترب من الذين يفتحون لك أبواب الأمل، أولئك الذين يرون النور في أعماقك ويؤمنون بأنك تستطيع أن تضيء العالم. فالحياة ليست في صلابة القلوب، بل في رقتها، في قلوب تُزهر حباً كلما أمطرت، بينما تصدأ القلوب الجامدة التي لا تعرف معنى العطاء.

القوة الحقيقية ليست في قسوة القلوب، بل في العطف والحنان. الحب يحتاج إلى نفس عظيمة، بينما الكراهية طريقها سهل، لا يحتاج إلا لنفس ضعيفة.

ولعل أجمل دروس الحياة أن الأشياء لا تأتي إلا حين نتوقف عن مطاردتها. كلما زهدنا فيها، اقتربت منا، وكأن الحياة تختبر صدق احتياجنا.

ولا تنسَ أن العمر ليس إلا رقماً، لا يُعرِّف حقيقتك. قد يكون في أعماقك طفل بسن الستين، أو روح هَرِمة في العشرين. ما يهم هو كيف تحيا، كيف تحافظ على تلك الطفولة البريئة التي ترفض منطق الكبار القاسي، وتحيا الحياة بكل حبها ونقائها.

والمقصد أن الوحدة ليست لأن أحداً ليس معك، بل لأنك أنت لست معك. عد إلى ذاتك، إلى روحك، واسكب فيها الحب والأمل. فالحياة الحقيقية لمن لم يخسروا طفولتهم، ولم يسمحوا للعالم أن يطفئ نور أرواحهم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق