مضامين تربوية في السنة النبوية

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

د.سامح بدوي

السنة النبوية منهج تربوي متكامل يحمل في طياته قيماً شكّلت وجدان الأمة، وصنعت رجالاً وقادة غيّروا ملامح التاريخ. فقد بُعث صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق، فكان معلماً وقدوةً ورسولاً تجلّت عليه آيات الله، فكان خلقه القرآن. لقد ربّى أمة فتية على منهج تربوي وفلسفي متكامل، توافقت معه لاحقاً مختلف العلوم والنظريات التربوية الحديثة.

كانت مواقفه وسلوكياته نموذجاً تربوياً جعل من مجتمع البداوة مجتمعاً علّم البشرية معاني التسامح والرحمة. أسس صلى الله عليه وسلم نماذج تربوية منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام، قبل أن يتباهى علماء النفس والتربويون بتدريسها في مجلدات وموسوعات ضخمة. فقد أقرها صلى الله عليه وسلم في مواقف غاية في البساطة، فعلم الأمة الوضوء والصلاة بالنمذجة، وأقر منهجية إدارة الذات حين قال: «لا تغضب». كما وضع أساس علوم التربية الإيجابية بنموذج عملي عندما بال أعرابي في مسجده، فقال لصحابته: «دعوه»، ثم ناقشه بالحجة، ليترك لنا منهجاً تربوياً وأخلاقياً قوامه الحوار والمناقشة واستراتيجية الإقناع.

علّم الفرائض بالتكرار والممارسة، وشكّل هوية الأمة بالمنهجية القصصية، والتعلم بالنمذجة والقدوة، وإدارة الأسئلة والأجوبة، والتحفيز، والتمايز، وبناء الفكر الاستراتيجي في السلم والحرب.

أسس لفكر القيادة حين ولّى أسامة بن زيد على جيش يضم كبار الصحابة، واضعاً منهجاً في بناء الثقة بالنفس والشجاعة وتحمل المسؤولية، والطاعة والعمل عندما تختلف الأدوار، فلا شيء يعلو فوق القيادة. مثل هذه المضامين التربوية، وغيرها المئات، أنتجت جيلاً تربّى تربية نموذجية، صنعت «رجالاً حول الرسول»، كما وصفتهم بعض الأدبيات. نعم، رجالاً وقادة استثنائيون، كان كل واحد منهم منهجاً متكاملاً يجمع بين الحزم واللين.

تعلمنا منه صلى الله عليه وسلم كيف نغرس في أبنائنا معاني التحضر، والخلق، والقدوة، والتواضع، والعمل. هؤلاء الرجال الذين ربّاهم محمد صلى الله عليه وسلم وشاركهم بناء الأمة، أثبتوا أن الرجال هم من يبنون المجتمعات، ويعززون قيم التآلف، عندما يستوعبون مضامين التربية النبوية، ويحاكون أخلاقها، ويبحثون في كنوزها، ويوظفونها في مواجهة مختلف التحديات.

فالسنة النبوية ليست مجرد منهج تربوي، بل هي خارطة طريق للحفاظ على الهوية والعقيدة، وبناء مجتمع متماسك وقوي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق